أقرت تونس ميثاقا غير مسبوق يمهد للقاعدة الشبابية الواسعة فى البلاد بمشاركة أكبر فى الحياة السياسية والمدنية على غرار جيل التحرير فى بداية القرن الماضي. وجاء الميثاق الذى تم اعتماده فى المؤتمر الوطنى للشباب بحضور الوزير الأول محمد الغنوشى وحشد ضخم من الشباب ليتوج "سنة الحوار مع الشباب 2008" والتى تواصلت على مدى عدة أشهر من الموسم الحالي. وكان الرئيس زين العابدين بن على قد طالب بمناسبة الذكرى العشرين للتحول بجعل سنة 2008 سنة الحوار مع الشباب فى تجربة غير مسبوقة استهدفت أكثر من ثلاثة ملايين من الفتيان والفتيات ما بين 15 و19 سنة من أجل الحوار فى الشأن الوطنى ودور الشباب فيه. وقال الوزير الأول محمد الغنوشى خلال المؤتمر الذى حضره ممثلون عن شباب المحافظات والأحزاب السياسية والمنظمات الشبابية ومختلف مكونات المجتمع المدني، إن الميثاق يحمّل شباب تونس مسؤولية الالتزام نحو الوطن الذى قدم لهم الكثير من أجل الارتقاء بهم الى المستوى الذى هم عليه اليوم ملاحظا أن الانفتاح على الخارج والاستفادة من الفرص التى تتيحها العولمة يتطلبان من الشباب فى نفس الوقت التشبث بالقيم الوطنية والاقتداء برموز تونس الذين نحتوا صفحات ناصعة فى تاريخ البشرية. وذكر ممثلون عن شباب المحافظات المشاركون فى المؤتمر الوطنى للشباب إن منابر الحوار المفتوحة فى المحافظات التونسية وخارج البلاد والتى رافقها شعار "تونس أولا"، قد عززت المشاعر الوطنية لديهم كما أعطت صورة حية عن نموذج الديمقراطية المعتمد بين الدولة والشباب فى تونس خاصة ان المضامين المطروحة فى الحوار كانت خارج مدار الرقابة وغير مقيدة "بشؤون محرمة". وتراهن الدولة فى تونس بشكل واضح على الشباب فى سياساتها التنموية والقطاعية. ويقول الرئيس زين العابدين بن على إن الشباب فى تونس "هو الحل وليس المشكل". وأن الهدف من منابر الحوار هو فسح المجال امام هذه الشريحة الرئيسية من المجتمع التونسى لتصوغ رؤيتها للمستقبل وتضع تصورا لما يجب أن تكون عليه "تونس الغد" الذى كان أسس ركائزها الأولى منذ سنوات الرئيس بن علي. وعلى مدار الأشهر الماضية استقطبت منابر الحوار زخما شبابيا كبيرا داخل تونس وخارجها وقد شملت جميع الأطياف السياسية والجمعياتية والمنظمات. وشارك أكثر من 400 ألف شاب، 60 بالمائة منهم من الشباب المستقل، فى أكثر من 8500 حوار مباشر وعبر وسائط متعددة منها الاذاعات ووسائل الاعلام وعبر شبكات الاتصال والانترنات من خلال الموقع الخاص بميثاق الشباب. وتسعى تونس الى توظيف القاعدة الشبابية الواسعة والتى تتمتع بنسب تعليم وتكوين عاليين مقارنة بالمنطقة العربية وبمحيطها الاقليمي، فى ادارة شؤون البلاد فى مختلف القطاعات. وهو نفس الدور الذى كان اضطلع به جيل التحرير الوطنى منذ قيام حركة الشباب فى بداية القرن الماضى عام 1907. وكان الرئيس التونسى قد بادر باتخاذ قرارات سياسية ملفتة لمصلحة الشباب تهدف الى تعزيز دوره فى ادارة مؤسسات الجمهورية وحضور أكثر فعالية فى المجتمع المجتمع المدنى والسياسى وذلك عبر خفض سن الترشح لعضوية المجالس البلدية والنيابية الى 23 سنة وسن الانتخاب الى 18 سنة. كما بادر بإدخال 62 شابا تقل أعمارهم عن 30 سنة فى اللجنة المركزية لحزب التجمع الدستورى الديمقراطى الحاكم. وتعمل الدولة التونسية على تعزيز ثقافة الاعتدال بين شبابها وتثبيت قيم التضامن والتسامح التى بدأت بتصديرها الى المنظمات الدولية. وقال الوزير الأول التونسى إن الحوار الشامل أبرز مدى تمسك شباب تونس بالوفاق والتحلى بروح المبادرة ورفض مختلف المظاهر والسلوكيات والأفكار الدخيلة المنافية لمرجعيات تونس وثوابتها. وأضاف الوزير "إن المشاركة فى الحياة العامة تعنى كذلك مزيد الانخراط فى الأحزاب والمنظمات والجمعيات وبخاصة الجمعيات الشبابية"، مبينا أن الشباب مدعو أيضا الى الإقبال على العمل التطوعى وعلى خدمة الغير والتفانى فى خدمة الصالح العام.