مجموعة الخطوط التونسية: تراجع طفيف في العجز ليناهز 220،8 مليون دينار خلال سنة 2022    كاس امم افريقيا 2025: السنيغال يتعادل مع الكونغو الديمقراطية 1-1    الليلة: الحرارة في انخفاض مع أمطار غزيرة بهذه الجهات    سفيان الداهش للتونسيين: تُشاهدون ''صاحبك راجل 2" في رمضان    المستشفى الجامعي شارل نيكول يحقق أول عمليات ناجحة بالفيمتو ليزك بتونس!    نجاح جراحة عالية الدقة لأول مرة وطنيًا بالمستشفى الجامعي بقابس    حامة الجريد: انطلاق مهرجان رجال الحامة في دورته الثانية    متابعة مدى تقدم رقمنة مختلف العمليات الإدارية والمينائية المؤمنة بالشباك الموحد بميناء رادس محور جلسة عمل    محرز الغنوشي: طقس ممطر أثناء مباراة تونس ونيجيريا...هذا فال خير    مدرب الكاميرون: "دربي إفريقي قوي بين الكاميرون وكوت ديفوار سيحسم على جزئيات"    وزارة النقل: شحن الدفعة الأولى من صفقة اقتناء 461 حافلة من الصين قريبا    عاجل/ حجز يخوت ودرجات نارية فاخرة: تفاصيل تفكيك وفاق دولي لترويج المخدرات يقوده تونسي..    عاجل/ مسجون على ذمة قضية مالية: هذه الشخصية تقوم باجراءات الصلح..    كأس أمم إفريقيا 2025: السودان وغينيا الاستوائية في اختبار حاسم لإنعاش آمال التأهل    مداهمة مصنع عشوائي بهذه الجهة وحجز مواد غذائية وتجميلية مقلدة..#خبر_عاجل    الكاف: ورشات فنية ومعارض وعروض موسيقية وندوات علمية في اليوم الثاني من مهرجان صليحة    مصادر دبلوماسية: اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية غدا بعد اعتراف إسرائيل بأرض الصومال    عاجل/ بعد اعتراف الكيان بأرض الصومال: حماس تصدر هذا البيان وتفجرها..    جريمة مروعة: وسط غموض كبير.. يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر..#خبر_عاجل    إيقافات جديدة في فضيحة مراهنات كرة القدم    اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية: محرز بوصيان يواصل رئاسة اللجنة    وليد الركراكي: التعادل أمام مالي "محبط"    الرياض تحتضن الدورة 12 للجنة المشتركة التونسية السعودية    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    عاجل/ تنبيه: انقطاع التيار الكهربائي غدا بهذه المناطق..    مستخدمو التواصل الاجتماعي مجبرون على كشف أسمائهم الحقيقية    كميات الأمطار المسجّلة خلال ال24 ساعة الماضية    حصيلة لأهمّ الأحداث الوطنية للثلاثي الثالث من سنة 2025    المسرح الوطني التونسي ضيف شرف الدورة 18 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر    عروض مسرحية وغنائية وندوات ومسابقات في الدورة العاشرة لمهرجان زيت الزيتون بتبرسق    سيدي بوزيد: تحرير 17 تنبيها كتابيا وحجز كميات من المواد الغذائية    أبرز الأحداث السياسية في تونس في أسبوع (من 20 ديسمبر إلى26 ديسمبر 2025)    السكك الحديدية تنتدب 575 عونا    مواعيد امتحانات باكالوريا 2026    التشكيلة المحتملة للمنتخب التونسي في مواجهة نيجيريا    عاجل/ تعطّل أكثر من ألف رحلة جوية بسبب عاصفة ثلجية..    حجز 5 أطنان من البطاطا بهذه الجهة ،وتحرير 10 محاضر اقتصادية..    