دعت الجمعية التونسية "تاريخ ومصالحة"، اليوم الجمعة، إلى "إنصاف" فترة حكم "البايات"، التي امتدت في تونس لنحو خمسة قرون. واكد رئيس الجمعية، سفيان بن مراد، وعدد من المؤرخين والباحثين التونسيين، اليوم، أثناء منتدى ثقافي، بالعاصمة تونس، على ضرورة مراجعة "التشويهات" التي تعرّض لها "بايات" تونس، في فترة ما بعد الاستقلال عام 1956.
و"البايات"، هم الولاة الذين تعاقبوا على حكم ولاية تونس منذ القرن ال 16، وحتى القرن ال 20، في ظل الحكم العثماني. وأقدم أوّل رئيس في تاريخ تونس الحديث، "الحبيب بورقيبة"، بعد عام ونصف من الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي عام 1956، بانهاء حكم البايات (ملكي)، وإعلان النظام الجمهوري. وفرض بورقيبة في ال 25 من جويلية 1957، الإقامة الجبرية على آخر بايات تونس "محمد الأمين الباي" وعائلته. كما دعا رئيس الجمعية، المعنية بالتدقيق في فترة حكم البايات، إلى إنصاف أفراد آخر عائلة البايات، بإدراجهم ضمن مشروع "العدالة الانتقالية"، الذي أقرّه المجلس التأسيسي التونسي العام المنقضي، من أجل التعويض المعنوي والمادّي للتونسيين، الذين تعرّضوا لانتهاكات نظامي بورقيبة وزين العابدين بن علي منذ عام 1955. وطالب أعضاء الجمعية إلى جانب المؤرخين الحاضرين في المنتدى الثقافي، إلى مراجعة الفقرات المدرجة ضمن المناهج المدرسية حول ما كتب من التاريخ التونسي المعاصر عن حكم "البايات". وأوضح بن مراد في حديثه للأناضول أن "الجمعية تسعى إلى إعادة النظر في كتابة التاريخ التونسي المعاصر، دون إقصاء أو تهميش أي جهة بما فيها البايات". واعتبر أن فترة ما بعد الاستقلال "شوّهت بعض الحقبات من التاريخ التونسي، بتمجيد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، وتهميش بقية الشخصيات الوطنية". وأوضح أن "ملامح الدولة الحديثة لتونس، لم تكن بدايتها عام 1957 على عكس ما زعم النظام البورقيبي عندما تمّ إعلان النظام الجمهوري للبلاد، وإنّما انطلق مع الاصلاحات التي قام بها البايات منذ نهاية القرن الثامن عشر، عندما قام البايات الحسينيون بتأسيس المدارس العصرية، وتكوين الجيش التونسي، ووضع أول دستور في العالم العربي الإسلامي عام 1861".