أسدل الستار الليلة الماضية على فعاليات الدورة الثالثة والخمسين لمهرجان الحمامات الدولي، بعرض موسيقي للفنان وعازف العود التونسي والعالمي أنور ابراهم، حمل عنوان "بلو مقامات"، وهو العرض الأول من ضمن جولة عروض عالمية لهذا العمل الجديد الذي أطلقه في شهر ماي الماضي . "بلو مقام" تزاوج بارع بين موسيقى الجاز والبلوز والموسيقى العربية كشف مدى سحرتآلف أنغامها عازف العود أنور ابراهم بشاعرية وعمق إنساني رفقة ثلاثة عازفين من ألمع نجوم الجاز في العالم هم "ديف هولاند" على آلة "الكونترباس" و"دجانغو باتس" على البيانو و"ناشيت وايتس" على "الباتري". ملتزما بالموروث الموسيقي العربي الأصيل، راوح الفنان أنور براهم ومجموعته خلال هذا العرض بين أنماط موسيقية غربية هي الجاز والبلوز، مقدّما مقاطع موسيقية وبألحان انطباعية وارتجالات "تعري" أحاسيس الحزن المكتومة في الوجدان الإنساني . فكانت الموسيقى التي تنبعث من الآلات الموسيقية هادئة حزينة يرتفع نسقها أحيانا ليعكس حالة الصراع والتمزّق التي يعيشها الإنسان في عالم جريح من مخلفات الحروب والأعمال الإرهابية التي تصاعدت وتيرتها في السنوات الأخيرة. ويحيل "عنوان هذه الباقة الموسيقية "بلو مقام" إلى مفهوميْن اثنيْن هما موسيقى "البلوز" بما هي نمط موسيقي غربي يتميّز بطابعه الحزين، و"المقامات" بما هي صورة للموسيقى العربية الشرقية عموما ترجمها أنور ابراهم في آلة العود الوترية ذات الألحان الحزينة أيضا. ولعلّ لهذا العنوان دلالة على أن المعاناة مشتركة بين شعوب الأرض مهما كانت اختلافاتهم. وفي هذا العمل "بلو مقام" الذي تمتزج فيه الموسيقى الشرقية بموسيقى البلوز الغربية، دعوات للحوار والسلام والانفتاح والتعايش السلمي بين الشعوب وللتفاعل الثقافي والقبول بالآخر، ووقف نزيف الحروب والاقتتال انتصارا للقيم الإنسانية الكونية. وقد تمّت ترجمة هذه المعاني والدلالات في حوارات موسيقية ثنائية، خلال العرض، جمعت بين آلة العود والبيانو أو العود و"الكونتر باص" مضمونها الحوار كحلّ أمثل لتلافي الصراعات. وخيّر أنور ابراهم تكريم تونس في نهاية العرض على ألحان الأغنية الاحتفالية "ريتك ما نعرف وين" للفنان لطفي بوشناق.