تايلاند وكمبوديا توقعان اتفاقا بشأن وقف فوري لإطلاق النار    تنفيذا لقرار قضائي.. إخلاء القصر السياحي بمدنين    رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن عودة الناشط علاء عبد الفتاح    ألمانيا.. الأمن يطلق النار على مريض بالمستشفى هددهم بمقص    فرنسا.. تفكيك شبكة متخصصة في سرقة الأسلحة والسيارات الفارهة عبر الحدود مع سويسرا    المجلس الجهوي لهيئة الصيادلة بتونس ينظم الدورة 13 للايام الصيدلانية يومي 16 و17 جانفي 2026 بتونس    استراحة الويكاند    صفاقس: الدورة الأولى لمعرض الصناعات التقليدية القرقنية تثمّن الحرف التقليدية ودورها في حفظ الذاكرة الجماعية للجزيرة    نشرة متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة..#خبر_عاجل    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    الأحوال الجوية: وضع ولايات تونس الكبرى ونابل وزغوان وسوسة تحت اليقظة البرتقالية    وزارة التربية تنظّم يوما مفتوحا احتفاء بالخط العربي    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    إنطلاق أشغال المسلك السياحي الحصن الجنوي بطبرقة    بداية من شهر جانفي 2026.. اعتماد منظومة E-FOPPRODEX    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من سجنان إلى مكثر مرورا بسوسة والكاف.. ما الّذي تخفيه الشّجرة؟
نشر في المصدر يوم 17 - 01 - 2012

لاحظ أغلب المواطنين الّذين نزلوا إلى شارع الحبيب بورقيبة يوم 14 جانفي 2012 احتفالا بالذّكرى الأولى للثّورة التّونسيّة أنّ الشّارع كان، ورغم ما نقله الإعلام من مشاهد تعكس الانسجام، متعدّد الألوان بسبب اختلاف التّقييمات وتباين المواقف في تقييم سنة الثّورة الأولى.ورغم أنّ الحدث مَرَّ في هدوء وعاد الجميع "فرحين مسرورين" إلاّ أنّ ما وقَع بمكثر من ولاية سليانة أكّد أنّ المسلسل لم تكن خاتمته سعيدة كما توهّمنا.
لقد أبى متساكنو مدينة مكثر وبعض المناطق الأخرى إلاّ أن يستغلّوا الحدث لصناعة الحادثة، إذْ نفّذ المواطنون إضرابا عامّا شُلَّت بموجبه الحركةُ بأكثر من مدينة بسليانة عبّروا من خلاله عن غضبهم من الإقصاء الّذي عاشته ولايتهم طوال العقود الماضية واستمرّ في سنة الثّورة الأولى.
طبعا من الطّبيعيّ أن يعدّ ذلك البعضُ تنغيصا لفرحة التّونسيّين بعيدهم الأوّل، ومن البديهيّ أن يكون أكثر الغاضبين من تمرّد أهالي سليانة الجناح المتحفّظ بكلّ ألوانه اعتبارا لكونه المنتصر في انتخابات 23 أكتوبر سواء الّذين انتصروا بشكل مباشر أو الّذين فازوا بالوكالة!
إنّ القارئ الجيّد للمشهد السّياسيّ التّونسيّ ما بعد الثّورة عليه أن يجمِّع التّفاصيل من كلّ الزّوايا حتّى يتمكّن من إدراك الصّورة ما تُظهِر وما تُخفِي. يجب أن لا ننسى أنّ سليانة كانت من أولى المناطق الّتي عكّرت صفو حكومة الباجي قايد السّبسي حالما أمسَك بزمام الأمور، وتمّت الإشارة حينها إلى أنّ أطراف سياسيّة كانت وراء أحداث "الشّغب".
ما لم يذكر رسميّا هو أنّ اليسار المتطرّف لم يكن راضيا على المسار الّذي اتّخذته الأحداث ما بعد القصبة 1 و2 وأنّ أحداث سليانة كانت رسالة واضحة بأنّ الطّريق الّذي يُفرَش لليمين سيجِد اعتراضات كثيرة من هذا الجناح.علينا أن لا ننسى أنّ اليمين المحافظ طعَن اليسار حين استغلّه في "القصبتين" ثمّ مضى يشوّهه أثناء الحملة الانتخابيّة، وهذا من الأسباب المفسّرة لانتفاضة اليسار وإن لم يوضَّح ذلك في حينه لأسباب أمنيّة وسياسيّة.
