تهميش و فقر و خصاصة و ما خفي كان أعظم ذلك نتاج الانجازات و مخططات المشاريع النوفمبرية في المناطق الداخلية من البلاد أو ما كان... يعبر عنها في العهد البنفسجي بمناطق الظل. عائلات تعيش في وضع يصعب إيجاد التعبير لنقل مدى كارثيته و تأزمه، عائلة عبد الحفيظ الجديدي من قرية أولاد سدرة بمنطقة عين سعيدة من معتمدية عين دراهم من ولاية جندوبة هي عينة من أناس كرمتهم الرعاية اللاهية و همشتهم الأنانية البشرية. عائلة من ثلاثة أفراد يشتكي اثنان منهما من شلل رباعي وأم أقعدها الكبر و المرض و أب عجوز أعيته الأيام و أثقلت كاهله الهموم، عائلة تعيش في غياهب النسيان و التعتيم لا عائل ولا كاشف لهمها إلا الله. على مسافة بعيدة جدا من معتمدية عين دراهم تقع قرية أولاد سدرة; ذهبنا إلى هناك للإطلاع على واقع هذه الأسرة،رافقنا إلى المنزل ابن المنطقة و ذلك نظرا لصعوبة الوصول الى المكان الذي يقع قبالة الحدود الجزائرية. ظروف جد قاسية تعيشها هذه الأسرة بسبب الإْعاقة ،هذا ما حدثنا مرافقنا الذي يعلم وضعية أفرادها ولكن كانت المفاجأة أن ما رأيناه يفوق الوصف ويتعدى التصور ضارباً خطاً بيانياً مرتفعاً للفقر و الخصاصة و المعاناة ،فما وصفه السيد المرافق عن واقع هذه الأسرة قليل جداً أمام المشاهدات . إعاقة مع شلل رباعي يمنعهم من الحركة منزل متكون من غرفة واحدة أنهكه الزمان و القدم و قست عليه الطبيعة بليال و أيام قارسة البرودة حتى تشققت جدرانه و تسرب الماء من الشقوق المنتشرة في جميع النواحي. في وسط الغرفة وعلى قطع من الكرتون و منضدة بالية يستلقي كل من الابن و الابنة اللذان يعانيان من هذا الوضع حسب ما قالت الأم منذ الولادة . لدى دخولنا الى الغرفة استقبلتنا والدة المعاقين المقعدة وسردت لنا معاناتها التي انطلقت منذ ولادة أبنائها على هذه الشاكلة فالفقر و الخصاصة كما عبرت باتا رغيفها اليومي و رغيف زوجها العجوز ولكن مرضها هي الأخرى و عدم قدرتها على رعاية أبنائها الذين ألزمتهم الإعاقة والشلل الرباعي عدم الحركة والجلوس في غرفة واحدة حيث لا يستطيعون حتى قضاء حوائجهم الشخصية. هذا ما ضاعف المأساة و عمق أزمة العائلة. تقول الأم إنها مؤمنة بقضاء الله وهي على يقين أن ما تمر به هي و عائلتها سينتهي يوما ما و لكنها في نفس الوقت لا تخفي خوفها عن أبنائها خاصة و أنهم لا يتمتعون بمنحة وليس لهم عائل من دون الله و أب عجوز يعتني بهم ويعمل في الحظائر من اجل توفير لقمة العيش . وضع كارثي بأتم معنى الكلمة تعيشه هذه الأسرة، و ضع لا يحتمل التأويل بل العمل و السعي إلى تدارك ما فاتنا من أخطاء الماضي إنها فرصتنا للم الشمل من جديد فرصة لنقول لمن أنستنا فيهم الإرادة السياسية لقد جمعتنا الإرادة الإلهية و رب ضارة نافعة لماذا لا نساعدهم ونكون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد. نجوى عبيدي