· مؤسسة صناعية في منزل بورقيبة ضخت عديد المليارات لليلى بن علي ... · المنصف الطرابلسي دمرني ...والوزير عبد الرحيم الزواري كان يعمل بيدقا في يد النظام الفاسد · لا نملك سياسيين محنكين ...والشعب في حاجة لمن يطمئنه ليفك على الاعتصامات والاحتجاجات · قانون 95 كان كاريثيا والاقتداء بالتجربة التركية والمالطية هو سبيل النجاح في قطاعنا · الوضع الاقتصادي في تونس مازال ضبابيا والمجلس التأسيسي مطالب بالتعجيل في سن الدستور وتنظيم الانتخابات يوم 23 أكتوبر المقبل تونس الخبير نعود اليوم للحديث مجددا مع السيد علي فرحات المدير العام للوكالة البحرية المتوسطية حول كل ما يتعلق بالنقل البحري وبالوكالات البحرية وبالصيانة والخبرة في الهندسة المتعلقة بالبواخر البحرية وهو الخبير في هذا الشأن ويحضى بمكانة مرموقة على الصعيدين المحلي والدولي، فمعه تناولنا العديد من المحاور الحساسة والدقيقة والتي ربما لا تستأثر باهتام كل التونسيين رغم أن هذا القطاع الذي ينضوي تحت لواء وزارة النقل هو حيوي ومحوري اقتصاديا . إذن بعيدا عن الرياضة التي شكلت محور حديثنا في جزئه الأول ننشر هذا الجزء الثاني من الحديث : الخبير: لو تعرفنا عن النقل البحري ماذا تقول ؟ - هو قطاع حيوي وحساس ومنذ الاستقلال وإلى حد هذه الساعة لم يحض بأي اهتمام من طرف الدولة في أي فترة وتأكيدا لذلك فإنه خلال السنوات 1960 و1970و 1980 كان نقل البضائع يتم بواسطة البواخر ترفع عليها الأعلام الوطنية التونسية وكان ذلك يمثل نسبة 15 % فقط أما بقية البواخر التي تتواجد ببلادنا فيقع رفع الأعلام الأجنبية عليها وقبل ثورة 14 جانفي الوضع زاد في تأزما ناهيك أننا سجلنا تراجعا وصل الى حد 16 % ومن حيث التشريع فان القانون 95/33 قيل انه سيشكل ثورة بكل مكوناتها في التشريع العام المنظم للمنهن البحرية، وبقدر ما استبشر المعنيون في تلك الفترة بنجاح التنظيم الجديد فإني كنت المعارض الأول لذلك بعدما درست كل الفصول وفهمت أبعادها وأهدافها حينها اكتشفت أن التشريع الذي وقع ضبطه كان يهدف الى إقصاء بعض الأطراف من المهن البحرية وأغلب فقراته كانت موجهة لخدمة أطراف معنية على حساب أطراف أخرى (وهنا أقصد الجانب التجاري الذي يخص البواخر ) فهذا الجانب الذي يعطينا المردودية على كل المستويات لم يؤخذ بعين الاعتبار وكرّس ممارسته للأجانب فقط فلو كان اسمي مثلا "جاك" بدلا عن علي فرحات لكنت من المنتفعين الكبار ومن المضحكات المبكيات أن المسؤول في سنة 1995 كان يعتقد أنه سيمثل ثورة بتشريعه وتصوراته للقانون الخاطئة. بعد 10 سنوات أقروا بسلبية وفشل تلك القوانين التي وقع سنها فخسرنا 10 سنوات ولا أدري لمن سأحمل تلك المسؤولية التاريخية الفضيعة والتي كنت قد حذرت منها ومن انعكاساتها السلبية والمؤلم أنه إلى حد اليوم لم يقع التنقيح او التفعيل في القوانين التي ظلت على حالها وأتمنى ان يقع تغيير القوانين المعمول بها في القريب العاجل لأنها لو تقع مناقشتها مع اطراف أجنبية فسيكون ذلك وصمة عار للتشريع التونسي . - الخبير : لقد قلت أن القانون الذي وقع اعتماده كان يخدم اطرافا على حساب آخرى فهل من توضيح؟ - قانون 95 كان موجها ويفرض ويلزم الناقل البحري شراء باخرة رغم كلفتها المشطة لتوفير أرضية لبيع منتجاته لكن القانون يلزم المنتفع بشراء باخرة مهما كانت ثمنها واذا وفر ذلك يدخل حينها يجبر على دفع كضمان 5 مليارات وفق ما تقتضيه كراس الشروط وبما ان هذه الشروط كانت مجحفة وتعجيزية للغاية فان القانون المشار اليه كان يستهدف كل التونسيين ويستثنى "الطرابلسية" وكنت من بين الراغبين في الاستجابة لكراس الشروط لكن لما بلغهم رغبتي الملحة لدخول القطاع دخل المنصف الطرابلسي شقيق ليلى بن علي وجمد شركتي سنة 2006وهي مختصة في النقل البحري ومستوفاة الشروط واعتمد في ذلك على أني لم أوفر باخرة واسمي "علي وموش جاك" وبخصوص الجوانب الاقتصادية واللوجستيكية الموجودة في العالم تعمل وتتصرف بقواعد عكس ما هو موجود ببلادنا فأحسن تاجر هو من يشتري "FOB" ويبيع "en Cout et Frais " ففي الحالتين يصبح هو الذي يتحكم في ذلك لكونه سيحصل على أرباح وفوائد كان سيتمتع بها الوسطاء ، وعلى عكس ما هو موجود في الخارج فإن التاجر التونسي في القطاع الخاص والعام اصبح يوكل الأمر للأجانب وهذا لا يمكن المصدرين من الانتفاع ، لكنها خطوة إلى الوراء ساهمت في خسارة خلال شهر واحد بما قدره مليون وخمسة مائة ألف دولار أمريكي بسبب خطايا التأخير وهو ما نتج عنه فتح تحقيق في وزارة النقل لكن الملف تم تجميده ليغلق نهائيا. وبحكم خبرتي في هذا المجال فقد طلبوا مني إعطاء تصورات على أن ستؤخذ بعين الاعتبار وحينها اكتشفت أن المتواجدين في الإدارة التونسية من رموز هم في الحقيقة مجرد "ديكور وبريستيج" ولا يتمتعون بالكفاءة العالية فلو أخذ هذا القطاع البحري نسبة تشجيع تقدر ب10% لكان وجه تونس مغايرا على مستوى السياحة لأن مردوديته ستكون كبيرة وفي هذا الاتجاه فإن الاقتصاد التركي على سبيل المثال يرتكز على النقل البحري وبلغة الأرقام فإن هناك 70 % أتراك يجوبون ببواخرهم حوض البحر الأبيض المتوسط على مدار الساعة والسنة وأكثر من ذلك فإن مالطة التي أعتبرها صخرة في البحر آمنت سلطاتها بجدوى النقل البحري فسارعوا بعد استقلالهم في نهاية السبعينيات إلى القيام بتسهيلات كبيرة وتيسير كل العمليات لتسجيل البواخر التجارية المالطية فحققت بذلك قفزة عالمية لهذا البلد الصغير بعد أن أصبح قبلة لكل المجهزين في العالم وتدعم الاقتصاد مالطة بفضل الشهادة المميزة للمنظمة الدولية العالمية التي تشرع القوانين البحرية ليصبح لمالطة وزنها على الصعيد الدولي ونبقى في الحوض المتوسطي لأشير أن هولندا كانت تدفع اموالا كبيرة حتى يرفرف علم بلادها على كل بواخرها لكن مع الأسف فإن مثل هذه المبادرات لم تكن لها أي اهتمامات من سلطة الإشراف في تونس وأعتقد أن الحكم البائد للنظام الفاسد قد تعمد تنكيس العلم التونسي المفدى قبل ان يدوسه عليه السلفيون. الخبير : ما دور الوكالات ؟ خلال الحكم البائد لاحظنا وجود العديد من الدخلاء في هذا الميدان فعلى امتداد سنة كاملة مثلا كانت الرحالات البحرية لا تتجاوز سبعين يوما لكن هذا الرقم حطمه الطرابلسية في ظرف اقل من شهر وللأمانة فإن الوزير السابق للنقل عبد الرحيم الزواري كان يخدم لصالح الطرابلسية في هذا القطاع بالذات على حساب عمل الوزارة إذ تحول إلى عون تجاري للمنصف الطرابلسي ليلبي كل رغباته على حساب المصلحة الوطنية في غياب منظومة اقتصادية واضحة المعالم . الخبير: وماذا يمكن للقارئ أن يعرف عن الصيانة البحرية ؟ لا يخفى على أحد انه ليدنا كفاءات عالية في ميدان الصيانة البحرية وشخصيا عملت لمدة سبعة سنوات في ورشة الصيانة في منزل بورقيبة "السوكومينا" حاليا ولما تحولت للخوصصة جلبت شركاء اجانب في العديد الاختصاصات وقمت بدراسة معمقة على أعلى مستوى مع أكبر الخبراء في العالم وقد نالت تلك الدراسة إعجاب المسؤولين ويا ليتني ما قمت بذلك لأن نجاح تلك الدراسة انقلب عليّ رأسا على عقب بعد تدخل شخصي من ليلى بن علي التي عطلت مصالحي وفرضت عليّ العمل معها لكنني رفضت وتمسكت بمبادئي وأجهضت أحلامي وتبخرت لكن كل ما أعلمه أن هناك نسبة فوائد مالية ضخمة كانت تحول من " السوكومينا " إلى ليلى الطرابلسي تعدّ بالمليارات . - الخيبر: كيف ترى وتقيم المشهد السياسي الحالي ؟ كله ضبابية ،وهذا طبيعي فبعد الثورة اكتشفنا كتونسيين أنه لدينا سياسيين لا يملكون الخبرة في السياسة لكن لهم خبرة في النضال . فالمسيرون الحاليون في المراكز الحساسة لم يضطلعوا بمهام بتسيير شؤون بلدية او معتمدية وهذا طبيعي لأنهم كانوا طيلة 30 سنة يعانون القمع والحرمان وبن علي عمل على اخراج السياسيين من المنظومة العامة للبلاد التونسية وبمرور الوقت ولا أدري كم سيدوم فأن (الترويكا والمعارضة) سيكسبون الخبرة اللازمة لتسيير الدواليب على احسن ما يرام وفي هذا الإطار فإن السيد محمد نجيب الشابي كان يتكلم في بداية الثروة بأسلوب وتوجهات معينة لكنه اليوم وبعد أكثر من سنة أصبحنا نستمتع لرؤيته المستقبلية لتسيير شؤون البلاد وهذا ايجابي للغاية وبخصوص الوضع الاقتصادي في تونس فأنا أعتبره في مقام شخص موقوف عن العمل ولديه عياله للقيام بشؤونهم وحتى يسير ما له وما عليه فإني أرى هذا الشخص يتداين من شهر لآخر لتوفير رزق عائلته وأبنائه وهذا سيثقل كاهله لكونه سيصبح عاجزا عن التسديد في الوقت الراهن وطبعا الشعب التونسي سيدفع إن أجلا ام عاجلا فاتورة التردي الاقتصادي ببلادنا القائم قبل وبعد الثورة لان اليوم كل القطاعات قد وقع المساس بها وهذا يتطلب تدخلا عاجلا لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب في كل الوزارات والمناصب الحكومية مع العمل من الآن فصاعدا على تغيير وتفعيل منظومة القوانين الجاري بها العمل والاقتداء بتجارب الدول النامية التي عرفت انتعاشة اقتصادية على غرار تركيا ودبي ونحن نملك كل المقومات التي تسمح لنا بالإقلاع في اتجاه الاصلاح الحقيقي كما اتمنى ان يتجاوز السياسيون مصالحهم الذاتية والشخصية والنظر الى مصلحة البلاد قبل مصالحهم الضيقة لبعض الوقت وهو ما سيمكننا من تجاوز هذا الظرف الاستثنائي لو تتوفر الحكمة والشجاعة والنزاهة. الخبير : لكن مظاهر الاعتصمات والاحتجاجات مازالت تطفو على السطح من حين إلى آخر أليس كذلك ؟ ليس لدينا أي تونسي عاقل ورصين ومسؤول يريد الإساءة لكن إذا ننظر بهدوء لبلده للتراكمات التي حدثت لشعبنا نتيجة غياب العدالة الاجتماعية وعدم المساواة في في التنمية داخل الجهات وإذا أخذنا كل ذلك بعين الاعتبار فإننا نتفهم تلك الاحتجاجات والاعتصامات وقطع الطرقات وغيرها والتونسي اليوم لا يريد من يضحك عليه ( فحربوشة النوم مشات مع بن علي وبدون رجعة ) لذلك حان الوقت لتحويل الأقوال إلى أفعال سيما أننا برهنا للعالم بأسره أننا على درجة كبيرة من الوعي ولا نسمح لأي كان للعبث بثورتنا وأتمنى من المجلس التأسيسي إعادة تركيز الدور الاساسي الذي من أجله انتخبه الشعب حتى يسارع بصياغة الدستور والتحضير للانتخابات القادمة كما اتمنى من حكومة السيد حمادي الجبالي الاعلان الرسمي عن موعد الانتخابات حتى لا تتجاوز يوم 23 اكتوبر المقبل ولو ان الأمر مستبعد في المتقادي والشعب التونسي اليوم يقف في مفترق الطريق وينقصه من يطمئنه لتهدأ نفوس الجميع .