ذكر نشطاء في الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض في تونس الاحد، أن الأمن منع وصول العشرات من كوادر الحزب إلى مقرات محافظي المدن لتسليمهم رسائل إحتجاج على ما يقولون إنه "منع متكرر من الحق في الفضاء العمومي". وذكر نشطاء معارضون في محافظات بنزت وجندوبة ونابل وصفاقس وقابس وقفصة والقصرين وسيدي بوزيد و مدنين وتطاوين وتوزر وسوسة ممن خرجوا في يوم واحد للاحتجاج على "احتكار الحزب الحاكم للفضاءات العمومية في سنة انتخابية" إنهم تعرضوا للمحاصرة وعادوا أدراجهم دون تسليم الرسائل الاحتجاجية إلى المحافظين. وقال عبد المجيد المسلم عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي إن وفدا من كوادر الحزب توجهوا إلى مقر محافظ سوسة (كبرى المدن الساحلية) لتسليمه رسالة احتجاج على منع الجهات المعنية توفير فضاءات عمومية تعقد فيها أحزاب المعارضة نشاطاتها خارج المقرات الحزبية الضيقة وتلتحم فيها بالمواطنين، لكن عناصر الأمن تصدوا لنا قبل بلوغ مقرّ المحافظ". ومن محافظة مدنين في الجنوب التونسي ذكر الناشط السياسي فتحي الرحماني إن المنع ذاته تكرر مع عدد من رفاقه لما حاولوا الاقتراب من مقر المحافظ الذي رفض استقبالهم قبل أن يقوم الأمن بتفريقهم. وذكر موقع الحزب الديمقراطي في نشرة له "تجاوبت مختلف جامعات الحزب الديمقراطي إلى دعوة الحزب بجعل يوم 18 نيسان/أبريل يوما وطنيا للنضال من اجل الحق في الفضاءات العامة. وحاولت وفود عن جامعات الحزب في عدد من الولايات، التوجه إلى مقار الولايات لتسليم رسائل تطالب برفع القيود المفروضة على نشاطات الأحزاب السياسية وبتمكين الحزب من عقد مجلسه الوطني في فضاء عمومي، لكنها جوبهت بصد قوي من طرف أعوان الأمن الذين أغلقوا كل المنافذ المؤدية إلى مراكز الولايات". ويبدو أن فصلا جديدا من المعركة التي تمهد للاستحقاق الانتخابي المقبل قد انطلقت بعد تزايد وتيرة الاحتجاج على احتكار الحزب الحاكم في تونس "التجمع الدستوري الديمقراطي" للفضاءات العامة من دور شباب وثقافة ومساحات عمومية. وتشتكي عدد من الأحزاب التي قررت خوض الانتخابات المقبلة من احتكار "التجمع" الحاكم لكل الفضاءات و انتشار صور مرشحه في الأماكن العامة و الشوارع الرئيسة في حين تعجز هي عن فعل ذلك. من جهتها، حركة التجديد اليسارية التي أعلنت منذ أيام ترشيح أمينها الأول احمد بن ابراهيم إلى منصب الرئاسة، اشتكت هي الأخرى من التضييق على نشاطها. وقال حاتم الشعبوني المسؤول عن الإعلام بالحركة في بلاغ له: "تتعرض حركة التجديد إلى مضايقات تهدف إلى الحدّ من نشاطها وإخفات صوتها. وتمثلت الحادثة الأخيرة من هذا المسلسل في قيام السلط بمنعنا من تعليق صورة مكبرة لعنوان الصفحة الأولى من العدد 121 من صحيفة "الطريق الجديد" على واجهة مقر الحركة. وذكرت جهات حكومية ردا على احتجاج حركة التجديد أن "القانون الانتخابي في تونس لا يسمح بالدعاية لمرشح الحركة أو غيره من المرشحين خارج مدة الحملة الانتخابية التي تدوم أسبوعين قبل انطلاق عملية الاقتراع". وقال حاتم الشعبوني القيادي بحركة التجديد: "مثل هذه الممارسات وتعددها تنمّ عن إصرار السلطة