أنس الصبري: عضو باحث بالمركز الأوروبي لدراسات محاربة الإرهاب والاستخبارات بألمانيا تعيش الجزائر على وقع معركة بين رجال المال والأطراف السياسية الحاكمة تكشف عن التحضير لما بعد بوتفليقة، في مشهد شد انتباه الرأي العام الداخلي والخارجي ابطاله رجال اعمال يقودهم المدعو على حداد، يقابله رئيس الحكومة الجديد عبد المجيد تبون. تدهورت العلاقة بين رجال المال بقيادة علي حداد بحكومة عبد المجيد تبون، بعد ان عرفت محاولات تغول المال في السياسة فخلال عهدات رئيس الحكومة السابق عبد المالك سلال، لدرجة ان رجال المال و الاعمال باتوا ينظمون لقاءات مع السفراء بعيدا عن اعين السلطة، و باتوا يشكلون حكومة موازية تهدد السلطة القائمة، خاصة ان زعيمهم علي حداد كان يعتبر احد اقرب المقربين من السعيد بوتفليقة، شقيق رئيس الجمهورية، غير ان ما حدث في منتدى الاستثمار الجزائري الإفريقي المنعقد بالعاصمة الجزائرية في الأشهر الماضية، كان المنعرج الدي كشف عن عودة قوية لجهاز الاستخبارات الدي تم حله من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة و إحالة قائده المعروف بالجنرال توفيق، على التقاعد المسبق، و هو الحادثة التي اهتزت لها الجزائر و العواصم الغربية. لقد أهينت الدولة الجزائرية على يد منتدى رجال المال والأعمال وأدى بحكومة سلال، إلى الانسحاب من قاعة منتدى الاستثمار الجزائري الإفريقي، وسط استغراب السلك الدبلوماسي الذي كان حاضرا، بعد أن انفرد رجل المال علي حداد بالكلمة قبل رئيس الحكومة عبد المالك سلال انداك، هكذا و صف المتابعون الحدث، غير ان مصدر مطلع كشف ل"الجريدة"، حقيقة ما جرى خلال المنتدى، في تصريحات حصرية، و قال ان ما حدث اكبر مما قيل، حيث ان علي حداد رئيس منتدى رجال الاعمال قام بدعوة رجال من الاستخبارات المغربية على أساس انهم رجال اعمال، لجهله من جهة و عدم استشارته للمصالح الأمنية الاستخباراتية التي تمت اقالتهم من جهته أخرى، و كان علي حداد احد المطبلين لتنحيتهم، و تابع ان دعوة علي حداد لرجال استخبارات مغربيين لمنتدى الاستثمار الجزائري الإفريقي، تم عن طريق باريس العاصمة الفرنسية، حيث طلب علي حداد من سفير الجزائربباريس باستصدار تأشيرات دخول المغاربة، و هو السفير الدي تعرض للاقالة من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة على خلفية الحاثة، و قد اظهر السفير رسالة نصية وصلته من طرف على حداد يطلب استصدار التأشيرة، و أشار الى ان احد رجالات الاستخبارات الجزائرية الحاضرين بقاعة المنتدى لاحظ تواجد رجال الاستخبارات المغربية و هم الذين تم وضعهم على قائمة المبحوث عنهم و الممنوعين من دخول الجزائر وفق قائمة الاستخبارات الجزائرية. وأوضح المتحدث انه مباشرة وبعد الحادثة تطورت الأمور الى تحرك قيادات الاستخبارات الجزائرية المقالة التي سارعت الى احتواء الوضع والقاء القبض على المعنيين في سرية تامة، وتم عقد اجتماع بين رئاسة الجمهورية بحضور الرئيس بوتفليقة و شقيقه السعيد و أيضا المكلف بالتنسيق بين الأجهزة الأمنية برئاسة الجمهورية الجنرال بشير طرطاق، مقابل رئيس الجهاز الاستخباراتي المقال الجنرال محمد مدين، المدعو توفيق، و بعض الجنرالات، و تم اللقاء لمناقشة الهفوات الحاصلة و درجة التهاون الذي بلغته الجزائر، ليتم الاتفاق حول إعادة الاعتبار للجهاز المنحل وفق معطيات جديدة و هو الذي حصل، مشيرا الى ان الحادثة دفعت علي حداد الى الفرار مباشرة نحو اسبانيا خوفا من رد فعل الأجهزة، ليتم اعادته للبلاد لاتمام مهامه، و قد انتهت هذه الأيام مع ما يحصل بينه و بين رئيس الحكومة عبد المجيد تبون، الذي اصدر اليوم بيانا يؤكد من خلاله أن تكريس مبدأ الفصل بين السلطة السياسية والمال مدرج في مخطط عمل الوزارة الأولى، وأنه حظي بتزكية رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء و مصادقة البرلمان بغرفتيه، و أن لا شيىء يمكن أن يثني إرادة الحكومة التي ستظل ملتزمة بإنجاز أهدافها المسطرة في مخطط عملها، و هو ما يتطابق مع برنامج رئيس الجمهورية المصدر الوحيد للشرعية. و منذ شهرين وبسرعة فائقة أعاد تبون للحكومة هيبتها، عندما أعلن في برنامجه الحكومي الفصل بين الثروة والثورة، أي بين المال والسياسة، ومحاربة الفساد، وقرر إلغاء جملة من القرارات التي اتخذتها الحكومة السابقة، كما وجه عبر وسائل الإعلام الوطنية اعذارات للمقاولين منهم علي حداد، رئيس منتدى رجال المال، تطالبهم بالإسراع في إتمام المشاريع التي أسندت إليهم، بعضها يعود لعام 2008، و كشف عن اختفاء نحو 7 آلاف مليار سنتيم، و صرف 12 مليار دولار على مشاريع لم تنجز منها سوى 5 بالمئة. حداد و لمواجهة الخطر، جمع اول امس، معظم النقابات الممثلة في منتدى رجال المال والأعمال، إلى جانب المركزية النقابية الحكومية، ووقعوا بيان إعلان الحرب على الوزير الأول عبد المجيد تبون، في مؤشر يوحي الى ان الأيام و الأسابيع و الأشهر القادمة ستكون ساخنة بين مختلف الأقطاب المتناحرة على خلافة بوتفليقة، فبين مدير ديوان الرئيس بوتفليقة و الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي الشريك في الحكم، احمد اويحيى، و شقيق الرئيس السعيد بوتفليقة، و رئيس الحكومة السابق عبد المالك سلال، و المدير العام للأمن الوطني عبد الغاني هامل، ستشهد الجزائر سيناريوهات أفلام هوليوودية قد تكون هادئة كما يمكن ان تعرف سخونة كالتي أحرقت عديد المناطق.