عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق الكاتب العام السابق لنقابة قوات الأمن..    تراجع رقم أعمال قطاع الاتصالات إلى 325 مليون دينار في أفريل 2025    عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق الطيب راشد..    عاجل/ الاحتفاظ بمربي نحل من أجل هذه التهمة..    الكأس الذهبية: المنتخب السعودي يتغلب على نظيره الهايتي    جائزة كندا الكبرى للفورمولا-1: البريطاني راسل يتوج باللقب    بعد ترميمه: "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميًا لأول مرة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    قافلة "الصمود": الإفراج عن العديد من المعتقلين والمفاوضات مستمرة لإطلاق سراح البقية    معرض باريس الجوي.. إغلاق مفاجئ للجناح الإسرائيلي وتغطيته بستار أسود    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    من هو الهولندي داني ماكيلي حكم مباراة الترجي وفلامينغو في كأس العالم للأندية؟    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    243 ألف وحدة دم أُنقذت بها الأرواح... وتونس مازالت بحاجة إلى المزيد!    كهل يحول وجهة طفلة 13 سنة ويغتصبها..وهذه التفاصيل..    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    اليوم الإثنين موعد انطلاق الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة بنزرت الشمالية    صاروخ إيراني يصيب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب..    كأس العالم للأندية: برنامج مواجهات اليوم الإثنين 16 جوان    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    طقس اليوم..الحرارة تصل الى 42..    قتلى وجرحى بعد هجمات صاروخية إيرانية ضربت تل أبيب وحيفا..#خبر_عاجل    عز الدين عقيل يحذّر من التصعيد: القافلة تحتاج تنسيقًا رسميًا لتجاوز العراقيل    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    باكستان تتعهد بالوقوف خلف مع إيران وتدعو إلى وحدة المسلمين ضد "إسرائيل"    النفط يرتفع مع تصاعد المواجهة في الشرق الأوسط.. ومخاوف من إغلاق مضيق هرمز    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    الاحتلال يستهدف مقرا للحرس الثوري في طهران    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    بوادر مشجعة وسياح قادمون من وجهات جديدة .. تونس تراهن على استقبال 11 مليون سائح    اليوم انطلاق مناظرة «السيزيام»    إطلاق خارطة السياسات العمومية للكتاب في العالم العربي يوم 24 جوان 2025 في تونس بمشاركة 30 دار نشر    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    زفاف الحلم: إطلالات شيرين بيوتي تخطف الأنظار وتثير الجدل    المبادلات التجارية بين تونس والجزائر لا تزال دون المأموال (دراسة)    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    هل يمكن أكل المثلجات والملونات الصناعية يوميًا؟    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.هيثم مناع :شعب متسول أم مقاوم ؟
نشر في الوسط التونسية يوم 30 - 06 - 2006


تذكير بأوليات حق المقاومة
يمكن القول أن الحصار على الشعب الفلسطيني من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية هو وبكل المعاني غير مسبوق في التاريخ: منع من الحركة، منع من العمل، قتل منظم خارج القضاء، استباحة الأراضي واستيطانها، ممارسة الأبارتاي في وضح النهار، نهب ممتلكات وهم خيرات الآخر بشكل منهجي...
مليارات الولارات صرفت لعم الاستيطان (وهو جريمة ض الإنسانية في ميثاق روما للمحكمة الجنائية الولية). مليارات أخرى هرت لبناء أكبر ترسانة أسلحة في المشرق. مليارات غيرها جيّرت لخلق رفاه مصطنع لولة مركبة على هوسٍ يوظف التوراة في أكثر مشاريع الحاثة (الأمة-الولة) علمانية. ملايين رصت لبناء الجار العنصري العازل في زمن يصفق العالم فيه لسقوط جار برلين. اسئلة تطرح نفسها: هل يحتاج هذا الكيان لكل هذه الترسانة الحيية والاسمنتية والمالية لكي يستمر لو لم يكن مبنيا على أسس باطلة كما تنبأ غابرييل بيري قبل سبعين عاما في مثل هذا اليوم؟ أليست الطريقة الشرسة في الفاع عن الولة العبرية هي التي عت أح أشرس أنصارها في إارة فرانسوا ميتيران (مستشاره جاك أتالي) للقول: "إسرائيل كما هي لا مستقبل لها"؟.
