المراسل-في تصريح فاجأ التونسيين اعترف رئيس الحكومة والأمين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي أن حكومته تواجه أزمة شرعية من بعض الأطراف لم يسمها ملاحظا أنه من الصعب أن تتقدم الحكومة في إنجاز مرحلة الانتقال الديمقراطي في ظل واقع سياسي واجتماعي يغيب عنه الحوار بين جميع الأطراف. وقال الجبالي في حوار تلفزي بثته السبت القنوات التلفزية التونسية "هناك أطراف لا تعترف بشرعية الحكومة رغم أنها تشكلت في أعقاب نتائج انتخابات ديمقراطية". وأضاف أن الحكومة تمد يدها للحوار مع مختلف القوى السياسية والاجتماعية ومكونات المجتمع المدني من أجل بناء مستقبل تونس. وأعرب عن نوع من الأسف كون "عديد الأطراف" لا تتعاون مع الحكومة ولا تتفهم دقة المرحلة وخطورة الوضع. وتعد أزمة "الشرعية" التي أشار إليها الجبالي من ابرز القضايا التي تشغل الرأي العام التونسي، إذ ترى القوى الديمقراطية والعلمانية أن الشرعية لا تكتسب فقط من صناديق الاقتراع ومن عملية محاصصة سياسية أثبتت فشلها وإنما تكتسب من خلال تشكيل حكومة مصلحة وطنية لا "مصلحة نهضوية" تسند الحقائب الوزارية والمسؤوليات على أساس الكفاءة. ولم يخف الجبالي أن عددا من جهات البلاد شهدت خلال شهر رمضان ما يشبه العصيان المدني احتجاجا على تردي الأوضاع وخاصة على إثر انقطاع المياه الصالحة للشرب والنور الكهربائي مشيرا إلى أن الحكومة كادت تضطر لاستعمال القوة العامة لولا تدخل عقلاء ووجهاء. وفي ما يتعلق بعلاقة الحكومة بالإتحاد العام التونسي للشغل قالالجبالي أنه "لا يمكن تصور مستقبل تونس في إطار صراع وتصادم بين الحكومة والمنظمة الشغيلة". غير أن إتحاد الشغل اتهم الحكومة في أكثر من مناسبة بالسعي إلى "تركيع النقابيين والتضييق على نشاطهم في محاولة يائسة لتجريد الإتحاد من استقلاليته. وقال الأمين العام للإتحاد حسين العباسي "سنستميت في الدفاع عن حقوق العمال وعن استقلالية الإتحاد ضد كل المحاولات التي تستهدف حقنا في الدفاع عن الحق النقابي". ويقول النقابيون إن الحكومة تتجاهل مطالبهم المشروعة والتفاوض حولها مثل الزيادات في الأجور وتشغيل العاطلين وتحسين القدرة الشرائية. ويضيفون إن حالة الاحتقان الحالية بين الحكومة والإتحاد تنذر بمواجهة بين الطرفين خاصة بعد أن تأكد الإتحاد من أن حركة النهضة "تخشى منه كقوة اجتماعية مستقلة لها ثقلها السياسي". وتم خلال الأسبوع الماضي اعتقال عدد من النقابيين في محافظة صفاقس على خلفية اعتصام تخللته أعمال عنف بين أشخاص من الطاقم الطبي ينتمي بعضهم لحركة النهضة فيما ينتمي البعض الآخر إلى أحزاب سياسية أخرى. وتحدثت مصادر سياسية وإعلامية أن النشطاء النقابيين المعتقلين تعرضوا للتعذيب ما أثار سخطا وخوفا من عودة انتهاكات حقوق الإنسان. وأعلن حمادي الجبالي أنه سيتم تشكيل لجنة حيادية ومستقلة للنظر في صحة تعرض بعض الموقوفين إلى التعذيب، قائلا: "إذا ثبت ذلك لن نتوانى في معاقبة المذنبين".