بعد تجاوزنا لزمن الاستبداد و الديكتاتورية التي كانت تسيطر على القرار و تكبل الحريات و الإبداعات التي ترمي للإصلاح... و تجاوز النقائص و مواكبة التطورات الحاصلة عالميا في جميع المجالات و خاصة منها الإدارة فقد أصبحت النية تتجه نحو النهوض و السمو بالبلاد و تجاوز مخلفات الماضي و اعتماد الآليات التكنولوجية و المعلوماتية الحديثة التي تخول للإدارة تقديم خدماتها في جو من التفاعل و الشفافية لذلك بادر منتدى "نور" من أجل جمهورية جديدة باعتباره إطارا للتفكير في قضايا التنمية الاجتماعية و الاقتصادية لتحديد و تقييم السياسات الاقتصادية المختلفة لتحقيق تنمية مستديمة و عادلة بتنظيم ندوة حول إصلاح منظومة العدالة باستعمال تكنولوجيا المعلومات خاصة و قد التزم هذا المنتدى بالمساعدة في بناء دولة ديمقراطية نابضة بالحياة و التسامح في تونس لإنشاء حكومات مسؤولة تعمل بطريقة شفافة لوضع سياسات عامة لضمان أكبر قدر من المساواة في المجال الاقتصادي و السياسي و التشريعي و ضمانا للحقوق الأساسية . دور تكنولوجيا الاتصال في إصلاح منظومة العدالة إن الإدارة لم تأخذ حظها في العهود السابقة من التطور التكنولوجي و ظلت تعمل بطرق تقليدية و هذا ما أضعف مردوديتها خاصة و الكل يعلم ان العالم في تطور مستمر خاصة في مجال تكنولوجيا الاتصال لذلك و بعد الثورة يجب ان نلحق الإدارة بركب التطور خاصة قطاع القضاء باعتباره محرك العدالة التي لا يمكن ان تتحقق إلا من خلال استخدام منظومة إعلامية واضحة و ذلك يتطلب توفر إرادة الحكومة باعتبارها مفتاح كل الإصلاحات هذا و تجدر الملاحظة انه كانت لدينا عدة تجارب في مجال إدخال نظم المعلوماتية لكن وجدت أسباب سياسية و إدارية حالت دون نجاح هذه التجارب لذلك و بعد ثورة 14 جانفي لابد من تغيير العقليات و الوعي بضرورة تكريس الشفافية في النظام القضائي . تأملات في الخطة الرئيسية لنظام المعلوماتية القضائية يرى السيد سفيان هميسي مدير عام الإستراتيجية و التخطيط بوزارة تكنولوجيا المعلومات أن تطوير نظم المعلومات و الاتصال في النظام العمومي بشكل عام و القضائي على وجه الخصوص يتطلب توفر 4 مبادئ عامة وهي : 1)تطوير المعلومات في إطار منظومة مندمجة و متكاملة تتمحور حول المواطن باعتباره هدف كل مرفق عمومي 2)شفافية العمل الإداري و ترشيده محاولة لاسترجاع ثقة المواطن 3)حرية المبادرة لكل الهياكل العمومية 4)دعم القطاع الخاص في تطوير نظم المعلومات و الاتصال إن تصور بعض الأهداف لبلوغ نظام قضائي معلوماتي موحد و مندمج يغطي جميع المجالات المعنية بالوظيفة القضائية يتطلب تكريس مبدإ الشمولية كهدف و كذلك إعادة هيكلة شاملة لعلاقة القضاء بالمواطن و بمختلف الأطراف و محيط الأعمال و البحث و كذلك تكريس مبدإ ولوج المعلومة دون أي حصر ما عدا بعض الاستثناءات حين يتعلق الأمر ببعض المسائل الشخصية و تطوير الآليات التي تساعد على اتخاذ القرار لان القرار السليم يتطلب معلومة سليمة . و يضيف السيد الهميسي قائلا ان تونس لديها ثقافة التعامل مع الإعلامية و لها كفاءات عالية تتقن التعامل مع الإعلامية كما لديها قطاع خاص و حيوي زاخر بالكفاءات إضافة إلى وجود عدة مشاريع معلوماتية كبرى تمتاز بالأفقية مثل منظومة "إنصاف " و "رفيق" و "رشاد" مع الملاحظة أن القطاع الخاص التونسي قادر على استنباط