كان لا بد أن نكون في "قلب الحدث" الانقلابي صبيحة يوم 15 أوت في المركب الثقافي والرياضي للشباب بالمنزه 6 ونتأمل وجوه المستقدمين إداريا في حر الصيف من مختلف جهات الجمهورية، سي عفيف الفريقي المسؤول عن تنظيم المؤتمر الاستثنائي الخارق للعادة والقانون، لم يقصر معنا والحقيقة تقال واستقبلنا بكل بشاشة وعناية خصوصا وأن عددنا (3 ) لم يكن يدعو إلى القلق بل لشيء من الحذر والمتابعة اللصيقة، وحرص على إلباس كل منا شارة خاصة بالمؤتمر كانت على 4 ألوان إحداها للتغطية الإعلامية وهي التي اخترتها فأنا لست موتآمرا ولا ضيفا مبجلا (ما أكثرهم الضيوف) ولا "مكلف بالخدمات" ، ودخلت مع رفيقيّ بعد المرور بالرواق المفعم بطاولات القهوة والعصير والماء البارد والحلويات القاعة التي كانت ممتلئة بحوالي 400 شخص (في أول الجلسة ثم تناقصت) وكانت تقديراتي أن هناك 300 صحفي والبقية من ضيوف التجمع الدستوري الديمقراطي ومؤسسات أخرى، وبدأ الحفل البهيج تتصدر المنصة التي تزينها لافتة عملاقة مجموعة 17 يتوسطها كالنجم الساطع منسقها العام سي محمد بن صالح الذي ذكر بأنه تم التحضير لهذا "الموعد التاريخي" منذ شهور (هكذا فضح المستور) ، ثم تولى تقديم مكتب المؤتمر المعين مسبقا : السيد سامي العكرمي رئيسا" و السيد خليل الرقيق "مقررا" وفتح المجال لبعض الشباب الطموح ليكونوا "مقررين مساعدين"، وحين سأل أحدهم هل سيقع انتخاب لجنة فرز أجابوه على الفور" لا مكتب المؤتمر هو الذي سيتولى العملية في كنف " الشفافية والحياد" ، إثر ذلك فتح المجال لفسحة من النقاش (زعمة زعمة ثمة حرية وديمقراطية واحترام" للأقلية" كما ستنقل التلفزة التونسية بعد ذلك) ، ولعل أهم ما ما بقي في البال منها خلال الساعتين اللتين واكبت فيهما "الحدث"، ثلاث كلمات صديقة الأولى لصديقي اللدود محمد بوعود الذي سأل محمد بن صالح عن المؤسسات الخاصة التي أشار إليها في كلمة الافتتاح وعن مصلحتها في إغداق الأموال على تنظيم مؤتمر نقابة مستقلة مسجلا احترازين على كيفية عقده واقترح إبقاءه مفتوحا بعيدا عن الإقصاء، الكلمة الثانية للصديقة سلمى الجلاصي وكانت شاعرية مؤثرة مستنكرة ما يجري و رغم الاستحسان التلقائي فقد كان من الواضح أنه لا حياة ولا حياء لمن تنادي، الكلمة الثالثة لزميلة من تطاوين سريعة وغاضبة " أتيتم بنا من بعيد لنزين الكراسي ونصوت ولا لجان ولا ..." أجابها تصفيق عارم يشي بأن الأغلبية لها نفس الوضع و الرأي، في المقابل بقيت في الذاكرة من كلمات الشق المؤيد للانقلاب كلمة عجيبة وغريبة لرئيس لجنة المصورين سي لمين فرحات قال فيها بالحرف الواحد " ما حاجتناش بحرية التعبير، حاجتنا بالخبز ..." وران على القاعة صمت واستهجان بعد أن قاطعة "رئيس المؤتمر" الذي شعر بالإحراج قصد التصحيح "لا لا حاجتننا زادة بحرية التعبير " ... غادرت بعدها المكان وفي القلب غصة على حضور صحفيين وغياب الصحافة وميثاق شرفها ، لألتحق في الإبان بالندوة الصحفية للمكتب التنفيذي الشرعي بمقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وتنفست الصعداء وأنا أستمع إلى صوت المجتمع المدني التونسي الحقيقي الذي يلتقي فيه الصحفي الحر بالمحامي الحر لإعلاء كلمة الحق والحقيقة وليس كما فعل ولا يزال سي مجاهد يونس الذي أساء لسمعة الصحافة المغربية وللفيج التي تبرأت مما قام به ولا يزال ("لدوافع" أصبحت واضحة ! ) فقد كان متحمسا ومجاهدا أكثر من " أهل الدار " من المترشحين الذين لم يفعلوا مثله و لم يتجرأ أي منهم على توزيع كلمة واحدة أو رقة مكتوبة إلا " القائمة الرسمية " المطلوب عدم شطبها في آخر الليلة هاتفني صديق ليعلمني بالتشكيلة الفائزة في تجمع 15 أوت وضحكنا ضحك طفلين معا فقد سبقنا منذ شهر ظل الأسماء الصاعدة ومهامها داخل المكتب التنفيذي "الجديد" المعروف سلفا وكان لا بد في حدث نظمه على طريقته وخبرته العريقة وإمكاناته العريضة التجمع الدستوري الديمقراطي (غير المسيّس بالمرة) أن يكون سي جمال الكرماوي المستشار لدى سي محمد الخامس الحائز على أكثر الأصوات و المفاجأة الوحيدة أنها كانت فقط 198 صوتا ولا نعرف أين ذهبت بقية 500 صحفي زعموا أنهم كانوا حاضرين وتأكدت أن الأغلبية ما زالت، رغم صمتها وإمضائها الإجباري على الحضور قبل ثلاثة أيام وقبل سقوط الميزان وبعده ، مع الشرعية ملاحظة : جميع الأسماء الواردة هنا محترمة من الناحية الشخصية ربما باستثناء اسم غير تونسي عادل القادري - فايسبوك - 17 أغسطس 2009