سلام من جانب واح، هنة من جانب واح، خضوع من جانب واح، وظلم على جانب واح. فهل ثمة أغبى من السؤال عن واعي المقاومة؟
العالم يستنفر اليوم لإطلاق سراح جني إسرائيلي اختطف في عملية عسكرية باهرة القة لم يسقط فيها مني واح. عملية ض موقع عسكري في بل محتل. عملية تأتي بع حصار في المال والغذاء والسفر بل والواء المقطر بطريقة هوميوباثية لشعب تسقط عليه القذائف في كل مكان. لا يهم أن يكون على شاطئ البحر أو في بيته أو في الشارع. بعوى ملاحقة الإرهابيين، يموت في كل يوم أطفال ونساء وعزّل، ون صرخة ضمير حتى من منظمات حقوق إنسان شمالية تسمي نفسها ولية!. كل هذا يسوّق ضمن شعارات "الفاع عن النفس" و"ضمان سلامة أمن إسرائيل". هذه الولة التي تطبق عليها الإارة الأمريكية شعار هتلر في الألمان: "الإسرائيلي فوق الجميع".
منذ استلمت حماس السلطة في الانتخابات الأكثر شفافية في العالم العربي منذ خمسين عاما، قرر الغرب حصار الشعب الفلسطيني عقابا على خياره الانتخابي. وكون أوسلو ق أخلت مفهوم الشعب المتسول شرطا في المباحثات- أي أنها لم تشترط مبأ فتح الحو الفلسطينية على العالم لإنهاء حقيقي للاحتلال- أصبحت اللقمة الفلسطينية رهن إشارة المفوضية الأوربية واللوبي الصهيوني في الولايات المتحة وول الاتحا الأوربي. وبات الاقتصا الفلسطيني أسير قرار الحكومات الإسرائيلية.
رغم هذا الوضع غير المسبوق في التاريخ، استطاع الشعب الفلسطيني أن يقاوم الجوع والمرض بأسلحة بائية. لم يمت في أعماقه مبأ مقاومة الاحتلال. لكن لم نر يوما حكام العالم العربي يستنفرون جهوهم من أجل 6673 سجين فلسطيني في السجون الإسرائيلية، معظمهم تعرض لاعتقال خارج القضاء وكان ضحية محاكمات صورية عسكرية. في حين يفعلون هذا اليوم من أجل إنقاذ جني إسرائيلي.
فأين هي حوانيت حقوق الإنسان الممولة أمريكيا من وقفة ضمير مع النفس يوم لم يع سوى الصمت المذل ثمنا لتمويلها؟ أين هي الضمائر الحية في أوربة التي افعت عن كل الشعوب المقهورة، لكن ارتجفت أوصالها عنما تعلق الأمر بجرائم الولة العبرية؟ أين منا برتران راسل لمحكمة شعبية ولية للكيان الصهيوني باعتباره المثل المكثف لانتهاكات حقوق الإنسان والشعوب في عالمنا اليوم؟
ما من قضية شكلت موضوع نقاش يني ونيوي، شعبي وولاني، للعامة والة، مثل قضية حق المقاومة. فالمقاومة كلمة ترتبط بشرعية القائم وبالطابع شبه المقس للسلطة الأقوى وبتهي الجماعة السائة في لحظة ما. بهذا المعنى، تبو كلمة هرطقية مخيفة حيث من الأفضل عم إعطائها حق الوجو. لكن هل يمكن للبشر التقم ون مقاومة الاعتيا على روتين النَظم الحاكم لوجوهم؟ هل يمكنهم التنفس ون مقاومة الظلم الواقع عليهم؟ هل باستطاعتهم أكل لقمتهم بكرامة ون مقاومة الاستغلال البربري لوسائل استمرار عيشهم؟ هل بمقورهم قول كلمتهم بحرية في غياب الح الأنى لقبول اختلافهم؟ أسئلة لا حصر لها جعلت الشعوب والول تختلف، وأحيانا بشكل جذري حول مفهوم المقاومة.
منذ مزك وكونفشيوس وبوذا وأنبياء اليانات الإبراهيمية، كان الانشقاق جزءا أساسيا من ميكانيزم الحياة لكل الأيان والمعتقات. وكان الخروج كالينامو الذي يبعث الحياة في جسم يخشى على نفسه من فسا الناس وصأ الأيام. مع كل مؤسسة تبنى، كان ثمة تيار رافض لعملية البناء والتأقلم مع السائ. وتجاه كل حركة تنشط، كان هناك من يبحث لها عن ضوابط تقيها من التهور وتضخم الأنا. لكن التاريخ، هذا البارومتر الصارم بأحكامه، أعطى السلطة لمن طلبها والنبالة لمن قاومها. وبقيت صورة المسيح المصلوب شاها على أن من الهزائم ما يفوق أرفع الانتصارات قيمة واعتبارا، ومن الانتصارات ما هو أش عارا من الهزيمة.