إنّ ما وقع بمدينة سجنان من أعمال مشبوهة لا تحتاج تجميلا، ووقَع هذه المرّة بخلاف المتوقَّع في الشّمال، ما يمثِّل امتدادا لما وقَع سابقا في الجنوب نعني خاصّة بروز أمراء في بن قردان الحادثة الّتي مرَّت دون غبار بسبب ما كان يقَع حينها في الجارة الجنوبيّة ليبيا من عمليّات عسكريّة.
إنّ الصّراع جنوب/شمال بألوان صراع يمين/ يسار هو صراع لا يخفى ما يتبطّن عليه من وقود جهويّ قبليّ فضحته نتائج الانتخابات الأخيرة خاصّة في ولايات سيدي بوزيد وقبلي وسوسة وسليانة، على أنّ الضّبابيّة – وحتّى التّعتيم المقصود – هو الّذي جعل المشهد ضبابيّا إلى الحدّ الّذي قد يقِف فيه الفرد الواحد اليوم مع طرفٍ وغدا مع الطّرف المعادي له، إذْ لا غرابة في أن يُنَاصِرَ الطّالب الّذي صوّت "قَبَليّا" في الجنوب لليمين جناحَ اليسار في كليّته الموجودة بالشّمال أو بالوسط. إنّ ذلك يعكِس اضطرابا ولكنّه لا يكشِف كلّ الحقيقة!
آخر ما يشارُ إلى هذا الصّراع هو ما وقَع الاثنين 16 جانفي بكليّة الآداب بسوسة حيث تعرَّض مجموعة من طلبة اتّحاد الطّلبة المحسوبين على اليسار إلى اعتداء من طلبة ينتسبون إلى حزب النّهضة الحاكم.
الاعتداء جاء بعد تطوّرات بدأت يوم الجمعة لمّا جدَّ خلافٌ بين الطّرفين استهدَف من خلاله طلبة النّهضة إفشالَ اعتصام يقوم به طلبة المرحلة الثالثة منذ أسبوع للمطالبة بحقهم في المنحة الجامعية المحرومين منها. الاعتداء خلّف جرحى من الطّلبة المعتصمين والأمر مرشّح لمزيد من التّصعيد الّذي يذكِّر بشكل ما بما وقَع بكليّة منوبة بين اليمين واليسار وإنّ غُلِّف حينها بأعذارٍ أراد الجميعُ يمينا ويسارا وحكومةً أن يحجِب بها الحقيقة. ما يلفت الانتباه هو ورود أخبار عن احتجاجات بولاية الكاف جدّت هي كذلك يوم الاثنين، وعلينا أن لا ننسى علاقة التّجاور والنَّسب بين أهالي الكاف وأهالي سليانة!
لاشكّ أنّ ما يقَع على الميدان من تناحر وصراعات هو انعكاس لما يحدث في الخطابات المهذّبة من صراع برسائل مشفّرة. والمشكلة هي أنّ المواطن البسيط هو الّذي يدفَع الآن الثّمن، والمؤسف أنّه سيظلّ وحده يتكبّد الخسائر ويدفع ضرائب صراع الإيديولوجيّات الّتي يتبنّاها غالبا تبنيّا قبليّا. والأخطَر هو أن تواصل النّخب والإعلام تعليقاتها المهذّبة والمشفّرة والّتي تتوهَّم بها تجنيب البلاد حمّاما من الدّم دون موجِب.
إذا كان ثمّة مشاكل بدائيّة الدّوافع فلا ريب أنّ حلّها يبدأ بتسميتها بما هي عليه حقّا لا بأسماء تحجبها عسى أن يؤدّي الحجبُ إلى تجاوزها، فخلف الشّجرة ثمّة غابة عناوينها القبليّة والجهويّة ثمّ الإيديولوجيا الّتي تتغذّى منهما وتستقوي بهما.
والشّجرة لا يمكن لها أن تحجب الغابة إلى الأبد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.