يزداد المشهد السياسي الليبي تعقيدا يوما بعد يوم وتزداد وتيرة التصريحات والاتهامات بين الأطراف المتداخلة بتأجيج الأوضاع فيه، فبعد تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأخيرة والتي أعلن فيها "شرعية التدخل العسكري المصري في ليبيا" ردت حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج معتبرة أن هذه التصريحات هي بمثابة إعلان "حرب"، لتتوالى بذلك ردود الأفعال بين المؤيد للسيسي والرافض له ولتصريحاته. " الجريدة" اتصلت بالخبير في الشأن الأمني علي زرمدين، الذي بينا لنا مدى مشروعية التدخل العسكري المصري في ليبيا. فحسب محدثنا فاٍن الوضع الليبي معقد جدا وهو وضع لا يقتصر على الليبيين فقط بل هو متشابك على اعتبار أن هذا البلد بؤرة توتر ليس إقليمية فقط بل دولية لاحتضانه الإرهاب والإرهابيين وانعدام الأمن والدولة فيه ولتخزينه ثروات ضخمة في باطنه هي مطمع كل القوات في العالم. وأضاف أن المصالح تشابكت في ليبيا وتداخلت جميع الأطراف لكن المتضرر الأول من الوضع الليبي هي دول الجوار وأولها مصر من الناحية الشرقية وتونس والجزائر من الناحية الغربية على اعتبار الترابط الاجتماعي بين هذه الدول وبين ليبيا إلى جانب الجانب الاقتصادي لذلك فاٍن ما يحدث في ليبيا هو بالأساس يمس الأمن القومي لهذه الدول في الصميم، لذلك فاٍن هذه الدول الثلاث هي الأقرب إلى التدخل السلمي بين الفرقاء الليبيين وهي الأولى بإيجاد أرضية الاتفاق والتفاهم بين أبناء البلد المتناحرين فيما بينهم، لكن وللأسف الدول الخارجية تعمل على جعل هذه الدول في الصف الثاني وأن تكون هي القائمة بالشأن الليبي. ولذلك فاٍن هذه الدولة ،ويعني محدثنا دول الجوار الليبي، تحاول التحرك لحماية أمنها القومي ، فمصر بعد سقوط حكم محمد مرسي الذي فتح لتركيا مجالات متعددة أصبحت مستهدفة من قبل حكومة أردوغان بعد أن عطل السيسي مصالحه في مصر. فحسب الخبير فاٍن تركيا تسعا إلى محاصرة مصر وتضييق الخناق على حكومة السيسي من خلال عدة إجراءات واتفاقيات بدأت بالاتفاق السابق مع البشير الذي انتهى بسقوطه وكذلك بتغذية الفتنة القائمة بين مصر وأثيوبيا حول سد النهضة الذي يهدد أمن مصر الزراعي والذي يمكن أن يقلص من حصة مصر من المياه المتدفقة في نهر النيل، إلى جانب الحصار البحري في المتوسط بين تركيا والسراج الذي تسعى تركيا به إلى تضييق الخناق على مصر ، ومع تقدم تركيا داخل الأراضي الليبية نحو الشرق يزداد خطر تطويق مصر ومحاصرتها من كل الجهات وهو ما يدركه عبد الفتاح السيسي جديا خاصة مع وجود حرب داخلية ضد الإرهابيين في سيناء لذلك أصبحت لدى مصر مسألة الوضع الليبي مسألة أمن قومي وهي مستهدفة وهي في حالة حرب حقيقية.