كان الإسلام الناشئ مقاومة لأعراف ونظم تخالف فكرة إقامة العل. وعنما تاعت عليه القبائل وتراكب على المسلمين الظلم، أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا.."الذين أخرجوا من يارهم بغير حق"، في نص قرآني يعطي مقاومة الظلم مشروعيتها الكاملة.
في كل الثقافات، نج بحق كل أشكال المقاومة السلمية أو المسلحة نعوتا ألطفها مّر. وفي الحضارتين اليونانية والرومانية ارتبط التمر بشكل عام بالبربرية. أما المقاومة في سنين طغيان الكنيسة في أوربة فنالت أبشع التعبيرات. من الضروري متابعة مظالم الكنيسة وتاريخ محاكم التفتيش لمعرفة الثمن الباهظ لما جعل كلمة المقاومة في الأزمنة الحيثة تج جذورها الأولى في الإصلاح اليني المسيحي. وكما شكلت كتب "المحن" التقارير الأولى لانتهاكات حقوق الإنسان في المجتمع العربي، قمت مؤلفات العي من رجال الكنيسة الإصلاحية عن الاضطها الذي كانوا ضحيته تقارير عن هذه الانتهاكات في أوربة. لعل في كتاب بيير جوريو Jurieu (1637-1713م) "تأملات في الاضطها الفظيع الذي تعاني منه كنيسة الإصلاح في فرنسا"، الصار عام 1686، ما يعطي فكرة عن هذه المؤلفات.
في التراث الأبي الغربي، "حق المقاومة" إذن، عقية بروتستنتية خلت القاموس مع الحروب الينية. وعلينا انتظار وصول ملوك بروتستنت للسلطة لكي يتبنى ع من المنظرين الكاثوليك هذا المفهوم. في القرن الخامس عشر نج عن المصلح اليني الإنساني هولريش زوينغلي Zwingli (1484-1531م) إعطاء المواطنين حق مقاومة الطغيان والتخلص منه. وق ارتبط تطور مفهوم المقاومة هذا مع تطور مفهوم آخر هو "العق الاجتماعي" بتعبيراته الأولى (حوالي 1579م). حيث كان الحيث عن عقين اجتماعيين: الأول بين الله والشعب والثاني بين الملك والشعب. وأي انتهاك من قبل الملك للين الحنيف يعني انتهاكه لهذا العق، ويسمح بالتالي للشعب بممارسة حق المقاومة. القانوني غروتيوس (1583-1645م) ينطلق من فكرة احترام الحق الطبيعي للأش باعتبار أن انتهاك هذا الحق هو الذي يمنحهم حق مقاومة الظلم والعسف.
اعتبر صموئيل فون بوفنورف(1632-1694) نظرية الحق الطبيعي قائمة على وجو نظام أخلاقي عالمي، وقاعة اخلية مستقلة للعالة فوق القوانين المنية. كما صنف القانون الطبيعي والقوانين الإلهية اخل هذا النظام كمعطى أساسي وأول للكائن البشري. في حين صنف القوانين الوضعية باعتبارها بشرية يضعها المشرع لمجتمع معين. لذا فهي مرتبطة بالزمان والمكان والطبائع البشرية. وكون هذه القوانين الوضعية تنطلق من مصالح المواطنين، فهي تسمح لهم باستعمال حق المقاومة في حال وجو سلطة ظالمة. الاستنتاج الذي يصب في منطق جون لوك ويخالف فلسفة هوبس. ولعل فك الاتصال بين حق المقاومة والقوانين الإلهية عن بوفنورف ق أعطاه منذ ذاك الوقت طابعا أكثر عالمية وشمولا.
