أتابع منذ فترة الجدل حول مبادرة الحوار القومي التي طرحها الاتحاد الديمقراطي الوحدوي قبل أشهر وتوجه بها إلى القوميين في تونس. مضمون المبادرة، كان واضحا منذ البداية من خلال تصريحات الأمين العام للحزب ومداخلاته في اجتماعات عدد من الجامعات الجهوية، ومن خلال البيانات التي أصدرها المكتب السياسي وأيضا من خلال ما نشرته صحيفة "الوطن" (لسان حال الحزب) من مقالات ونصوص. مضمون المبادرة كان الحوار مع كافة أطراف العائلة القومية حول أمّهات القضايا التي تهمهم وتهم تواجدهم على الساحة السياسية في تونس... ثم العمل على توحيد عملهم في اتجاه التأسيس لتيار قومي موحّد يكون له تأثيره سياسيا وفكريا. هذا هو مضمون المبادرة كما فهمته كمهتم بالشأن السياسي في تونس (أنا لا انتمي للاتحاد الديمقراطي الوحدوي ولا لأي فصيل قومي آخر). وكنت أعتقد أن هذه المبادرة ستجد صداها بين القوميين في تونس أو على الأقل ستساهم في خلق نقاش ثري وجدّي تستفيد منه الحياة السياسية والفكرية في تونس. لكن ما حصل هو أنّ "بعض القوميين" اجتهدوا لإفشال هذه المبادرة عن قصد واعتمدوا في ذلك على عدة أساليب بعضها غير أخلاقي كان بإمكان هؤلاء أن يعلنوا منذ البداية أنهم غير مهيئين في الوقت الراهن للحوار، أو أنهم يملكون رؤية أخرى للحوار... لكنهم توجهوا مباشرة للتشكيك في المبادرة من خلال التهجم المجاني وغير المبرر على حزب سياسي سيحتفل بعد أشهر قليلة بالذكرى العشرين لتأسيسه. أولا: قلت تهجم مجاني وغير مبرر على حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، لأني قرأت كافة النصوص التي نشرت على شبكة الانترنيت والتي حبّرها هؤلاء... ولم أجد ولو جملة واحدة تتعرض إلى مواقف الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وأدائه من خلال بياناته وأدبياته وبرنامجه العام (وهي وثائق متوفرة للجميع)...الموجود هو سبّ وشتم، واعتماد على مصادر مجهولة ولا يمكن الوثوق بها علميا وأخلاقيا مثل:"اثنان من أخوتك قالا لي: اكتب اللي تحب في الشأن القومي أما بخصوص الشأن الوطني اكتب نص نص ..." (نص: سندة ضرار مرة أخرى للمنتصر بالله – 18 أوت 2008) و"..أحد المبشرين بدعوة الحوار القومي طرح على زميل له من أبناء :جهتي" أن يكون على رأس القائمة الانتخابية لحزبه..." (نص: إن عدتم ... عدت إليكم لفائزة عبد الله – 22 جويلية 2008). هذه هي المصادر التي يتم اعتمادها:"اثنان من الإخوة" وزميل من "أبناء جهتي" و"قال لي احدهم..: الخ فهل هذه المصادر يمكن الاعتماد عليها في تقييم أداء حزب سياسي !!! ثانيا: كافة النصوص التي نشرت تضم كمّا هائلا من الأوصاف والنعوت التي تطلق على حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي دون أي أساس مثل جريدة "الوطن" جريدة مشبوهة و"الوطن" جريدة جهاز المخابرات التونسية/ إصدار بيانات استخبارية/ ... الخ وهنا يطرح السؤال هل بمثل هذا الخطاب يمكن إقناع الآخرين؟ هل بمثل هذه الأوصاف والنعوت النفسية والانطباعية يمكن التأسيس "لتيار قومي جماهيري" كما تقولون... لا اعتقد ذلك، فإن الأمر يدعو فعلا للسخرية ويجعلني أقول إن ما كتب هي نصوص غير جدية وغير مسؤولة، الهدف منها التشويش على مبادرة الاتحاد الديمقراطي الوحدوي الذي حسب علمي لم يقل في يوم ما انه حزب جماهيري.. بالعكس فانه يؤكد دائما انه حزب يجتهد ويعمل من أجل اكتساح مواقع جديدة على قاعدة خطاب يلتزم بقضايا الأمة ويرفض "الجملة الثورية" التي لا تسمن ولا تغني من جوع. ويمكن في هذا الصدد الرجوع إلى كافة أدبيات ووثائق وبيانات الحزب في علاقته بالشأن الداخلي والخارجي. نريد الإشارة إلى مسألة أخرى هامّة وهي: أنتم تعتبرون أن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي "حزب مشبوه" وفي المقابل تثنون على أحزاب أخرى موجودة في الساحة، وتلتقون معها. هل الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يدافع عن الليبرالية والخوصصة كما تفعل تلك الأحزاب (أم أن مبادئ الوحدة والاشتراكية لم تعد تعنيكم)؟ هل أن قيادة الاتحاد الديمقراطي الوحدوي تستقبل سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية في مقرات الحزب وتذهب إلى مقر إقامته كما تفعل تلك الأحزاب (أم أن الولاياتالمتحدة لم تعد دولة امبريالية)؟. هل طلب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي من الولاياتالمتحدةالأمريكية ومن فرنسا أن تتدخل في تونس من أجل حماية حقوق الإنسان (أم أن أمريكا وفرنسا أصبحتا راعيتا حقوق الإنسان في العالم)؟ هل جلس أحد قيادي أو مناضلي الاتحاد الديمقراطي الوحدوي مع الصهاينة جنبا إلى جنب كما فعل ذلك بعض رموز تلك الأحزاب التي تثمنون أدائها !!! أجيبوا عن هذه الأسئلة وستكتشفون حجم التناقض الذي وقعتم فيه... وحجم الخطأ الذي ترتكبونه في حق الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وفي حق الحركة القومية في تونس. النقطة الأخيرة التي أريد الإشارة إليها هي: هل تساءلتم لماذا لم يرد الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي على مختلف هذه النصوص؟ وأنتم تعرفون انه مناضل قومي عرفته الساحة الطلابية والساحة القومية. السبب واضح أن توحيد الحركة القومية في تونس يتطلب العمل والاجتهاد لا الشعارات المعزولة... يتطلب تشبّعا بقيم ومبادئ الحوار لا السب والشتم ! وستكتشفون قيمة هذه المبادئ بعد مرور الوقت عليكم ولنا عودة. تونس في : 11/09/2008