تتجه الجزائر الى مواجهة سياسية ساخنة سخونة صيف هذه السنة، بعد إقالة الوزير الأول عبد المجيد تبون، الذي لم يمكث في منصبه أكثر من شهرين ونصف الشهر، وتعيين احمد اويحيى، خلفا له، في قرار نصف مفاجئ، بالنظر للأحداث التي عرفتها الحلقة الهرمية في السلطة بين مختلف الإطراف المتصارعة. وأكدت الرئاسة الجزائرية إقالة رئيس الحكومة عبد المجيد تبون، وتعيين احمد اويحيى مستشار الرئيس بوتفليقة خلفا له، في تحول غريب جعل أنظار الرأي العام الداخلي كما الخارجي مشدودا، غير ان العارفين أكدوا أن التغيير في رأس الحكومة كان نتاج المعركة الحاصلة بين أقطاب السلطة على كرسي الرئاسة، و هي المعركة التي تشارك فيها باريس وواشنطن عبر لوبيات قوية باتت تفرض مواقفها عبر المؤسسات المختلطة التي أخذت منعرجا حاسما في الجزائر. وقالت مصادر حكومية إن تنحية عبد المجيد تبون، مباشرة عقب عودته من عطلته، امس، كان بسبب عدم توافق رؤيته مع سياسة الرئيس بوتفليقة، غير ان الحقيقة عكس ذلك على اعتبار ان بوتفليقة ليس الحاكم الفعلي في الجزائر منذ مدة بسبب المرض، وهو ما كانت المعارضة قد أشارت إليه بعد مطالبتها بتفعيل المادة 88 من الدستور التي تنص على إجراء انتخابات رئاسية مسبقة بسبب شغور المنصب، و جاءت إقالة تبون عقت المعركة التي ظهرت بينه ومن وراءه جماعة قوية في المؤسسة العسكرية وطرف أخر ممثلا في رجال المال المحسوبين على السعيد شقيق الرئيس بوتفليقة. و كان الصراع بين رجال المال و رئيس الحكومة المقال بعد اقل من 3 اشهر عن تعيينه، قد اشتد لدرجة ان الرئيس بوتفليقة، وجه رسالة شديدة اللهجة تنتقد إجراءات رئيس الحكومة تبون، ضد رجال المال و الأعمال، وهي الإجراءات التي اعتبر المقربون من الرئيس بوتفليقة، أن تبون حاول المساس بمصالح بعض المنتمين إلى "الطبقة الأوليغارشية" المحيطة ببوتفليقة، وان السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس هو المستهدف، على اعتبار انه يسعى للترشيح للرئاسة خلفا لشقيقه. و في سياق تعيين اويحيى، ابرز رئيس البرلمان السابق، عبد العزيز زياري، أن تعيين أحمد أويحيى وزيرا أولا هو الخيار الأفضل، مضيفا أن أويحيى يعتبر أكثر رجالات الدولة تحكما في الملفات الاقتصادية والسياسية الراهنة، وقال ان تعيين أويحيى في منصب الوزير الأول تأخر لحوالي عامين أو 3 أعوام، و كشف ان أويحيى وبالتشاور مع رئيس الجمهورية سيعلن عن تشكيلة الحكومة الجديدة. و جاء إنهاء مهام عبد المجيد تبون، بعد الجدل الكبير الذي عرفته الساحة الجزائرية خلال الأسبوع الفارط، أين كان الرجل يقضي إجازته خارج البلاد، فلقاءه بالوزير الأول الفرنسي وهو في عطلة، اعتبره العديد من المختصين خطيئة دبلوماسية كبيرة، ضف إليها الرسالة المجهولة التي حذرته من التضييق على رجال الأعمال والزخم الإعلامي الذي رافقها، كلها مؤشرات كانت توحي بأن الرجل أيامه معدودة على رأس الوزارة الأولى، ويرى مراقبون أنه كان من الأجدر بتبون، أن يلتزم بما صرح في البرلمان، حين أكد أنه لن يأخذ عطلته، بالإضافة إلى منع وزراءه من العطلة بالنظر للمشاكل الكبرى التي تعاني منها البلاد، خصوصا غداة موجة الحرائق التي طالت 23 ولاية، والأمطار الطوفانية التي مست الجنوب، إلى جانب ما طبع منظومتي العقار الصناعي والاستثمار، وتجميد الحاويات عبر الموانئ. وقال رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، علي حداد، خصم رئيس الحكومة المقال عبد المجد تبون، في أول رد فعل بشأن التغيير الذي أجراه الرئيس بوتفليقة بإنهاء مهامه وتعيين أويحيى، انه بمناسبة تعيين أحمد أويحيى وزيرا أولا من طرف رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أتقدم إلى معالي الوزير الأول بأحر التهاني، وتابع انه باسمي الشخصي ونيابة عن كافة أعضاء منتدى رؤساء المؤسسات، نجدد التزامنا الثابت والمبدئي، للعمل جنبا إلى جنب مع معالي الوزير الأول وكافة مؤسسات الجمهورية في كنف الحوار والتشاور، وخلص للقول ان خدمة الوطن ستبقى هدفنا الأسمى، وسنعمل سويا من أجل بناء اقتصاد مستدام وتنافسي يضمن للجزائر قوتها ولمواطنينا العيش في رفاهية. أنس الصبري/ عضو باحث بالمركز الأوروبي لدراسات محاربة الإرهاب والاستخبارات بألمانيا