يمكن اعتبار إعلان الاستقلال الأمريكي (4/7/1776) أول وثيقة تنص صراحة على حق المقاومة. ينطلق الإعلان في إقراره لحق المقاومة من مبأ اعتبار السلطة العالة تلك التي تنشأ من اتفاق المحكومين. وأن الاعتاء على هذا العق الاجتماعي من قبل المستعمرين يعطي الحق للناس في قطع أي التزام لهم مع السلطة الاستباية كحق وواجب. ويؤك النص على أن المقاومة المسلحة هي المرحلة الأخيرة للاحتجاج ض الهيمنة الاستعمارية (الإنجليزية يومئذ) في المستعمرات الثلاثة عشر الأمريكية. لق أصبح هذا النص المبكر مرجعا للعي من حركات التحرير الوطني في القرنين التاسع عشر والعشرين.
الشرعية وغيابها، كانت أيضا وراء نقاشات حق المقاومة ة عن استعمالها للعنف. وق أقر "إعلان حقوق الإنسان والمواطن" (1789م) أربعة حقوق طبيعية للإنسان لا يجوز المس بها: حق الملكية، حق الحرية، الحق في الأمن، الحق في مقاومة الظلم والاستبا. بحيث أصّل لهذا الحق في الاتجاهات المافعة عن هذه الحقوق بشكل مبكر. وق اعتبرت الماة 33 من النص الثاني لإعلان حقوق الإنسان والمواطن الصار في 1793، أن حق مقاومة الظلم هو النتيجة الطبيعية لحقوق الإنسان الأخرى. أما "إعلان حقوق وواجبات الإنسان الاجتماعي"، الذي أقرته أمة جنيف في 9/6/1793، فق أقر في الماة العاشرة حقوقا ستة هي: المساواة والحرية والأمن والملكية والضمان الاجتماعي ومقاومة الظلم. واعتبرت الماة 44 أن لكل مواطن الحق في مقاومة الظلم، ويح شكل المقاومة في الستور..".
أوربة المستفية من الاستعمار المباشر ستكون آخر المتبنين لمفهوم مقاومة الاستعمار وآخر القابلين لفكرة حق تقرير المصير. وحتى في الأوساط اليسارية في القرن التاسع عشر، كان يجري الحيث عن توسيع الحقوق السياسية للبلان المستعمرة لا عن حق تقرير المصير. يذّكر الكتور صلاح عامر بأن القانون الولي التقليي في القرن التاسع عشر، لم يتع "تنظيم اكتساب السياة على المستعمرات وتأكيها لصالح الول الاستعمارية".
كان لثورة أكتوبر وولاة الأممية الثالثة شرقاً، والرئيس الأمريكي توماس ورو ويلسون (1856-1924) غرباً، الفضل في إعاة الاعتبار لمفهوم المقاومة، بفاعهما عن حق الشعوب في تقرير مصيرها. الأمر الذي لم تقبل به عصبة الأمم، التي أصرت على مفهوم الشعوب البالغة والشعوب القاصرة، والتي جاء حرفيا في الماة 22 من عهها:
"1-المستعمرات والأقاليم التي ترتب على الحرب الأخيرة أنها لم تع تخضع لسياة الول التي كانت تحكمها والتي تقطنها شعوب غير قارة على الوقوف وحها في الأحوال القاسية للعالم الحيث، ينطبق عليها المبأ القاضي بأن رفاهية هذه الشعوب وتقمها هي أمانة مقسة في عنق المنية وبأن يشتمل العه على الضمانات الكفيلة بالاضطلاع بهذه الأمانة.
2- أن أفضل وسيلة لوضع هذا المبأ موضع التطبيق العملي هو أن يعه بالقوامة على هذه الشعوب إلى الأمم المتقمة، التي هي بحكم موارها وتجاربها وموقعها الجغرافي، في مركز يسمح لها بالاضطلاع بهذه المسئولية، والتي هي راغبة في قبولها وأن تزاول هذه القوامة بواسطتهم بوصفهم سلطات قائمة بالانتاب وذلك بالنيابة عن العصبة."
إلا أن حركات التحرر الوطني بأت تنمو من الصين حتى المغرب، ولم يع بالإمكان الفاع طويلا عن موضوعة الشعوب القاصرة.
