تمثل مشكلة الأمن الغذائي الهاجس الذي يشغل دول العالم عموما والمنطقة العربية خصوصا وهي ليست بالحدث الطارئ ولكن التفكير فيها.... يظل متجددا ذلك أنها تمثل تحديا يواجه الحكومات جميعها ساهم في مزيد إضعاف فرص كسب رهانه سنوات الجفاف و التصحر الذي بات يهدد مساحات هائلة من الأراضي الصالحة للزراعة في البلدان العربية والإفريقية بما فيها تونس. فمنذ اندلاع الثورة الليبية شهدت أسعار الغذاء في البلاد التونسية ارتفاعا سريعا وغير مسبوق في جميع المواد بما فيها المدعمة ازدادت وتيرته في الفترة الأخيرة ما يطرح أسئلة لدى المواطن التونسي بشأن قدرة البلاد على تخطي هذه المرحلة بسلام خاصة وأن جميع المؤشرات تدل على أن نسق الارتفاع هذا لم ينخفض على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتقليل من انعكاساته على القدرة الشرائية للمواطن التونسي. أولى انعكاسات هذا المشكل تتمثل في الارتفاع المشط في أسعار الغذاء الناتج عن عدم توفر السلع إن بشكل مؤقت أو دائم فتضطر الدولة إلى تخصيص ميزانية ضخمة لتوريد الغذاء على حساب المواد التجهيزية كما يضطر المواطن التونسي من جهته إلى تخصيص الجزء الأهم من راتبه لاقتناء حاجياته الغذائية لتفقد بالتالي السلسلة الاقتصادية حلقة من حلقاتها تعتبر الأهم ألا وهي قدرة المواطن الشرائية. لذلك فإنه من المفيد جدا تكثيف البرامج التحسيسية لترشيد استهلاك المواد الغذائية من جهة وترشيد استهلاك المياه من جهة ثانية لأن موارد البلاد المائية تظل محدودة مقارنة بمستوى الطلب خاصة في ظل تقلص كميات الأمطار في السنوات الأخيرة. كما أن تطوير النظم الزراعية والارتقاء بها إلى المقاييس العالمية من خلال توعية الفلاحين وإرشادهم إلى الطرق العلمية في الزراعة وتطوير تقنيات الإنتاج لديهم يساهم بدرجة كبيرة في الارتقاء بنسب المحاصيل وجودتها على حد سواء ما يعزز تنافسية السلع التونسية في الداخل والخارج ويقلص من نسب الاعتماد على الواردات لتحقيق حاجيات السوق التونسية. وعلى الدولة أيضا أن تقوم بمجهودات إضافية لمقاومة ظاهرة التصحر التي باتت تهدد مساحات شاسعة في كل من ولايات الكاف وزغوان والقيروان وغيرها. وبناء عليه بات لزاما على الحكومة التونسية المقبلة أن تضع استراتيجيات في هذا الصدد طويلة الأمد تراعي مناخ البلاد العام وتضع في الحسبان حالات الطوارئ المتعلقة أساسا بالمناخ حتى تضمن الأمن الغذائي لهذا الجيل والأجيال القادمة يساهم في إنجاحها المواطن التونسي من خلال الاستهلاك الرشيد. سيرين راشد