أكدت مصادر عراقية مؤخرا أن السلطات الإيرانية تعتزم إغلاق منابع جميع الأنهار المتجهة نحو العراق لتدارك أزمة حادة تعانيها من المياه وحسب ما جاء على لسان مسؤول عراقي عضو في لجنة ترسيم الحدود مع ايران أن طهران أبلغت الجانب العراقي أنها ستغلق جميع الأنهار المتجهة نحو العراق بدعم حاجتها الماسة إلى مياهها نظرا للازمة الحادة التي تعاني منها إيران في مجال المياه". هذا المسؤول العراقي دعا حكومة بلاده إلى استعمال الورقة الاقتصادية والتجارية للضغط على الجانب الايراني خصوصا بعد أن وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى أكثر من 10 مليارات دولار عام 2010. ومن الاهمية بمكان الاشارة إلى أن ايران كانت قد قامت بقطع المياه عن اكثر من 45 رافدا وجدولا موسميا كانت تغذي الأنهار والاهوار في العراق أهمها أنهار الكرخة والكارون والطيب والوند وآخر تلك الانهار التي قطعت في آخر أوت الماضي هو نهر "هو شيارى" الذي يروي محافظة السليمانية في إقليم كردسكان العراق. ومثل تلك الخطوة الإيرانية أنكرها المسؤولون العراقيون على اختلاف طوائفهم لأنه من شأنها أن تؤثر في الزراعة والثروة الحيوانية في مناطق محافظة ديالي التي تبعد أراضيها الزراعية عن نهري دجلة والفرات. والمعروف أن "نهر الوند" ينبع من الأراضي الإيرانية ويشد على طول 50 كيلومترا ويعتبر شريان الحياة في مدينة "خانقين" وكان الخبير العراقي في مجال قانون المياه ويدعى "عباس الصكب" قد قال في وقت سابق أن ايران تنتهك بقرارها ذلك قرار معهد القانون الدولي الذي صدر في اجتماع مدريد عام 1911 بعدم جواز تغيير أو تحويل مجرى النهر الذي يعبر بصورة طبيعية من اراضي دولة إلى أراضي دولة أخرى عبر منشآت مثل السدود وغيرها بفرض التحويل أو التغيير دون أخذ موافقة الدول المشاركة في النهر. وتجدر الاشارة إلى ان مشكلة الانهار الحدودية والأنهار المشتركة بين العراق وايران بدأت عندما أنشأت طهران سدا على نهر "الوند" عام 1960 أيام حكم الشاه وقطعت المياه عن مدينة "خانقين" ثم اقامت سدودا على وديان وأنهار "مندلي" و"النفط خانة" كما تسمى وقطعت مياهها عن العراق. محافظ الغاز ويدعى وليد الشريفي وجه مؤكدا نداء استغاثة إلى الحكومة العراقية والمنظمات الإنسانية الدولية لإنقاذ أهالي محافظته جراء الارتفاع الشديد لملوحة مياه الشرب "قبل فوات الأوان" على حد تعبيره مما يعني أن العراق تنتظره مشكلة مياه عويصة جدا. وفي غضون ذلك كشفت وزارة الموارد المائية في العراق أن عدد الأنهار والجدوال الموسمية المشتركة بين العراق وايران التي أعلنت ايران عزمها قطعها يبلغ أكثر من 42 نهرا من بينها 22 نهرا رئيسيا يغذي بعضها أنهار العراق بحصص مائية كبيرة محذرة من أن ذلك سيتسبب في "عواقب وخيمة" على القطاع الزراعي فيما اجمع خبراء عراقيون على ان تركيا وإيران تستعملان المياه كورقة ضغط على العراق. بادرة ايران أثارت ردود أفعال كبيرة في العراق خاصة من قبل المهندسين والتقنيين المختصين في مجال المياه والري والزراعة. هؤلاء استنكروا قيام طهران بالضغط على العراق من خلال اعلان نيتها غلق جميع الانهار المشتركة معه بعد قيامها ومنذ سنوات بإغلاق انهار كانت تزود البلاد بحصص مائية كبيرة أسوة بنهر "الوند" الذي كان يزود نهر ديالي بأكثر من 40% من مياهه. الخبراء العراقيون فسروا اسباب فشل لجان التفاوض التي شكلت بين العراق وايران لجل مشكلات المياه العالقة قبل عام بعد 4 سنوات من رفضها التطرق إلى ذلك إلى عدم وجود تعاون إقليمي مبينا أن الأسباب ذاتها دفعت الحكومة التركية أيضا غلى استعمال ورقة الضغط نفسها على بغداد من خلال تقليص نسب المياه المتدفقة عبر نهري دجلة والفرات واستعمال عبارة "الماء مقابل السياسة" وكانت مياه نهر "الفرات" التي