يؤدى مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ديفيد وولش، زيارة الى منطقة شمال إفريقيا. واكتنف هذه الزيارة الثلاثاء إلى الجزائر شيء من الغموض، نتيجة تضارب المعلومات بين الطرفين، فعند تسرب خبرها الى وسائل الإعلام المحلية، قامت الخارجية الجزائرية بإعلان تأجيلها، وتبعتها سفارة الولاياتالمتحدة بتأكيد الزيارة وموعدها، عبر بيان أكد أن وولش سيلتقى مسؤولين جزائريين كبارا، الى جانب الرئيس بوتفليقة، وذلك على مدار يومين. كما سيتم تناول العديد من الملفات المتعلقة بالتعاون الثنائى بين البلدين، والقضايا الإقليمية والدولية، لاسيما تلك التى تدخل فى سياق مهام ضيف الجزائر. زيارة ديفيد وولش التى بدأت الثلاثاء وتعد الثانية من نوعها، بعد تلك التى كانت خلال سنة 2006، مثلت فرصة لبحث الفتور الذى دب فى أوصال العلاقات الجزائرية- الأمريكية، على خلفية الرفض المطلق الذى أبدته الجزائر، بشأن المطلب الأمريكى المتعلق بفتح إقليمها الجغرافى لإقامة القاعدة العسكرية " أفريكوم ". وما تبعه من نشاط دبلوماسى فى القارة السمراء، من أجل توسيع موقف الرفض بمعية جهود بعض الفاعلين الآخرين والذى توج بإفشال الطموح الأمريكي. وإذا كان التعاون الاقتصادى والأمني، قد قطع أشواطا كبيرة بين الجزائروالولاياتالمتحدة فى السنوات الأخيرة، نتيجة الاستثمارات التى استقدمتها واشنطن للجزائر، لا سيما فى مجال المحروقات، وهو الأمر الذى أقلق بعض الأطراف الأوروبية كفرنسا، التى رأت فيه تهديدا لمصالحها. وكذلك الاعتراف الذى باتت تروج له أمريكا، لجهود الجزائر وخبراتها فى مجال مكافحة الإرهاب، وإبداء استعداداها لتعميق التعاون المذكور، عبر تبادل المعلومات الاستخباراتية والأمنية، وتسليح الجيش الجزائرى بالمعدات والتجهيزات الحديثة، فان ذلك لم يشفع لتلك العلاقات أن تدخل مرحلة فتور، نتيجة مواقف الجزائر فيما يتعلق بالقضايا العربية، وتعاونها مع إيران، ودعم حقها فى اكتساب التكنولوجية النووية السلمية، علاوة على تراكمات أخرى. ولذلك لم يستعبد الملاحظون أن يكون الملف الإيراني، حاضرا فى لقاءات وولش بالمسؤولين الجزائريين، وان لم يتسرب عنها شيء إلى حدّ مساء الثلاثاء، وذلك انطلاقا من إدراك واشنطن لقدرات الجزائر على إقناع الطرف الإيراني، وإمكانية لعب دور يلتقى خلاله الطرفان فى منطقة وسط، لاسيما وأن أمريكا تقر بالدور الكبير الذى لعبته طهران فى العراق، خاصة فى التآمر على العراق والمساعدة فى إنجاح الغزو، لكنها تحولت الآن إلى ما يشبه الشوكة التى تؤلم خاصرتها، وقد تضطرها الى تليين تهديداتها ضد إيران، مقابل تنازلات تقدمها هذه الأخيرة فى العراق. كما سيتطرق الطرفان الجزائرى والأمريكي، الى الأوضاع فى الشرق الأوسط، بعد الصمود الذى أبدته حركة حماس تجاه سياسة التفكيك التى تستهدفها، والحصار الإسرائيلي، وفشل ما يعرف بالتيار المتأمرك فى القرار الفلسطيني، فى فرض المقاربة الأمريكية لحل الصراع. هذا علاوة على ملف الفراغ السياسى فى لبنان، والحراك الدبلوماسى الدائر لعقد القمة العربية فى دمشق، وهى دعوة برأى الملاحظين من واشنطن للدول المغاربية، لأداء دور ما فى مسائل الشرق الأوسط، أو جس نبض لقدرة دول المنطقة، على نقل رسائل معينة، تريد واشنطن تبليغها للقمة العربية المنتظرة فى سوريا، لاسيما فى ظل الدور الذى تلعبه دمشقوطهران فى المشهد اللبناني، ودعمها للمعارضة اللبنانية الصامدة لحد الآن، فى وجه الانصياع للإرادة الأمريكية فى فرض حلها السياسى فى بيروت. كما ستكون الملفات الثنائية محور زيارة وولش، خاصة فيما يتعلق بالجانب الأمني، بعد النشاط المتنامى لتنظيم القاعدة، الذى صار يركز على ضرب الرموز السيادية، كثكنات الجيش ومقار الأمن، واستهداف الإطارات والشخصيات الى جانب تهديده المتواصل بضرب المصالح الأمريكية، كما حدث فى السنة الماضية، حين استهدف حافلة كانت تقل إطارات يعملون فى شركة نفطية أمريكية، تستثمر فى الجنوب الجزائري. ولا يستبعد الملاحظون أن يكون النشاط المطرد للسفير الأمريكى فى الجزائر، والذى بات مصدر قلق السلطات، نتيجة تركيزه فى الآونة الأخيرة، على مقابلة العديد من الفعاليات المدنية والسياسية والشخصيات، لبحث مسألة الحراك السياسى الدائر فى البلاد، بخصوص مشروع تعديل الدستور، وترشيح بوتفليقة لولاية جديدة. بالإضافة الى نشاط التنصير الذى أخذ أبعادا مكشوفة ومقلقة، فى الآونة الأخيرة، لاسيما بعد ثبوت ضلوع أطراف أمريكية فى النشاط المذكور، وتأييدها للكنيسة الأنجليكانية فى اختراق قلاع الإسلام. من جانب آخر رافقه وولش المساعد المكلف بالمساعدة التقنية لكتابة الخزينة الأمريكية، لارى ماكدونالد، حيث التقى بدوره عدة مسؤولين على مستوى بنك الجزائر ووزارة المالية• وحسب بيان السفارة فإن ماكدونالد سيؤكد الالتزام القوى لكتابة الخزينة الأمريكية، لتدعيم المساعدة التقنية للجزائر وللهيئتين المذكورتين.