دعا مجلس بحثي هولندي الساسة إلى التوقف عن تشويه صورة الإسلام، وخلص في دراسة أجراها إلى أن الإسلام لا يتعارض مع القيم الهولندية ولا يناقض حقوق الإنسان؛ الأمر الذي قوبل بردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض. وأوصى "مجلس البحوث العلمية لمشاريع الحكومة الهولندية" في نتائج الدراسة التي استغرقت 3 سنوات بضرورة انفتاح هولندا وأوربا بشكل عام على الحركات الإسلامية التي قبلت باللعبة الديمقراطية، وضرب أمثلة على ذلك بكل من جماعة الإخوان المسلمين في مصر وحزب الله في لبنان، مشيرا إلى أن عددا من التيارات الإسلامية الناشطة تهدف لإقامة الديمقراطية ولا تعارضها. ونصحت الدراسة الحكومة الهولندية بالتواصل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحكومتها، كما طالبتها بتقديم الدعم لها. وقالت الدراسة التي نشرت الأربعاء 12-4-2006: "إن الإسلام من الناحية المبدئية لا يتعارض مع الديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم الهولندية"، ونصحت في توصياتها الساسة "بالتوقف عن محاولات تشويه صورة الإسلام". واعتبر الباحث يان شخوننبوم عضو المجلس أن كلا من البرلمانية الهولندية "هرسي علي" من الحزب الليبرالي اليميني المتطرف وذات الأصول الصومالية، و"خيرت فلدرس" السياسي المحسوب على اليمين المتطرف، و"فان فارهاخن" السياسي بالحزب المسيحي الحاكم "مسئولون عن إثارة الصراع مع الإسلام". وقال: "هم صناع أصوات"، في إشارة منه إلى أن تصريحاتهم المعادية للإسلام تهدف إلى شراء أصوات الناخبين والبحث عن الشهرة. وجاءت هذه الدراسة في إطار سلسلة البحوث التي يقوم بها هذا المجلس لصالح الحكومة الهولندية التي تعتمد نصائحه في وضع سياستها ومشاريعها الإستراتجية، وأشرف عليها عدد من المتخصصين من شرائح المجتمع المختلفة. فتح حوار وتعليقا على الدراسة، اعتبر الدكتور مرزوق أولاد عبد الله أستاذ الإسلاميات بجامعة أمستردام الحرة في تصريح ل"إسلام أون لاين.نت" السبت 15-4-2006 أن "المجلس أقر حقيقة ولم يأت بجديد.. الإسلام دين يتعايش مع محيطه ويتفاعل مع المكونات من حوله بدون تعقيدات". ورأى أن "الدراسة خطوة نحو فتح حوار أكثر جدية في التعامل مع الإسلام ومحاصرة التطرف مهما كان مصدره". وبيّن الدكتور أولاد عبد الله أن "الباحث أكثر اطلاعا بالإسلام؛ لأنه يأخذه من مصادره ومراجعه، ولكن المشكلة في العامة التي تأخذ معلوماتها من الإعلام وهو في الغالب موجه، وهذه المرة هو موجه ضد الإسلام والمسلمين وليس لنشر الحقيقة". وأشار إلى أن "هناك أطرافا متطرفة من الجانبين المسلم والهولندي بوعي أو بدون وعي تسعى إلى تأجيج الصراع بين المسلمين وغير المسلمين، إلا أن العقلاء في أي مجتمع يظلون الأكثر". يفتقد للعلمية في المقابل عبّرت الأحزاب اليمينية المتطرفة عن سخطها تجاه الدراسة، فيما تحفظت الأحزاب اليسارية والحزب المسيحي عن الإدلاء بتصريحات مؤيدة أو معارضة واكتفت بالقول بأن الدراسة صدرت عن جهة علمية ولا علاقة لرئيس الوزراء والبرلمان بمناقشتها. ودعا الحزب الليبرالي ومجموعة فلدرس وقائمة الزعيم اليميني المتطرف "بيم فورتين" رئيس الوزراء الهولندي وأعضاء اللجنة البحثية بالمجلس لعقد جلسة برلمانية خاصة لمناقشة موضوع الدراسة. وقالت "هرسي علي" في تصريحات نشرتها وسائل إعلام هولندية: "الدراسة تفتقر إلى العلمية وتتناقض مع حرية التعبير". وجاء الإعلان عن نتيجة الدراسة قبيل أيام من إصدار "هرسي علي" فيلمها الجديد "الخضوع 2" الذي يتحدث عما تصفه "بقهر الإسلام للمرأة"، وبعد أكثر من عام ونصف على مقتل المخرج الهولندي ثيو فان جوخ الذي أخرج فيلمها الأول "الخضوع" واستهزأت فيه من الإسلام والمسلمين. ويرى مراقبون أن الدراسة تعد إحدى المؤشرات على حقبة جديدة بدأها الناخب الهولندي بالتصويت لليسار الذي اكتسح البلديات في السابع من مارس الماضي على حساب اليمين، وتوقعوا أن يتواصل تراجع اليمين في الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في مايو 2007 بعد أن نفد صبر الهولنديين من سياسته. وكانت منظمة الأمن والتعاون الأوربية، وهي جهة الرقابة الرئيسية على حقوق الإنسان والديمقراطية في أوربا، قد أعربت في مايو 2005 عن قلقها المتزايد بشأن التعصب في هولندا ضد المسلمين و"مناخ الخوف" الذي تعيش في ظله الأقلية المسلمة. ويقدر عدد مسلمي هولندا بنحو مليون نسمة من بين إجمالي عدد السكان البالغ 16 مليونا. و80% من مسلمي هولندا من أصول تركية ومغربية، أما ال20% الباقون فلهم أصول قومية وعرقية وطائفية متعددة.