أعلنت السلطات في تونس أنها لا تزال تواصل عمليات التمشيط البري والجوي، للبحث عن السائحين النمساويين اللذين اختفيا قرب الحدود مع الجزائر. وكان السائحان قد دخلا تونس في العاشر من فبراير الماضي، قادمين من ميناء جنوا الإيطالي، إلى ميناء حلق الواديالتونسي، وذلك للقيام بجولة في الصحراء التونسية. ترجح السلطات التونسية أن السائحين توغلا في الأراضي الجزائرية قبل اختفائهما، وخاصة بعد أن اتصلا بخبير ألماني في مسالك الصحراء "من غير المستبعد أن يكون المواطنان النمساويان اللذان دخلا تونس للقيام بجولة في الصحراء على متن سيارة رباعية الدفع قد دخلا التراب الجزائري على وجه الخطأ فتم اختطافهما هناك". وتؤكد السلطات التونسية أنه لا يوجد دليل أنهما موجدان داخل الأراضي التونسية، أو أنهما اختطفا داخل حدود تونس. في الوقت الذي ذكرت فيه وزارة الخارجية النمساوية، أنها تجري تحريات للتأكد من صحة المزاعم عن تبني تنظيم القاعدة لخطف السائحين، وأنها طلبت من قناة الجزيرة نسخة من التسجيل الصوتي الذي وصلها، والذي يؤكد هذه المزاعم. كانت قناة الجزيرة قد بثت شريطا مسجلا لمتحدث باسم القاعدة، يزعم أن تنظيمه خطف السائحين النمساويين، وهما رجل وامرأة يوم 22 فبراير الماضي، انتقاما من النمسا لتعاونها مع إسرائيل، وفقا لما قاله المتحدث، وبالرغم من أن المتحدث باسم القاعدة قد ذكرمعلومات عن السائحين، حيث ذكر أن المرأة تدعى اندريا كلويبر(43 عاما) وتعمل ممرضة، وأن الرجل يدعى ولفغانغ ابنر(51 عاما) ويعمل مستشارا، مما يرجح فرضية الخطف، إلا أنه لم يطلب شيئا مقابل إطلاق سراحهما. معلومات صحيحة ترجح معظم المصادر أن السائحين اللذين خطفا داخل الأراضي التونسية يوجدان حاليا داخل الأراضي الجزائرية في منطقة تمتد من تبسة إلى وادي سوف، لذلك تقوم قوات الأمن الجزائرية بحملة تمشيط مكثفة على طول الحدود مع تونس، إلا أن أنباء متضاربة نقلتها صحيفة النهار الجزائرية على موقعها الالكتروني، تفيد بأن السائحين نقلا إلى مالي عبر الأراضي الجزائرية والليبية، دون أن تبين كيف ومتى حدث ذلك. كانت وزارة الخارجية النمساوية قد طلبت من تونسوالجزائر عدم استخدام القوة لتحرير الرهينتين، وخاصة بعد التحذير الصادر عن تنظيم القاعدة. وكانت السلطات التونسيةوالجزائرية قد أعلنت أنها تبحث عن السائحين، بهدف فتح قنوات الاتصال للإفراج عنهما، وليس لمهاجمة الخاطفين. وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية النمساوية رودولف جوليا قد ذكر في مؤتمر صحفي، أن الرسالة التي نشرت على موقع مقرب من تنظيم القاعدة، تشمل معلومات صحيحة عن السائحين، أخذت من جوازي سفرهما، مؤكدا أن هذا لا يعني إثباتاً لمزاعم الخاطفين. بصمات يحيى جوادي من جهتها نفت صحيفة الخبرالجزائرية فرضية نقل السائحين إلى مالي عن طريق ليبيا والجزائر، مؤكدة أن الرواية تهدف لمجرد تشتيت جهود البحث عنهما، وأنهما لا يزالان موجودين في مكان ما قرب الحدود المشتركة، ونظرا لطول الحدود البالغة بين تونسوالجزائر البالغة 700 كيلو متر، فإن فرصة العثور عليهما بسرعة تبدو صعبة، وتستغرق بعض الوقت، وترجح بعض المصادر الأمنية أن يكون يحيى جوادي، المعروف باسم "يحيى أبو عمار التياري"، الذي أصبح أمير جماعة الصحراء في تنظيم القاعدة، بعد مختار بلمختار العام الماضي، هو المسئول عن خطف السائحين، وهو أيضا من قاد الهجوم الشهر الماضي الذي سقط فيه سبعة من حرس الحدود الجزائريين. وقال مارتن غارتنر المتحدث باسم الخارجية النمساوية للجزيرة نت، إن بلاده تفكر في إرسال قوات خاصة (كوبرا) إلى المنطقة، مشددا أن الفكرة لا تزال قيد الدراسة، موضحا أن كلمة "قوة" لا تعني بالضرورة رجالا مسلحين، وإنما خبراء في تعقب الانترنت، وتعقب الأثر في الصحراء، ولمعاينة ما يتوفر من أدلة. ضرب السياحة التونسية! تخشى تونس أن يؤثر هذا الحادث في موسمها السياحي المزدهر، مثلما حدث بعد تفجير تنظيم القاعدة لكنيس يهودي في جزيرة جربة قبل بضع سنوات، وأكد مصدر رسمي تونسي لوكالة رويترز أنه "ليس هناك بالنسبة لكل السياح والزوار أية مدعاة للانشغال بخصوص أمنهم وراحتهم خلال إقامتهم في تونس". يقدر عدد السواح القادمين إلى تونس بحوالي 6 ملايين سنويا، معظمهم من أوروبا، كما تقدر العائدات السنوية بحوالي ملياري دولار سنويا، مما جعل السياحة تحتل الترتيب الثاني بعد القطاع الزراعي، حيث يعمل بها حوالي 360 ألف شخص. ومن الواضح أن تنظيم القاعدة يحاول الضرب في البطن الرخوة، حيث يمكن لمثل هذه العملية أن تضرب بسهولة موسما سياحيا كاملا، وخاصة أن تنظيم القاعدة اختار توقيتا قاتلا. ففي مثل هذا الشهر يعتدل الطقس في شمال إفريقيا، ويبدأ الموسم السياحي قبل جنوب أوروبا، وبالرغم من أن عدة مصادر تؤكد عدم وجود القاعدة في تونس، بسبب القبضة الأمنية المتشددة ضد أي نوع من الخطاب الإسلامي بما في ذلك الخطاب المعتدل، الذي تمثله حركة النهضة بقيادة الغنوشي، إلا أن وجود هذا التنظيم في الجزائر يمكنه من الدخول إلى جنوبتونس بسهولة، من خلال 700 كيلو متر من الحدود بين البلدين. سبق للجماعة السلفية للدعوة والقتال، التي أصبح اسمها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، قد تمكنت من خطف 23 سائحا أوروبيا في الجزائر، معظمهم من الالمان عام 2003، وتم نقلهم إلى مالي حيث أطلق سراحهم بعد أن دفعت المانيا فدية ضخمة.