مشاريع تعبوية هامة إذا ما توفرت رؤية شاملة وواضحة لتطوير منظومة تكنولوجيا الاتصال و تجاوز ضعف شبكة رسم المعطيات و تجاوزنا تنوع و تعدد المنظومات و ارتقينا لتوحيد المعطيات . كما أضاف أن اعتماد نظم المعلومات يساهم في تحسين القيادة و الحوكمة و هذا ينعكس بالإيجاب على نظم الأعمال كما أن اعتماد هذه المنظومة المعلوماتية يمكننا من توفير فرص هامة للتشغيل لكن ذلك يبقى رهين الإرادة السياسية الواضحة و في هذا الإطار يوضح السيد الهميسي أنه في عهد بن علي كانت الإرادة واضحة في الاتجاه للغموض و المحسوبية و الابتعاد كل البعد عن المصداقية و الشفافية في المعاملات و بالتالي التعمد لإقصاء النظم المعلوماتية او إفراغها من محتواها و ذلك خدمة للمصالح الشخصية للرئيس السابق أو للمحيطين به و ذلك يظهر خاصة على مستوى الصفقات العمومية التي كانت موجهة لفئة معينة أو أنها كانت تمرر رغم موافقة اللجان المعنية بذلك . إصلاح إجراءات " السجن على ذمة التحقيق " رغم وجود قوانين واضحة و صريحة في ميدان الإجراءات القضائية إلا أن ذلك لم يمنع من الوقوع في التجاوزات و الوقوع في الغموض و تتداخل الإجراءات أو عدم نجاعة استخدامها مما يساهم في إهدار كبير للوقت و المصالح سواء لجهاز القضاء في حد ذاته أو للمواطن باعتباره محور اهتمام كل مرفق عمومي في هذه النقطة بالذات يتدخل الأستاذ و القاضي السيد فتحي الميموني ليؤكد أهمية الإعلام في المادة الجزائية فقلد مثل مجالا فاسحا لحدوث عدة مظالم خاصة و أن طريقة التبليغ أغلبها ليس لها صبغة قانونية باعتبار أن جزءا كبيرا منها يتم بشكل اعتباطي دون التأكد من وصول الإعلام للمعني بالأمر و هذا ما يضعف حظوظه في الدفاع عن نفسه و إمكانية برائته تبقى واردة الا أنه نتيجة عدم الدقة في التبليغ يجد نفسه محل تتبع نتيجة صدور حكم في حقه في حين أنه لو تلقى الإعلام بصورة صحيحة و حظر للجلسة لكان الحكم غير الحكم الأول و هذا له آثار سيئة باعتباره يربك الأحكام القضائية و يفرغها من محتواها و كذلك يقلق المواطن عندما يكون بريئا و يجعله يفقد الثقة في مرفق القضاء لذلك لابد من تجاوز كل هذه الأوضاع الخطيرة عبر مزيد تنظيم العمل القضائي بتوحيد المعلومة و دقة المعطيات و تكريس الشفافية عبر إصلاح منظومة العدالة باستعمال تكنولوجيا المعلومات حتى يستعيد قطاع القضاء وزنه و يؤدي مهامه في جو من الثقة و المصداقية و التفاعل و يقول السيد فتحي الميموني ان هذا المطلب كان من الأولويات التي نادى بها منذ سنة 2002 لكن ربما كانت الأوضاع السياسية تحول دون ذلك لكن في هذه الفترة التي تخلصنا فيها من كل المكبلات أرجو أن يكون للعدالة نصيب من الإصلاحات . هذا و قد تخلل الندوة نقاش بين الحضور و بعض ممثلي المجلس التأسيسي مثل السيدة لبنى الجريبي عن التكتل الديمقراطي و السيد نعمان الفهري عن آفاق تونس و قد كان الاتفاق واضحا حول ضرورة تكريس إصلاحات شاملة في المجال الإداري عموما و القضاء على وجه الخصوص من خلال تكريس مبدإ الشفافية في المعطيات و إحداث نظم معلوماتية حديثة و فعالة على غرار open gov" و"open data" مع ضرورة دسترة كل القوانين الخاصة بذلك هذا ووقع الاتفاق كذلك على أن الشفافية الإعلامية يجب أن تكون ضمن المبادئ الأساسية لتكوين الآليات و القوانين التي ستنظم "اوبن قوف" ريم حمودة