تتحكم فيه بحوزة تركيا ومن ثمة سوريا قد سجلت انخفاضا خلال السنوات ال 25 عاما الماضية وصلت إلى 7 مليارات و660 مليون متر مكعب مقارنة ب 20 مليار و930 مليون متر مكعب بداية ثمانينات القرن الماضي فيما كانت لنهر "دجلة"8 مليارات و220 مليون متر مكعب سنويا مقارنة بأكثر من 32 مليار متر مكعب في بداية الثمانينات من القرن الماضي. بعض الساسة العراقيين دخلوا على خط ردود الأفعال إزاء مبادرة إيران إذ دعا نائب رئيس العراق طارق الهاشمي إلى الضغط على إيران لإيقاف تحويل المياه المالحة إلى شط العرب وإطلاق مياه "نهر الكارون" العذبة إلى العراق كذلك طالب ايران بالتوقف عن رمي نفايات مصفاة عبدان البترولية في شط العرب الشيء الذي اثر في البيئة وأضربها كثيرا من جهته أكد الدكتور رشيد لطيف الوزير السابق للموارد المائية والري في العراق أنه ليس من حق ايران أو تركيا أو سوريا قطع المياه عن العراق أو تغيير مجرى الانهار والجداول التي تصب في الاراضي العراقية كما أنه ليس من صلاحية هذه الدول أن تقدم على ذلك كاشفا عن أن ايران تعمدت تغيير مجرى نهري الكارون والكرخة اللذين يصبان في نهر شط العرب مما أدى إلى ارتفاع نسبة الملوحة فيه إلى درجة كبيرة مما جعل من الصعب استخدام مياهه للري والشرب. هذا الوزير العراقي الذي يعتبر خبيرا دوليا في مجال الموارد المائية دعا الحكومة العراقية إلى ضرورة الاستمرار في التباحث مع ايران وتركيا وسوريا حتى تحصل على حصتها من المياه وفق خطة تشغيلية يتم خلالها التعرف على حاجة العراق من المياه وتعليقا على قرار ايران تغيير مجرى الانهار التي تصب في الأراضي العراقية قال هذا المسؤول العراقي السابق:"إذا كانت ايران تعاني شبحا في المياه فهذا لا يعني أن بإمكانها منع وصول المياه إلى اراضي العراق أو التلاعب بالطبيعة وتغيير مجرى الأنهار لتصب في أراضيها بدلا من أن تصب في الأنهار العراقية وهذا ينطبق كذلك على كل من تركيا وسوريا" مطالبا الحكومة العراقية بالربط بين السياسة المائية والسياسة الاقتصادية والامن القومي العراقي كون ذلك الموضوع يخصّ حياة العراقيين وقوتهم. ووفق هذا الخبير المائي العراقي فإن أحد أهم وأفضل الحلول لازمة المياه في العراق هو المضي قدما في انجاز "سد بخمة" في إقليم كردستان العراق وهو من مشاريع مجلس الأعمار الذي كان قد أسسه رئيس الحكومة نوري السعيد في العهد الملكي ويعتبر من المشاريع الإستراتيجية الحيارة حيث أن مياهه ستتجمع من داخل العراق وليس من خارجه وإذا تم انجازه "فإن العراق لن يعاني شحا في المياه على الإطلاق" في تقييم الدكتور رشيد لطيف. ويعد "سد بخمة" من حيث السعة والأهمية ثاني سدود العراق ضخامة بعد سد الموصل العملاق الذي يتسع بكامل طاقته التشغيلية لأكثر من 15 مليار متر مكعب هذا الوزير العراقي السابق قال أيضا أن المضي في تنفيذ مشروع "سد بخمة يعتمد على قرار سياسي من القيادات والحكومة الكردية إن توجد قيادات متحمسة لتنفيذه وأخرى معترضة عليه سيغمر مساحات كبيرة من الأراضي والقرى الكردية رغم ان الحكومة المركزية في بغداد قد خصصت مبلغا يزيد على 300 مليون دولار لبناء قرى عصرية تضم مدارس ومراكز صحية وأسواقا. و"سد بخمة" إذا ما تم انجازه فإنه سيتحول وفق خبراء عراقيين إلى واحد من أجمل المشاريع السياحية والاقتصادية اعتمادا على الثروة السمكية التي سيضمها كما أنه مشروع يهم العراق كدولة موحدة ولا يهم اقليم كردستان فحسب. هوامش: - إيران قطعت المياه عن اكثر من 45 رافدا وجدولا موسميا في العراق - إيران وتركيا تستعملان المياه كورقة ضغط على العراق - إيراني ترمي بنفايات مصفاة عبدان في شط العرب وافسدته - نوري السعيد رئيس الحكومة العراقية في العهد الملك فكر في إنشاء سد في كردستان العراق كحل لازمة المياه