عب القار الجزائري سيفتح الباب لكاوسن اج كيا ليصبح رمز المقاومة المناهضة للاستعمار الفرنسي في النيجر بين 1917-1920. وسيزرع لاو تشي (1899-1966) في الأب العالمي تلك الصلة الحية بين المسؤولية السياسية للكاتب وحق المقاومة. ذلك عنما ترك بيته وعائلته والتحق بالمقاومة الصينية للاحتلال الياباني. مؤسس مجلة (قاوموا حتى الرمق الأخير :Kang dao di) ورئيس تحرير "آاب وفنون حرب المقاومة"، ربط لاو تشي بين المقاومة والتعية السياسية وضرورة اجتماع كل التيارات ض الاحتلال. هذا المثل الشرقي الإنساني واليمقراطي، كان يمكن لفرنسا المقاومة أن تعطيه للعالم لو ارتقى "ميثاق المجلس الوطني للمقاومة" إلى مستوى حق تقرير شعوب المستعمرات لمصيرها. هذا النص، الذي وضعته الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان واليونسكو في الكتاب الوثائقي الصار عنهما بمناسبة الذكرى الخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان: "الفتح العالمي لحقوق الإنسان"، فيه تصور متكامل ليس فقط للنضال ض الفاشية، وإنما إعاة إعمار فرنسا بع التحرير. فهو ينص على:
إقامة اليمقراطية الأكثر اتساعا بإعطاء الكلام للشعب وإقرار الاستفتاء العام،
الحرية الكاملة للفكر، للضمير والتعبير،
حرية الصحافة، شرفها واستقلالها، واستقلالها عن الولة وسلطان المال والتأثيرات الأجنبية،
حرية التنظم والتجمع والتظاهر،
احترام حرمة المنازل وسرية المراسلات،
احترام الشخص الإنساني،
المساواة المطلقة لكل المواطنين أمام القانون.
وق طالب الميثاق ببناء يمقراطية اقتصاية واجتماعية، والتنظيم العقلاني للاقتصا، وتطوير وعم التعاونيات الانتاجية، وحق العمال في احتلال مواقع أساسية في مصانعهم، وحق العمل والإجازة وتثبيت ح أنى للأجر، وتعزيز استقلال النقابات، وإعا خطة كاملة للضمان الاجتماعي.
نلاحظ بمرارة أن إعلان الاستقلال الأمريكي لم يرتق إلى علاقة مساواة مع الهنو والسو، كما أن "مشروع إعلان المقاومات الأوربية" (1944) لم يجرؤ على حل يمقراطي حقوقي لموضوع المستعمرات.
هذه النقاط السواء في معركة "حق المقاومة" استمرت في أروقة الأمم المتحة التي خرجت من سيطرة أوربة الغربية. وبالتالي أقر ميثاق الأمم المتحة في الماة الأولى منه: حق تقرير المصير والمساواة في الحقوق بين الشعوب. جاء في الماة 55 :"رغبة في تهيئة واعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سلمية وية بين الأمم المتحة مؤسسة على احترام المبأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها". ورغم ذلك خاضت الشعوب المستعمرة حروبا طاحنة من أجل الاستقلال في أكثر من بل لرفض الول المستعمرة التخلي سلميا عن مستعمرات"ها".
لعل التوصية رقم 1514 (15) حول منح الاستقلال للشعوب والأقاليم المستعمرة، تاريخ 14 يسمبر 1960، تشكل النص الأوضح والأكثر تقما على هذا الصعي، حيث جاء فيها:
"1- إن خضوع الشعوب للاستعبا الأجنبي أو سيطرته أو استغلاله يعتبر إنكارا لحقوق الإنسان الأساسية ويناقض ميثاق الأمم المتحة ويه قضية السلام والتعاون في العالم.
2- لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها بمقتضى هذا الحق أن تح بحرية نظامها السياسي وأن تسعى في ظل هذه الحرية إلى تحقيق نموها الاقتصاي والاجتماعي والثقافي.
3- يجب ألا يتخذ بأي حال تخلف الإقليم في الميان السياسي أو الاقتصاي أو الاجتماعي أو التعليمي ذريعة لتأخير الاستقلال.
4- يوضع ح لجميع أنواع الأعمال المسلحة أو أعمال القمع الموجهة ض الشعوب غير المستقلة، وحتى تتمكن من أن تمارس في سلام وحرية حقها في الاستقلال التام وتضمن سلامة إقليمها الوطني.
5- كل محاولة تستهف التقويض الجزئي أو الكلي للوحة القومية أو سلامة إقليم أي بل تعتبر منافية لأهاف ميثاق الأمم المتحة.".
