*. هل يعد المسلمين في الثقافة الهولندية هو الحل لمشكلة التطرف في أواسط الشباب المغاربة؟ أم أن التركيز المبالغ فيه على الإسلام بوصفه سبب المشاكل لن يؤدي إلا إلى المزيد من الاغتراب والتطرف وسط المسلمين الهولنديين؟ أدى نشر عدد من التقارير حول تطرف المسلمين إلى مناقشات حادة في هولندا في الأسابيع الماضية. هذا وقد قدم ثلاثة من أبرز المشاركين في هذا النقاش أراءهم على صفحات عدد ال20 من يونيو من صحيفة "أن آر سي هاندلسبلاد". - "خيرت فيلدرز" نائب عن حزب "جماعة فيلدرز" المعارضة للهجرة. - "رود بيترز". - "فرانك بييس" باحث بمعهد الدراسات العرقية والهجرة في أمسترادم، وأحد المشاركين في وضع تقرير صدر مؤخرًا عن المعهد يتناول الديمقراطيين والمتطرفين المسلمين. ومن خلال وجهة نظره المعارضة للهجرة، يرى النائب "خيرت فيلدرز" أن الساسة وصانعي القرار الهولنديين يواصلون تجاهل المشاكل التي الناجمة عن الهجرة. فيقول: إنه في العشرين عامًا المقبلة ستستمر نسبة المهاجرين من إجمالي عدد سكان هولندا في الارتفاع؛ فسيشكلون قريبًا أغلبية في المدن الهولندية الكبرى. وتأتي أغلبية المهاجرين من المغرب وتركيا وبخلفيات إسلامية. وستؤدي زيادة نسبة السكان المهاجرين في هولندا إلى تصاعد المشكلات التي يجلبونها معهم؛ فالإحصائيات تظهر أن نسبة البطالة والجريمة العنف الأسري والتطرف في أوساط المهاجرين أكبر من مثيلتها عند الهولنديين الأصليين؛ فوفقا لتقرير صدر مؤخرًا عن معهد الدراسات العرقية والهجرة؛ فإن 40% من الشباب المغاربة يرون أن سبل الحياة الغربية والإسلامية لا تتوافقان، كما أظهر التقرير أن 7% منهم مستعدون لاستخدام العنف للدفاع عن الإسلام. كذلك صرح المنسق القومي لمكافحة الإرهاب أن "السلفية" الإسلامية التقليدية؛ التي ترفض الاندماج في المجتمعات الغربية، تنمو بسرعة في هولندا. ويعتقد "فيلدرز" أن مثل هذه المشاكل تتطلب عددًا من الإجراءات غير التقليدية؛ فيجب إيقاف الهجرة من الدول غير الغربية، ومنع بناء المساجد والمدارس الإسلامية لفترة 5 أعوام. ويجب اعتبار الثقافة الهولندية – القائمة على المسيحية واليهودية والنزعة الإنسانية الثقافة المهيمنة، ويجب الدفاع عنها دون حرج. ويجب أن يكتسب المهاجرون المعرفة والمهارات التي تمنكهم من المشاركة في المجتمع والثقافة الهولنديتين، وإذا ما فشلوا في اكتساب هذه المهارات فيجب أن يتم إلغاء إقامتهم في هولندا. ووفقا للمستعرب "رود بيترز" فإن الجدل الهولندي حول الاندماج يركز كثيرًا على الثقافة، بينما لا يهتم بالمشاكل الاقتصادية الاجتماعية الكامنة؛ فدائما ما يتم ترد المشاكل التي يتسبب فيها المهاجرون إلى الثقافة أو الدين الإسلامي. إن مثل هذه التفسيرات ليست خاطئة فقط، ولكنها تؤدي إلى مخاطر سياسية؛ فقد أدى الهجوم المتواصل على الإسلام، من قبل عددٍ من المثقفين والساسة الهولنديين إلى استقطاب كبير في المجتمع الهولندي؛ فمن جهة يزداد خوف الهولنديين من الإسلام، ومن جهة أخرى يقل شعور المسلمين الهولنديين بأنهم في وطنهم وهم في هولندا. وهكذا أسهمت مشاعر الاغتراب الناتجة هذه بصورة كبيرة في تطرف الشباب المسلمين في هولندا. لقد تسبب المجتمع الهولندي في مأزق خطير. ولكن ماذا نفعل حيال هذا الأمر؟ يقول "بيترز": إنه عوضًا عن التركيز على الاختلافات الثقافية، يجب أن نركز مرة أخرى على القضايا الاقتصادية والاجتماعية مثل التعليم وفرص العمل فيجب اتخاذ إجراءات لمكافحة التفرقة في سوق العمل، وتحسين نظام التعليم. الإصلاح الإسلامي ويتفق الأستاذ "فرانك بييس" مع ما يذهب إليه "بيترز" حول التأثير العكسي للمناقشات المعادية للإسلام، والحاجة للتركيز على التعليم والتوظيف، ولكن وبعكس "بيترز" لا يعتقد أن الحل يكمن في الإجراءات الاجتماعية والاقتصادية وحدها؛ فهو يجادل بالقول: إن على السلطات الهولندية أن تشجع إصلاح الإسلام. ويقول السيد "بييس": إن التفسيرات التقليدية المتشددة للإسلام تتناقض مع المبادئ الديمقراطية مثل اعتبار كل البشر متساوون وحرية التعبير؛ لذلكم فإن تأويلات حداثية وديمقراطية وتعددية للإسلام ستسهم بالطبع في اندماج المسلمين في المجتمع الهولندي. ينخرط الشباب الهولنديين المسلمين في بحث ديني محموم؛ وفي بحثهم عن المعلومات عن الإسلام – وهو البحث الذي يتم بصورة رئيسة عبر الإنترنت يجدون القليل فقط من المواقع والمصادر الديمقراطية، والكثير من المواد الأصولية والمتطرفة. وينتهي بحث هؤلاء الشباب بأئمة وكتب ومواقع وهابية وسلفية متطرفة، بل وحتى جهادية تتبنى العنف. ويجب على السلطات الهولندية أن تقدم أيدوليجة بديلة؛ فيجب تشجيع تأويل ديمقراطي للإسلام، وتقديمه للشباب المسلمين الهولنديين. ويعارض" بيترز" بشدة هذا الطرح الأخير؛ فهو يرى أن جهود السلطات الهولندية لإقناع المسلمين باعتناق إسلام هولندي معتدل ليبرالي ستثبت عدم جدواها؛ فأديان المهاجرين غالبًا ما يغلب عليها الطابع المحافظ، وترتبط بالبلد الأم. وعلى مدار الزمن سيصبح الإسلام في هولندا أكثر ارتباطا بالمجتمع الهولندي بصورة طبيعية. ويستنتج "بيترز" أن النتيجة ستكون إسلامًا ليبراليَّا متفتحا، بناءً على قدر مساحة الديمقراطية التي سيوفرها المجتمع الهولندي. تقرير: ميشيل هوبنك إذاعة هولندا العالمية ترجمة: محمد عبد الرؤوف