تونس (وات)- اكد الفيلسوف وعالم الإجتماع الفرنسي إدغار موران ان شرارة الحراك الشعبي الداعي الى التغيير والتي انطلقت من تونس لتعبر العالم (مصر، إسبانيا، سان فرانسيسكو...) نبعت من فاعلين اساسيين هم الشباب الذين يرنون الى الكرامة والحرية ومحاربة الفساد. وقد تولى الفيلسوف الفرنسي القاء محاضرة في اختتام أشغال الملتقى السنوي الثاني لمجلس مواطني ومواطنات المتوسط يوم الأحد حول موضوع "الأزمات والتحولات في المتوسط:المواطنة في حراك". واوضح إدغار موران بقوله//إننا نعيش حراكا تقوده قوى تحريرية شابة استيقظت وايقظت معها جميع فئات الشعب من مختلف الاعمار بعد ان كانت في حالة استسلام تام//. وكان موران قد استشرف الثورات في العالم عندما صرح //بان الشعوب تعيش الى ان تاتي الاستفاقة// في اشارة الى الربيع العربي// كما قال //إن هذا الربيع يمكن أن يصبح خريفا ثم شتاء ليعود من جديد//. واضاف انه من الضروري //النهوض بالديمقراطية التي تنمو وتتغذى من الافكار السياسية مع تجنب الوقوع في حالة الصراع السياسي الذي قد يهدد الديمقراطية.. فالديمقراطية في حاجة الى ان تضمن استمراريتها//. كما دافع الفيلسوف في محاضرته عن فكرة التعايش بين الحضارات مؤكدا أنه رغم الإختلافات الثقافية فان العادات الدينية والفوارق الإقتصادية بين الشمال والجنوب تستوجب //الالتزام بفكرة موحدة في حوض البحر الأبيض المتوسط تمكن من صياغة سياسة متوسطية//. وافاد في السياق ذاته ان الفكرة الموحدة تعني إيجاد قاسم مشترك خاص بالمتوسط يتبنى كل ماهو إيجابي في الحضارات كالديمقراطية وحقوق الانسان والتنمية ومقاومة هيمنة المنطق الحسابي والمصلحة. كما يجب ان تكون هذه الفكرة المتوسطية في ارتباط وثيق بجودة الحياة وقيم التعاون والتضامن والجوار واحترام الأجيال السابقة. وتناول الملتقى الثاني لمجلس مواطني ومواطنات المتوسط مسائل تتصل ب"الآفاق السياسية والاقتصادية للمنطقة" و"المساواة والمشاركة" و"الحوار الثقافي والديني" بالاضافة الى ابراز دور الشباب بوصفه محرك التغيير في المتوسط والتاكيد على ضرورة الاهتمام بالمستوى التعليمي للمراة من خلال ادماج مقاربة النوع ضمن برامج التنمية بما يؤمن استقلاليتها. كما حظيت مسألة الحوار الثقافي والديني في الفضاء المتوسطي ودوره في تكريس قيم المواطنة بحيز هام ضمن اشغال الملتقى حيث بين موران في هذا الصدد ان //الديمقراطية باعتبارها شانا عاما فهي تتضمن الدين لكن الدين لا يمكن ان يتضمن الديمقراطية لأنه شان شخصي//. ولاحظ ان نقاط القوة التي افرزتها التحولات في فضاء المتوسط تتمثل في نفوذ الراي العام وروح المواطنة لا سيما لدى الشباب والنساء. وبين أن النفاذ إلى المعلومة وتنمية مجتمع المعلومات وتعزيز مشاركة المجتمع المدني في الشان العام وخلق مواطن الشغل لا سيما لفائدة الشباب وإدماج نموذج التنمية الإقتصادية في عملية الإنتقال الديمقراطي تعد ابرز التحديات التي يتعين رفعها في حوض المتوسط. وختم الفيلسوف وعالم الإجتماع الفرنسي محاضرته بالتاكيد على ان الصراع من اجل المصلحة وممارسة سياسية المكيالين وقمع الحركات الإحتجاجية عبر التيارات الدينية وتراجع الحريات وتهميش البعد الإجتماعي وعودة التيارات المحافظة التي تنال من المكتسبات تمثل ابرز التهديدات التي يمكن ان تؤثر سلبا على التنمية في الفضاء المتوسطي.