لم يعد هناك سوى القليل جدا من الإرهاب الذي يهدد هولندا على الرغم من أن حجم التهديد في السنتين الأخيرتين كان كبيرا، اذ يبدو ان المتطرفين الإسلاميين صاروا يبحثون عن الخلاص خارج الحدود الهولندية، حسب ما أفاد به مكتب التنسيق الوطني لمحاربة الإرهاب.أخيرا يمكن للسياسيين في لاهاي والأهداف المحتملة الأخرى أن يتنفسوا الصعداء، فحسب المعطيات المتوفرة لدى جهاز الاستخبارات الهولندي فان الشبكات المحلية التي يديرها مسلمون متطرفون مثل شبكة هوفدستاد المعروفة قد ضعفت كثيرا في السنة الأخيرة بسبب الانقسامات الداخلية وافتقارها الى القيادة.
بالإضافة الى ذلك فان ذكر هولندا لم يعد يرد بكثرة في تسجيلات الفيديو للفرق الجهادية، وذلك على الرغم من بروز خيرت فيلدرز المعرف بمعاداته للإسلام على الساحة السياسية الهولندية. وكان فيلم فتنة الذي أنتجه فيلدرز قد تسبب العام الماضي في الكثير من الاستفزاز لكنه سقط من حسابات الجهاديين في مرحلة لاحقة. مواقع نزاع أخرى
أن تصبح هولندا غير مستهدفة من قبل الإرهابيين لا يعني أن الخطر قد زال تماما، هذا هو التحذير الذي يطلقه مدير الأمن الداخلي في جهاز الاستخبارات الهولندي. لكن الخطر تنحى إلى جهة أخرى.
يقول: " لا يزال هناك الكثير من الشباب المتطرف والأشخاص الذين يغذون فتيل الإرهاب لكن اهتمامهم توجه إلى مناطق النزاع في العالم مثل باكستانوأفغانستان والصومال. الناس يتحدثون عن الانتقال إلى هذه المناطق أو تلقي تدريب هناك". في العام الماضي تم توقيف أربعة أشخاص هولنديين في كينيا وإعادتهم الى هولندا، يبدو أنهم كانوا في طريقهم الى للالتحاق بأحد معسكرات التدريب الجهادية في الصومال.
لحظات رمزية باقي أجزاء أوروبا ليست أكثر أمنا من السابق حسب ما يؤكده جهاز الاستخبارات الهولندي ومكتب التنسيق الوطني لمحاربة الإرهاب. فقد شهدت كل من ألمانيا والدنمارك العام الماضي تهديدات إرهابية. تزامن التهديد في ألمانيا مع الانتخابات ومع النقاش حول البعثة الألمانية إلى أفغانستان. "المتطرفون حساسون جدا تجاه مثل هذه اللحظات الرمزية". كما يقول خبير الإرهاب جافري مورر من جامعة سنت أندروز الاسكتلندية.
التهديدات الإرهابية يعتقد ميرر ايضا بأن النقاش الحاد حول الهجرة والاندماج في هولندا لعب دورا ايجابيا "الإرهاب له علاقة مع المجتمع الذي نعيش فيه، سواء كنت تعيش في فرنسا او في بريطانيا أو في الدنمارك. والحكومة الهولندية أظهرت أنها تدعم الحوار الإيجابي البناء."
لا لإجراءات مخففة
يمكن أن ترتفع درجة التهديد بالأعمال الإرهابية في العام المقبل، وهذا سيؤدي الى اتخاذ القرار الحاسم حول مشاركة هولندا العسكرية في الحرب في أفغانستان. وستبدأ في شهر يناير/ كانون الثاني المحاكمة المثيرة للجدل لخيرت فيلدرز، حول آرائه المعادية للإسلام، كما سينشر ايضا التقرير الخاص بدور هولندا في الغزو الأمريكي على العراق.
ويمكن أن تشكل هذه الأحداث ارضية خصبة لتطورات جديدة كما حدث في ألمانيا، حسب ما يرى جيفري ميرر. زيادة على هذا يمكن أن يكون الجهاديون قادرين على انشاء معسكرات تدريب على الأراضي الهولندية. ولا يستبعد المنسق الهولندي لمكافحة الإرهاب أن يتم رفع درجة التأهب لأية أعمال ارهابية بشكل سريع. وتوضح وزيرة الداخلية الهولندي خوسيه تر هورست ووزير العدل ارنست هيرش بالين في رسالة الى البرلمان، أن خفض درجة التأهب لا يعني أنه ستكون هناك إجراءات أمنية أقل للحماية.
الصبي والذئب
ومع كل هذا يجب على الكثير من الهولنديين أن يتعودوا على الإنذار البرتقالي اللون الخاص بالتهديدات الإرهابية. وتشير آخر استطلاعات الرأي أن نسبة المتخوفين من الوقوع ضحية عملية إرهابية في هولندا لم يتعد نسبة الواحد في المائة. ويحذر ميرر بالقول "هذه هي المشكلة التي تنشأ من مثل هذه المؤشرات، فيجب على السلطات أن تحترز من ان تضع نفسها في موقع حرج كمن يتقمص دور ذلك الصبي الذي يبحث عن المتعة بتقمص بطلب النجدة من الذئب لإفزاع سكان القرية."
اذا راحت السلطات تتنقل من مستوى الى آخر من مؤشرات درجة التهديد بأعمال إرهابية مع عدم وجود أي تغير طارئ على ارض الواقع، فأن ذلك سيؤدي الى تأثر الكثير من المواطنين، وسيكون الوقع جراء ذلك أكثر تأثيرا من الفرق بين درجة التهديد، محدودة كانت أو مرتفعة.
ان أحد الأمور التي تزداد وضوحا، سواء بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الفرنسية أو الألمانية أو الدنمركية أو السويدية أو حتى البريطانية، هو أن الإرهاب الموجود داخل تجمعات المهاجرين يتولد نتيجة العلاقات والأوضاع السياسية داخل محيطهم. وبما أن الحكومة الهولندية كانت ضالعة في النقاش عن الهجرة والدور الذي يجب ان تضطلع به الدولة، فانه ليس من دواعي دهشتي أن ينعكس ذلك على شكل إرهاب أقل". تقرير: بيرو دي يونغ تاريخ النشر : 15 December 2009 - 6:29مساء | تقرير: إذاعة هولندا العالمية