أنس الصبري/ عضو باحث بالمركز الاوروبي لدراسات محاربة الارهاب و الاستخبارات بألمانيا انتقل الصراع السياسي في الجزائر الى تسمية الاطراف بمسمياتها، بعد ظهور تعليمات قيل انها صادرة عن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، تبطل كل توجيهات وزيره الاول عبد المجيد تبون، لصالح رجال المال الذين عايشوا اياما عصيبة بعد الحرب التي اعلنها الوزير الاول المتواجد في عطلة بفرنسا، ليكتشف الرأي العام ان الامور ليست على ما يرام في اعلى هرم السلطة. بوتفليقة لم يصدر أي تعليمات للحكومة، ومدير الديوان الرئاسي أحمد أويحيى هو من يقف وراء التسريبات، ورجال المال يردون بقوة و ينتقدون الوزير الاول عبد المجيد تبون، في غيابه، حيث يتواجد بباريس لقضاء عطلته، على وقع هذه الاحاديث تعيش الجزائر، وقد تطور الصراع مباشرة بعد لقاء تبون والوزير الاول الفرنسي بباريس، في سابقة تاريخية. وفندت مصادر رسمية بشكل قاطع، صحة الأخبار التي تم تداولها بخصوص توجيه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تعليمات للوزير الأول عبد المجيد تبون، بالكف عن مضايقة رجال الأعمال والمتعاملين الاقتصاد، وقالت إن ما تم تداوله هو محض افتراء وأنه مجرد رسالة كتبها ووقعها المستشار برئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، ولا علاقة لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بها لا من قريب ولا من بعيد، على اعتبار أن الرئيس بوتفليقة من أشرس المدافعين على قدسية مؤسسات الدولة، ويعرف جيدا أن التواصل مع حكومته أو إعطاءها توجيهات، وأنه لا يتم عبر القنوات غير الرسمية، وفي حال الضرورة فإن وكالة الأنباء الجزائرية او التلفزيون العمومي هي الأولى بإخطار الرأي العام وليس عبر تسريبات من مدير الديوان أحمد أويحيى. وتم تأويل الرسالة التي حررها أحمد أويحيى، واعطائها طابعا رسميا لإيهام الرأي العام الوطني والدولي، بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وقف إلى صف رجال المال ضد الحكومة التي عينها في 24 ماي الفارط، وهو ما يعتبر بمثابة أكبر انحراف في تاريخ الجزائر المستقلة، حيث اصبح مدير ديوان الرئيس لعبة في يد أصحاب المال ضد الرئيس والحكومة، و جاءت الرسالة تأكيدا لانخراط اويحيى، في الحرب ضد الوزير الأول عبد المجيد تبون، لإنعاش حظوظه في الترشح لخلافة بوتفليقة في 2019. وحملت الرسالة جملة من الاتهامات لحكومة الوزير الأول عبد المجيد تبون، على غرار التحرش بالمتعاملين الاقتصاديين، و الإضرار بمناخ الاستثمار بالجزائر، لدى الملاحظين الأجانب، وهو ما يعتبر تشكيكا في قرارات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، و صفعة لمؤسسة البرلمان بغرفتيه الذي صادق بالإجماع على مخطط عمل الحكومة، بالاضافة الى الحديث باسم رئيس الجمهورية والتعبير عن انزعاجه من قرارات الحكومة لوقف نهب العقار الصناعي. من جهة اخرى، خرجت المعارضة عن صمتها، و قالت على لسان النائب حسن عريبي، عن الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء، ان الرسالة لرئيس الجمهورية و هي بمثابة انتصار بوتفليقة لشقيقه السعيد، وهي مسرحية مكشوفة، و اشار النائب الى انه وفي وقت تصاعدت فيه وتيرة التضامن مع الوزير الأول الذي أبدى نية طيبة في محاربة الفساد وقطع الطريق على الفاسدين، وفي وقت كان الجميع يتوقع موقفا صارما من الرئاسة بدعم مساعي الوزير الأول، تفاجأ الشارع برسالة عاجلة تدعو الحكومة للكف عن محاربة الفساد والفاسدين، وتسهيل مهمتهم في مزيد من النهب، وهذا معناه انتصار لشقيقه المتحالف مع عصابة المال والأعمال، و تابع إن لم تكن المعلومة صحيحة فالرئيس مطالب بالخروج عن صمته وإجابه شعبه في الموضوع وتبرئة ذمته من رذيلة تكريس ومساندة الفساد وحماية المفسدين. من جانبه، قال عبد الرزاق مقري الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، أن جهات داخل السلطة قلقة من الوزير الأول عبد المجيد تبون بسبب الطريقة التي يدير بها الحرب ضد الفساد، موضحا أن خرجة تبون ضد الفساد أعطته شعبية كبيرة تؤهله للمنافسة الجادة على رئاسة الجمهورية من داخل السلطة وهذا خط أحمر يجوز معه كل الضربات من فوق الحزام وتحته. و ازداد الامر غموضا في المشهد السياسي بالجزائر، بعد ظهور الامين العام للحزب الحاكم جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، بتصريحات تعطي انطباعا ان الرسالة هي لرئيس الجمهورية و ان ما جاء فيها هو الصواب، و هي التصريحات التي استغربها الشارع الجزائري و اعتبرها بداية لمعركة سياسية على كرسي الرئاسة بين رجالات الظل، قد تنتقل الى الشارع في اي لحظة.