أكد لويس كابريولي، المسؤول الفرنسي السابق عن مكافحة الإرهاب، أن طلب النمسا مساعدة الفرنسيين يعود للدور الذي لعبوه في القبض على قتلة الفرنسيين الأربعة في موريتانيا. لم يستبعد كابريولي، الذي عمل في مديرية مراقبة الإقليم المخابرات الفرنسية، أن تكون السلطات النمساوية قد دخلت في اتصالات مع المخابرات الجزائرية، دون أن تعلن عن ذلك رسميا. وقال، في اتصال مع ''الخبر''، بأن طلب النمسا المساعدة من الشركاء الأوروبيين منطقي نوعا ما، على اعتبار أن النمسا بلد عضو في الاتحاد الأوروبي. وأوضح أن توجهها إلى المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي، يعود إلى الدور الذي لعبه هذا الجهاز في قضية الفرنسيين الأربعة الذين اغتيلوا في موريتانيا، وهذا ما علق في ذهن السلطات النمساوية، التي اعتقدت بأن للفرنسيين دراية وخبرة بالمنطقة وبتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. واعتبر محدثنا بأنه كان من الأولى طلب مساعدة المخابرات الجزائرية أولا، مؤكدا في المقابل أنه لا يمكن أن نستبعد بأن يكون الاتصال قد تم فعلا بهذه الأخيرة. مشيرا إلى أن النمسا ليست في وضع يسمح لها بالإعلان عن جميع الاتصالات والتحركات التي تقوم بها، وهو ما يبرر إعلانها رفض التفاوض مع الإرهابيين، وهذا موقف كلاسيكي أو نمطي نوعا ما، لأنه لا يجب الاعتراف رسميا بأن هناك نية للتفاوض مع الإرهابيين الخاطفين للرهينتين. موضحا بأنه من المنطقي التوجه إلى مصالح الأمن لمالي، ولكن هذه الأخيرة ليست لها إمكانيات التدخل في مناطق لا تسيطر عليها. كما أن التدخل العسكري يبقى صعبا، لأن مالي لن تسمح لقوات أجنبية بالتدخل عسكريا فوق أراضيها، وحتى وإن وقع ذلك، فلن يتم الاعتراف به رسميا أبدا. أما فيما يتعلق بالمطالب التي تقدم بها تنظيم القاعدة للإفراج عن السائحين، قال محدثنا بأن هناك عملية توظيف إعلامي ودعائي لهذه العملية، ''لأن الخاطفين يعلمون جيدا بأنه لن يتم الإفراج عن الأشخاص المطلوبين من جانبهم، سواء تعلق الأمر بأولئك الموجودين في السجون الجزائرية أو التونسية''، ولكنهم يعملون على تطوير إستراتيجية دعائية حول هذه القضية، وهم يسعون لإطالة القضية أطول مدة ممكنة. مشيرا إلى أنه من الصعب التنبؤ بمآل هذه القضية. وتوقع محدثنا أن يتكرر سيناريو السياح الذين اختطفهم ''البارا'' في 2003، حيث ستمر فترة سرية يتم خلالها إجراء مفاوضات واتصالات وسط تكتم شديد، ولكن من المستحيل أن يتم الإعلان عنها أو الاعتراف بأنها وقعت فعلا بعد ذلك. وأوضح كابريولي بأن تنظيم القاعدة يريد أن يجني عدة مكاسب من هذه العملية، وأهمها الدعاية، مشككا في أن عملية الاختطاف وقعت في تونس. موضحا بأن السائحين ''قد يكونان وقعا في الأسر بالقرب من المنطقة الحدودية، لكن القاعدة تقول بأنها اختطفتهما من داخل الأراضي التونسية، حتى تبدو وكأنها تسيطر على المنطقة بأسرها، وبأنها قادرة على الضرب في أي دولة من دولها، والهدف الثاني هو تقديم مطالب لا يمكن تلبيتها، والثالث هو الحصول على مبالغ مالية''. وأشار كابريولي إلى أن التنظيم يعرف بالتأكيد صعوبات مالية، فالضربات التي يوجهها الجيش الجزائري لمعاقله تسببت له في خسائر كبيرة، إضافة إلى فقدانه لمختار بلمختار الذي كان يموله ويمونه بالسلاح، معتبرا بأن خليفته أبو عمار يظهر غير قادر على ملء الفراغ الذي تركه بلمختار، كما أن المنطقة الثانية لتنظيم القاعدة لها حاجيات كثيرة.