على حرماننا من الحد الأدنى من إمكانيات النشاط السياسي والإعلامي، وهو يكتسي بعدا أكثر دلالة لحدوثه في سياق المسار الانتخابي الذي تميز بتحويله من طرف الأجهزة الرسمية ومنذ مدة طويلة إلى حملة انتخابية سابقة لأوانها لفائدة المرشح الرّسمي، حيث أغرقت الشوارع ووسائل الإعلام بشتى وسائل الدعاية المباشرة له، في خرق صارخ لمقتضيات القانون الذي لا يلتجأ إليه إلا لقمع الصوت المعارض". من جانبه، قال المنجي اللوز الأمين العام المساعد للحزب الديمقراطي التقدمي: "عايشت أغلب المحطات الانتخابية في تاريخ بلادنا وكلما حانت دورة انتخابية جديدة إلا وكانت أسوأ من غيرها، الحكومة تحرم حزبنا من الفضاء العمومي الذي من المفروض انه من تحصيل الحاصل كوننا في سنة انتخابية تقتضي إتاحة الفرصة لجميع الأطياف للالتحام بالمواطنين و التعريف ببرامجها، لكن السلطات لا تكتفي بحرماننا من الفضاءات العمومية فقط بل تضايق أصحاب الفضاءات الخاصة، لمنعنا من عقد المجلس الوطني للحزب". ويؤكد اللوز على أن حزبه تقدم إلى العشرات من نزل العاصمة بمطالب لقبول احتضان اجتماع المجلس الوطني لكنهم "جوبهوا بالرفض". ويقول: "نحن متأكدون من أن الحكومة ضغطت على مالكي النزل والفنادق لثنيهم عن استضافتنا، وهذا حدث في السابق معنا و تكرر منذ أيام قليلة مع الأخوة في حركة التجديد لما قدّمت مختلف النزل شروطًا تعجيزية - باستثناء نزل وحيد - لاحتضان المؤتمر الذي أعلن فيه السيد أحمد بن إبراهيم ترشحه. وتشير تسريبات من الأوساط المعارضة في تونس إلى أن الاختلافات التي شقت المعارضة حين سعت في السابق إلى إعلان مرشح واحد عنها لينافس الرئيس زين العابدين بن علي الذي ترشح بدوره لولاية خامسة قد بدأت تتقلص، خصوصا أن ما يسمى بمعركة "حرية الإعلام و الدعاية زمن الانتخابات، و"الحق في الفضاءات العمومية" تعتبر من المطالب التي توحد مختلف الأطياف السياسية التي أبدت استعدادها للمشاركة في السباق الانتخابي. ويرى متابعون للشأن السياسي أن العملية برمتها يمكن وصفها ب"ما قبل انتخابية" كون الحد الأدنى لانتخابات تعددية ومنافسة حقيقية غير موجود عمليا، فموازين القوى تبدو مختلة بالكامل بين معارضة ضعيفة ومشتتة و تفتقد للقواعد الجماهيرية وحزب حاكم يهيمن على الإعلام ومختلف دواليب الدولة منذ عقود ويبلغ عدد منخرطيه المليوني شخص. يشار إلى أن الرئيس بن علي كان تعهد في خطاب له في ذكرى الاستقلال التي وافقت يوم 20 آذار الماضي بانتخابات تعددية و شفافية و بالسماح لمراقبين الأجانب بتتبع سير الانتخابات الرئاسية و التشريعية. إلا أن الوزير المعتمد في الحكومة الحالية السيد زهير المظفر أعلن في مؤتمر صحافي له رفض السلطات حضور مراقبين دوليين للانتخابات البرلمانية والرئاسية المنتظرة شهر أكتوبر المقبل. وقال المظفر إن تونس "لن تقبل حضور مراقبين دوليين للإشراف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لأن تونس ليست بلدا ناشئا في مجال الديمقراطية لكنها ترحب بضيوف من الدول الصديقة والشقيقة...نرفض السيادة المزدوجة، وليس هناك تونسي واحد يرغب في وجودهم مثلما يحدث في الدول الناشئة في مجال الديقراطية''.