غداة تنصيب باراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة ابدت اسرائيل اطمئنانها لمواصلة علاقات مميزة مع واشنطن مقللة من شأن اي خلافات ممكنة في المستقبل مع رئيس يفضل الحوار على الحرب ضد ما يسمى ب"محور الشر". وقد رحب القادة السياسيون في اسرائيل الاربعاء بالاجماع بتسلم اوباما مهامه بمن في ذلك قادة اليمين الذين عبروا في الماضي عن تحفظات كبيرة ازاء نهجه السياسي الذي اعتبروه متساهلا جدا تجاه اعداء اسرائيل الالداء مثل ايران. لكن قبل ثلاثة اسابيع من الانتخابات التشريعية الاسرائيلية يحرص زعيم اليمين بنيامين نتانياهو المرجح لتشكيل الحكومة المقبلة على ان لا يقدم نفسه الى الناخبين كما لو انه سيجازف بالدخول في نزاع مع واشنطن. وراى المعلق السياسي اكيفا الدار "لكن اي حكومة (برئاسة) نتانياهو قد تصطدم مع الادارة الاميركية الجديدة حول ملفات اساسية مثل الاستيطان (في الاراضي الفلسطينية المحتلة) او ايران". ولفت الى ان "باراك اوباما اعلن دوما معارضته للاستيطان فيما يشكل تعزيزه عنصرا اساسيا في برنامج الليكود" الحزب الذي يتزعمه نتانياهو. واعتبر تعيين السناتور المتقاعد جورج ميتشل كما هو متوقع والذي يعد مهندس السلام في ايرلندا الشمالية كموفد خاص الى الشرق الاوسط مكلفا خصوصا النزاع الاسرائيلي الفلسطيني بانه يحمل "مغزى". وكان ميتشل طالب في تقرير اعده في 2001 حول اسباب الانتفاضة الفلسطينية الثانية بتجميد تام للاستيطان. وقد اثار ذلك التقرير غضبا شديدا لدى اليمين في اسرائيل لانه وضع في الخانة نفسها الاستيطان و"الارهاب" الفلسطيني كعاملين ينسفان عملية السلام. الا ان هذا المحلل يرى انه في حال وصول نتانياهو الى الحكم فانه "سيبذل كل ما في وسعه لتفادي اي مواجهة مع واشنطن لانه استخلص العبر من خلافه مع الرئيس بيل كلينتون بعد العام 1996 الذي اسهم في فشله في انتخابات 1999". وقال الباحث باري روبن "ان نتانياهو اثبت ان بامكانه ان يكون برغماتيا ويتوقع ان يكون كذلك بشكل اكبر في المستقبل ان وجد نفسه كما يطمح على راس حكومة وحدة وطنية وليس رهينة اليمين المتطرف". لكن هذا المدير لمركز الدراسات الدولية في معهد هرتسيليا المتعدد الاختصاصات اضاف ان مسالة التسلح النووي الايراني الذي تعتبره اسرائيل تهديدا لوجودها "قد يطرح مشكلة". ويستبعد الخبير السياسي ايتان جيلباو "ضغوطا اميركية ولكن ليس خلافات" في ما يتعلق بتسوية مع الفلسطينيين خصوصا وان هذه المسالة "ليست اولوية" بالنسبة لاوباما برأيه. وقال نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي حاييم رامون ان بلاده لا تتوقع اي تغيير في السياسة الاميركية في ظل ادارة اوباما. ولفت الى ان "هذه السياسة ترتكز الى مبدأين: مكافحة الارهاب وضرورة التوصل الى سلام على اساس دولتين" اسرائيلية وفلسطينية. اما نتانياهو فيعتبر من جهته ان اوباما يتفهم "ضيق" الاسرائيليين و"قسوة الاعداء الذين يقاتلونهم" في تلميح الى حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي شن الجيش الاسرائيلي عملية عسكرية ضدها في قطاع غزة (27 كانون الاول/ديسمبر-17 كانون الثاني/يناير) اسفرت عن سقوط اكثر من 1300 قتيل فلسطيني. وكان الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الذي قدم دعما غير مشروط لاسرائيل صنف في العام 2002 ايران والعراق وكوريا الشمالية في خانة "محور الشر".