مهت هذه التوصية لإقرار مبأ حق تقرير المصير في الماة الأولى من العهين الين للحقوق المنية والسياسية والاقتصاية والاجتماعية والثقافية. وتعبيرا عن آلام القارة السواء، نال حق المقاومة وتقرير المصير حيزا هاما في الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، حيث جاء في الماة 20:
"1- لكل شعب الحق في الوجو ولكل شعب حق مطلق وثابت في تقرير مصيره وله أن يح بحرية وضعه السياسي وأن يكفل تنميته الاقتصاية والاجتماعية على النحو الذي يختاره بمحض إراته.
2- للشعوب المستعمرة المقهورة الحق في أن تحرر نفسها من أغلال السيطرة واللجوء إلى كافة الوسائل التي يعترف بها المجتمع.
3- لجميع الشعوب الحق في الحصول على المساعات من الول الأطراف في هذا الميثاق في نضالها التحرري ض السيطرة الأجنبية سواء كانت سياسية أم اقتصاية أم ثقافية.".
مع نهاية الحرب البارة، خرجت فكرة حق المقاومة من مجر حق شعب في الفاع عن نفسه. فق تاخلت معالم الاستبا والاستعبا على الصعي الولي، وأصبح حق حماية الشعب الفلسطيني مثلا مسؤولية ولية. كما أن إمكانية هذا الشعب للنهوض بع التحطيم المنهجي الإسرائيلي لمقومات وجوه تعتبر قضية إقليمية وعالمية وليس فقط فلسطينية. إن غياب العم الإقليمي والعالمي لا يعني فقط معاناة فلسطينية، بل يعني بكل بساطة أن شعوب المنطقة يصعب أن تشعر بالأمان في ظل غياب الأمان بكل مفاهيمه عن الإنسان الفلسطيني.
يمكن القول اليوم، أن أزمة العالم الأحاي القطب ستعي مفهوم المقاومة بقوة وبشكل متع الأشكال والمياين. فالولايات المتحة التي تشكل القطب الأقوى ليست هي الأكثر تأهلا على الصعيين الحضاري والحقوقي لضمان القيم التي أعطت للحضارة الغربية بريقها. في نفس الوقت، أعطى الحيز الحالي لمقرطة المعلومات والمعارف لكوار بلان العالم القرة على تجاوز العطاء الأمريكي، بالأخص في كل ما يتعلق بالإصلاح الأخلاقي والثقافي والاقتصاي للنظام العالمي القائم. الأمر الذي يعني ببساطة أن التزاي المضطر للعنجهية الأمريكية من شأنه أن يعزز بشكل مضطر أشكال المقاومة في الشمال والجنوب على ح سواء. تجلى هذا الأمر أكثر فأكثر بع أحاث سبتمبر 2001 والأساليب التي اتبعتها الإارة الأمريكية. أساليب كان من الواضح فيها غياب النضج والطابع الر فعلي والتبسيط الفج واختصار العالم في فسطاطين: من ليس معنا فهو في معسكر الشر. من هنا مخاطر صور أي قرار عن الأمم المتحة حول حق المقاومة ضمن التصور الأمريكي للإرهاب. تصور يعطي الولة كل حقوق إرهاب خصومها وأعائها، ويحرم المجتمعات البشرية من مختلف أشكال مقاومتها للاحتلال والطغيان. إلا أننا نشه اليوم الهزيمة الأخلاقية لهذه السياسة، ولو أن واعيها السياسية والعسكرية لم ترتق بع لمستوى الهزيمة. الأمر الذي يتجلى بالاستعمال الفائق للتقنيات العسكرية خارج أي ضابط أخلاقي أو قانوني من قبل الإارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية في العراق وفلسطين.
في تاريخ البشرية وحتى يومنا، كان الأقوى هو الذي يفرض قواع الحرب والسلم. لكن أيضا وللأسف، طبائع البشر أثناء الحرب والسلم. بهذا المعنى، يبقى الأقوى المسؤول الأول عن البع الأخلاقي للأشكال التي تأخذها المقاومة، باعتبار الظلم منتج أساسي للاعقلانية والحق في العلاقات بين الإنسانية.
لق تم إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما تقول يباجته، "حتى لا يلجأ المرء آخر الأمر للتمر".
في كل اغتيال للحقوق الأولية للبشر، ينتفض حق المقاومة شامخا على لسان كل الأحرار والشرفاء الذين يركون جيا، أن إلغاء هذا الحق من قاموس حقوق الإنسان، يعني ليس فقط انتصارا للظلم والاستعبا، بل وبكل بساطة تأبي الإرهاب.
-------------------------------
مفكر وحقوقي عربي من سورية
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.