تواجه المؤسسات التربوية الخاصة في تونس خطر الإغلاق بسبب ترتيبات قانونية تتعلق بتطبيق شروط جديدة لترسيم التلاميذ وتحسين البنية الأساسية للمعاهد في أجل لا يتعدى سنتين. وسينطلق العمل بالشروط الجديدة بصفة فعلية بداية من السنة الدراسية 2010/2011، بعدما أرجأت وزارة التربية والتكوين العمل بهذه الإجراءات خلال السنة الدراسية الحالية حسبما أكده مسؤول حكومي. ويعيش المشرفون على المعاهد الخاصة حيرة كبيرة لأن تنفيذ أحكام بعض الشروط الجديدة لا يمكن عمليا تطبيقها في مدة وجيزة، حسب رأيهم. كما عبّر أصحاب هذه المعاهد عن مخاوفهم على مستقبل مؤسساتهم ومصير الآلاف من الأساتذة الموظفين والعمّال المشتغلين بالقطاع جرّاء هذه الشروط التي وصفوها بالتعجيزية. وحذر عبد اللطيف الخمّاسي نائب رئيس نقابة التعليم الخاص من أن اختزال تطبيق الشروط الجديدة في ظرف سنتين يهدد بإغلاق الكثير من المعاهد الخاصة البالغ عددها 400 مؤسسة، والتي تشغل أكثر من تسعة آلاف أستاذ. مخاوف القطاع ورفع أصحاب المؤسسات التربوية شكاوى عدّة إلى وزارة التربية والتكوين، معربين عن خشيتهم على مستقبل مؤسساتهم وعلى أرزاق العاملين فيها جراء التراجع المرتقب في عدد المثبتين رسميا. ويوظف التعليم الثانوي الخاص 5681 أستاذا متفرغا كليا من حاملي الشهادات العليا و3727 أستاذا بصفة جزئية يدرسون بالتعليم العمومي، و1451 مشرفا وإداريا وعاملا، حسب إحصائيات وزارة التربية والتكوين. ويقول الخمّاسي للجزيرة نت إن بعض الإجراءات الجديدة مثل شروط الترسيم الجديدة ستتسبب في نفور التلاميذ من التعليم الثانوي الخاص، وبالتالي سيقع الاستغناء عن الكثير من الأساتذة بالنظر إلى تراجع المداخيل. واستنكر أصحاب القطاع ما جاء في منشور وزاري بتاريخ 9 سبتمبر/أيلول الماضي والذي يسمح فقط بإسعاف التلاميذ الراسبين بالترسيم بالفصول الموالية في أحد المعاهد الخاصة إذا كانت معدلاتهم لا تقل عن 9 من 20. وحذر محمد الزغلامي -وهو قيّم عام في معهد خاص- من عزوف التلاميذ القادمين من المعاهد الحكومية ممن استنفذوا شروط الرسوب بها، عن الالتحاق بالمعاهد الخاصة لعدم السماح لهم بالترسيم آليا بالمستوى الموالي. ويقول الزغلامي للجزيرة نت إن إجراءات الترسيم الجديدة ستتسبب في نفور التلاميذ من التعليم الثانوي الخاص لأن أهم مشجع لهم على الالتحاق بالمعاهد الخاصة كانت تلك الإمكانية التي تسمح لهم بالتسجيل في فصل أعلى. ملاذ المطرودين ويأتي جلّ التلاميذ الذين يتوجهون إلى التعليم الخاص عادة من المعاهد الحكومية بعدما يتم طردهم من قبل الإدارة لرسوبهم أكثر من ثلاث مرات، ويحصل أغلبهم على معدلات ضعيفة تقل عن 9 من 20. ودرج التعليم الخاص بتونس على استقطاب هؤلاء التلاميذ الذين غادروا التعليم العمومي، وإسعافهم بالارتقاء إلى الفصول الموالية لتلك التي رسبوا بها، وهو ما يوفر لهم فرصة حقيقية لمواصلة دراستهم، حسب الزغلامي. وبخصوص الشروط المتعلقة بتحسين البنية الأساسية للمعاهد الخاصة يقول محمد غانمي -وهو مسؤول إداري في معهد خاص- إن المواصفات الجديدة للفضاءات التربوية تتطلب مبالغ ضخمة يصعب على أصحاب المعاهد الخاصة جمعها في سنتين. وأوضح أن عددا كبيرا من أصحاب المؤسسات الخاصة يشغلون مباني على وجه الأجرة وبالتالي لا يمكن لهم عمليا القيام بترميم أو إعادة تهيئة المباني لتستجيب إلى المعايير الجديدة للفضاءات التربوية. وتسعى وزارة التربية والتكوين التي تشرف على المؤسسات التربوية الابتدائية والثانوية بصنفيها العمومية والخاصة إلى تأهيل المعاهد الخاصة بقاعات كبيرة الحجم مهيأة بالتجهيزات العلمية والمخابر، في إطار تأهيل القطاع.