تشهد بلادنا منذ أسابيع عديدة حالة من الغليان الشعبي غير المسبوق ردت عليه السلطة بحملة قمع منظم بلغت مداها يوم 6 ماي الماضي في حادثة قتل الشاب هشام بن جدو العلايمي عندما كان يرابط مع مجموعة من الشباب العاطل عن العمل للمطالبة بحقهم في الشغل. وقد حدثت هذه الجريمة البشعة وما سبقها وتبعها من اعتقالات واعتداءات وتنكيل على خلفية التحركات الاحتجاجية الغاضبة التي تعرفها منطقة الحوض المنجمي دفاعا عن حقّ الشغل وحق التنمية. وقد لفت انتباه جميع الملاحظين الوحشية التي ميزت تدخل قوّات الشرطة لقمع مظاهرات سلميّة و ممارسة العنف ضدّ الأهالي بشكل يعبّر عن رغبة في التنكيل بهم لغاية التخويف والردع عن التظاهر في المستقبل بما جعلهم يتركون مدنهم ، التي تعيش حالة طوارئ غير معلنة، بشكل جماعي، مرة أخرى بعد حادثة لجوء عائلات إلى الجزائر فرارا من القمع وبحثا عن الأكل. بهذه الأحداث نشاهد اليوم انهيار الأكذوبة الثانية التي نجح النظام في تسويقها طوال عقدين من الزمن أي المعجزة الاقتصادية.قمة هذه المعجزة كما نرى أن يواصل شبابنا الموت غرقا في البحر وأن تلجأ عائلات تونسية للجزائر بحثا عن الطعام وأن يتمرد الناس على الغلاء الفاحش الذي تلقي الدولة مسؤوليته على الظرف الدولي متناسية دورفسادها وسوء إدارتها وخنقها لكل عوامل اقتصاد سليم . إن هذه الوضعية غير المسبوقة تنذر بدخول النظام الاستبدادي في آخر منعرجات الطريق ، وذلك بعد الانهيار السريع لأكذوبة " المشروع الديمقراطي" وقمعه المتواصل للوطنيين بخنق كل الحريات الفردية والعامة وحصاره المتواصل لصحف ومقرات ومناضلي الأحزاب والجمعيات الديمقراطية والإصرار على مواصلة سجن مناضلي "النهضة" و حبسه للصحفي سليم بوخذير والتركيز هذه الأيام على عبد الرءوف العيادي و مناضلي المؤتمر تباعا . وأمام هذا الوضع فإن المؤتمر من أجل الجمهورية 1- يتقدم بخالص تعازيه إلى عائلة القتيل الشاب هشام بن جدو العلايمي وإلى كل سكان منطقته . 2- يعرب عن بالغ اعتزازه بما أظهره سكان الرديف وأم العرائس وقفصه من شجاعة وتصميم ويعبر عن أمله أن تنسج كل المناطق على منوال هؤلاء الأشاوس لأن التاريخ علمنا قاعدة لا تتغير وهي أن الحقوق تفتك ولا تعطى، تؤخذ ولا يطالب بها. 3- يعتبر أن الأزمتان السياسية والاجتماعية مرشحتان للتفاقم مما سيعرض بلادنا لأخطار جسيمة. فالنظام يستعد للعبة التمديد في إطار مؤتمر الحزب الحاكم المقبل ، بانتظار دخوله في لعبة التوريث .هو مصرّ أكثر من أي وقت مضى على رفض أي إصلاح حقيقي يخاف ان يكون بداية مسلسل لا يستطيع التحكم فيه. وباعتبار عجزه المطلق على انتهاج منهج آخر، عدى منهج العصا البوليسية وممارسة ارهاب الدولة، فلن يجد النظام بدا من مواجهة التحركات الشعبية القادمة، التي نرجح تزايدها وتسارعها في ظل تواصل تدهور القدرة الشرائية لعدد متزايد من المواطنين، بدرجات أشد من القمع والتنكيل. إن قدر التعسف الذي يمارسه على شعبنا نظام فاقد للهيبة والمصداقية والشرعية والفعالية، لا يواجه إلا باتحاد كل القوى الفاعلة لإسقاطه. كلنا مطالبون اليوم بالتصدي لمشروع إجرامي يدفع بالشعب نحو مزيد من المعاناة واليأس والعنف للحفاظ على مصلحة فئة لا تتجاوز مئة شخص، وذلك بالانخراط في المقاومة المدنية السلمية، في كل المستويات داخل مؤسسات الدولة وخارجها في كل المناطق. في كل المدن والأرياف، حتى لا يستطيع النظام أن يستفرد بمنطقة أو بحزب أو بشخص كما تعوّد على ذلك طوال هذه السنين. فإلى مسؤولياتكم التاريخية يا رجال ونساء تونس لإكمال مشروع التحرر الوطني الذي ضحّى من أجله الآباء والأجداد وصادرته سلطة باغية . لنضع نصب أعيننا أنه لا توجد اليوم بالنسبة لجيلنا من مهمة أوكد وأنبل من إنهاء الدكتاتورية ومنع تجددها حتى يكون لتونس مستقبل جدير بها ، وذلك بإعادة السيادة للشعب والشرعية للدولة والكرامة للمواطن.