يشتكي الفلاحون الخواص من قلة وجود اليد العاملة...ففي أرياف المنطقة الشمالية التي اعرفها جيدا لا ينقطع الفلاحون "الصغار" عن الشكوى... من عدم تمكنهم من القيام بمختلف الاشغال نظرا لعزوف العمال عن العمل في الحقول وخاصة منهم الشباب...فعند البذر ثم عند جني المحصول تتكثف تشكيات أصحاب الأرض فمثلا الآن فصل جني الزيتون هناك صعوبات جمة تتمثل في قلة اليد العاملة لجني الزيتون رغم أن الفلاحين يتعاملون معهم حسب الأجور المتعارف عليها ومع ذلك يقضلون الجلوس في المقاهي على جني الزيتون...وهذه معضلة تتسبب في ترك الصابة على رؤوس أشجارها وعرضة إلى التساقط عند هبوب الرياح. وكذلك بالناسبة لحظائر البناء فمن الصعب في القرى الحصول على عامل عادي أي دون اختصاص بالبناءات يشتكون من قلة العمال بينما المقاهي كراسيها محجوزة كامل اليوم و"البطالة" يتداولون على لعب الورق...قطعا هذه الأعمال ليست وظيفية ولكنها ذات مورد محترم وجلها لا يمكن نعته بالموسمي لأن نشاطها يتواصل كامل السنة وفي الإمكان استيعاب عدد محترم من العاطلين على العمل ولو أن مثل هؤلاء لا يمكن نعتهم بالبطالين لأن الذي يرفض أي عمل ولو وقتي لا يعتبر بطالا...وقطاع الفلاحة ويليه قطاع البناء هي قطاعات في حاجة متواصلة إلى اليد العاملة وفي الماضي كانت عائلات تعيش على هذا النمط طول حياتها. والمخيف حاليا ظهور نمط من البشر يستوقفك في الشارع ويطلب هكذا بكل جرأة "مساعدة" وكذلك في الأحياء السكنية وعندما تشير إلى أنه يمكن أن يفعل شيئا يجيبك بوقاحة أسطورية" لم أطلب نصيحة ولا عملا...طلبت "مساعدة"...هذه ظاهرة مخيفة بصدد التفشي وتجمع بين الرجال والنساء ويظهر أنها صنف جديد من التسول الغير مباشر والأخطر أنه لا يخص البطالين وحدهم بل هي ظاهرة اجتماعية غير مقبولة ومخيفة...ثم يصعب الفصل في هذه الحالات بين الذي يستحق فعلا المساعدة وبين محترفي التسول بأنواعه...الدنيا وعجائب الدهر. نوري مصباح