عندما ينجب الربيع العربي خريفا غربيا ... وأزمات كبرى بالولاياتالمتحدةالأمريكية تهدد وحدتها وكيانها وتبقى تونس حاملة رسالة للإنسانية قاطبة ... عندما قلنا وأعدنا في عديد المقالات أن تونس منبع الحضارة الانسانية وأنها على مرّ الأزمان حاملة رسالة للبشرية جمعاء وقد تأكدنا من ذلك بعد انبلاج الربيع العربي وولادة ثورة من نوع خاص لا تملك قادة ولا جيوشا ولا منضرين ولا زعماء لهم إيديولوجيات تعتمد مناهج اقتصادية أو سياسية أو دينية أو عرقية أو تمثل طبقة دون أخرى من مجتمعنا ... هي هبة شعب ونور سماوي بيد إلاهيّة عمت كل أركان تونس المجد تونس النضال والتحدّي لقوى الغدر ولغة الحديد والنار والاعتقالات والتعذيب ... لقد أشعلت نار الكرامة وعم نور التحدي وتحطيم جدار الخوف على الشوارع والبيوت التونسية والساحات العمومية لتطرد قوى الشر وترمي بقادتها وأتباعهم في مزبلة التاريخ وبقيت تؤسس لمجتمع الحداثة ولعهد الديمقراطية الحقيقية وحكم الشعب لنفسه بنفسه والتحكم في ثرواته وإمكانياته البشرية وتوظيفها لصنع مجتمع متطور سليم من كل العاهات والسموم القادمة من وراء الحدود ... في نفس هذه الفترة أي عهد ما بعد ثورة تونس التي فتحت الابواب على مصراعيها لصنع ربيع عربي وأسست لثورات قادتها الشعوب الثائرة على الطغاة والمتمردة على حكومات تعمل لخدمة العائلة المالكة وأتباعها وتحتقر الشعوب التي هي سيدة الموقف والقادرة على تسيير شؤونها بكل اقتدار في أجواء التضامن والتآخي والتحدّي لمن يسعى لخلق ثورة مضادة فقد أنجبت هذه الأوضاع ثورة شعبية تعيش مخاضا عسيرا بجمهورية مصر العربية التي يسعى شعبها لإعادة هيبتها وموقعها الحقيقي في الوطن العربي ...وتواصلت نسمات الحرية والكرامة والمطالبة بحق الشغل والعيش في أجواء الديمقراطية الحقّة والتمتع بحق تقرير المصير دون إملاءات من قوى الظلم والاستعمار الجديد الذي يسعى قادته لفرض هيمنتهم على العالم بطرق جهنمية ... وواصل التيار الجارف لثورة الانعتاق والكرامة مده في أرض ليبيا التاريخ والحضارة والجهاد العسير لطرد شيطان القرن المارد الجبار الذي بدأ حياته السياسية المملوءة بالعقد ...لينصب نفسه عقيدا وزعيما لفترة 42 سنة فاقت حتى كبار الطغاة في العالم كبن علي في تونس الذي حكم البلاد 23 سنة وحسني مبارك الذي حكم مدّة 32 سنة بالحديد والنار والتعامل مع الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية التي لا تترك مجالا لعملائها في التحكم في مصيرهم وتسير شعوبهم بالعدل والكرامة ...ولعلّ الأمر الذي بدا مدهشا هذه الأيام بعد موعد ثورة تونس ومصر وليبيا واليمن هذا البلد العظيم الذي تحدى شعبه كل الحواجز ليصنع ثورة تستعد لولادة قيصرية ستكلل بالنجاح لا محالة نفس الشيء رغم اختلاف الظروف السياسية والاجتماعية. يعيش الشعب السوري أجواء صنع ثورة الحرية والكرامة وكسر حواجز الخوف والصمت ... وبقيت كل الدول العربية سواء التي هي في حاجة إلى تغيير كلي لأنظمتها أو تعديلات كبرى في سياساتها بالمغرب والمشرق يعيش قادتها ضغوطات تجبرهم على إجراء تغييرات لفائدة شعوبهم ومراجعة عميقة في طرق حكمهم الذي لم يعد مطلقا أو يخضع لأهوائهم وتعليمات من يسيطر على مقدراتهم . ويبقى نور الحرية والمطالبة بحق الشغل والبحث عن الكرامة والعدالة الاجتماعية الذي انبلج في تونس وصنع ربيعا عربيا يشع على كل الأوطان حتى بالصين وجل دول شرقي آسيا وكذلك بدول أمريكا اللاتينية وقد اشتعلت الدنيا ولم تنطفئ نيرانها بدول تعاني هذه الأيام من أزمات اقتصادية حادة يسعى قادتها وخبراؤها تغطيتها وإيهام العالم بأسره بأنها أزمات عابرة ...فتنكشف الحقيقة وتعم المظاهرات كل المدن الكبرى خاصة بالدول الأوروبية نذكر بالخصوص اليونان التي قد تعلن عن إفلاسها الكلي وخروجها من دائرة " اليورو" تليها إيطاليا التي تعاني من مظاهرات يومية وأزمة اقتصادية وأخرى سياسية حادة قد تؤدي بإسقاط الحكومة وإحداث تغييرات تؤدي بالبلاد إلى الأسوإ بعد أن رفض الشعب قرارات الحكومة وسياسة التقشف كما حدث باليونان وتتواصل الافلوانزا الخطيرة والمدّ الثوري وتسونامي العصر إلى ميلاد ربيع بتونس ليصنع خريفا بأوروبا. كما لا ننسى ما تعانيه اسبانيا وفرنسا والبرتغال والقائمة تطول والبقية لاحقة ...لتطال الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تتحكم في جل مناطق العالم وتمتلك سلطات رهيبة اقتصادية وعسكرية وإعلامية خاصة حيث تخفي هزاتها وتصديها بالحديد والنار للانتفاضات الشعبية بعيدا عن الأضواء الإعلامية والتعاليق السياسية في أكبر وأقوى دولة في العالم بدأت جديّا تعيش أجواء المطالبة بالانفصال لعدد قارب 20 ولاية من 51 ولاية تعيش غليانا وظروفا اقتصادية رثة وتستدعي الكثير من الصبر والبحث عن موارد مالية ضخمة وهكذا تبقى الشرارة الكبرى التي أشعلها الشعب التونسي وصنع بها ثورة الحرية والكرامة والمطالبة بحق الشغل والعيش الكريم تنتشر في كل أنحاء الدنيا وتغير الأوضاع ونبقى نؤمن بأن هذا البلد الصغير في مساحته الكبير في تاريخه وعظمة شعبه هذا الوطن الغالي علينا الذي أهدى في السابق اسمه للقارة الإفريقية يواصل تألقه ويبقى على مر الأزمان حاملا رسالة للإنسانية تجلب له ولشعبه الأبي الذي آمن بالتحابب والتآخي وحوار الحضارات والتسامح على مر الأزمان الاحترام والتقدير. مرشد السماوي