عزت مصادر رسمية تونسية إلغاء الزيارة الرسمية التي كان من المقرر أن يبدأها ملك اسبانيا خوان كارلوس وقرينته الملكة صوفيا إلى تونس اليوم إلى وعكة صحية ألمّت بالرئيس زين العابدين بن علي وألزمته الفراش خمسة أيام طبقا لبيان طبي بثته أمس الرئاسة التونسية. إلا أن مصادر ديبلوماسية أكدت أن خلافات بين تونس والإتحاد الأوروبي الذي تتولى اسبانيا رئاسته لعبت دورا حاسما في إلغاء الزيارة التي كانت ستستمر ثلاثة ايام ويتخللها اجتماعان مع الرئيس التونسي. وكانت مدريد أول من أعلن عن إلغاء الزيارة على لسان وزير خارجيتها ميغيل أنخل موراتينوس ظهر أمس قبل صدور بيان طبي عن الناطق الرسمي باسم الرئاسة التونسية أفاد أن الأطباء أمروا بن علي (73 عاما) بملازمة الراحة خمسة أيام بسبب التهاب في الحنجرة. لكن البيان التونسي لم يُشر إلى إلغاء زيارة الملك الإسباني التي أعلن عنها في تونس الأسبوع الماضي. وعاد اليوم إلى مدريد وفد من رجال الأعمال الإسبان كان وصل إلى تونس أمس لإجراء إجتماعات مع نظرائهم التونسيين خلال أيام الزيارة الملكية التي ألغيت من دون تحديد ميقات جديد لإجرائها. وسيؤدي الملك الإسباني زيارة لمالطا غدا وبعد غد كانت مقررة بعد زيارته تونس. واتخذت خطوة الإلغاء على خلفية توتر غير مسبوق في العلاقات بين تونس وأعضاء بارزين في الإتحاد الأوروبي، وخاصة فرنسا وبلجيكا، في أعقاب انتقادات وجهها مسؤولون في البلدين الشريكين لتونس لأوضاع حقوق الإنسان. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية الأسبوع الماضي في سياق سجال علني مع الخارجية التونسية إنها باشرت مشاورات مع الأعضاء الآخرين في الإتحاد في شأن ملف الحريات في تونس بعد اعتقال صحافيين وفرض تضييقات شديدة على الحريات الإعلامية. وفيما أكدت مصادر رسمية تونسية أن الوعكة الصحية التي ألمت بالرئيس بن علي هي السبب الوحيد لإلغاء الزيارة، وقالت إن الحكومتين ستتشاوران للإتفاق على إجرائها في تاريخ لاحق، ربط قياديون في منظمات حقوقية تونسية بين قرار مدريد إلغاء الزيارة والجدل العلني الذي جرى بين وزارات الخارجية الأميركية والفرنسية والبلجيكية من جهة ونظيرتها التونسية من جهة ثانية، والذي كان محوره انتقادات موجهة للإنتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة اعتبرتها تونس "تدخلا سافرا في شؤونها الداخلية". وكان وزير الخارجية التونسي وجه رسالة إلى نظيره البلجيكي إيف لوتيرم وصف فيها مواقف الأخير بكونها تصدر عن ذهنية استعمارية جديدة. وكان الوزير التونسي يُعلق على جواب توجه به لوتيرم إلى عضو في مجلس الشيوخ البلجيكي ردا على سؤال في شأن أوضاع حقوق الإنسان في تونس. وأوضح ديبلوماسيون أوروبيون أن باريس وبروكسيل أجرتا مشاورات مع العواصم الأوروبية الأخرى وخاصة اسبانيا التي ترأس الإتحاد الأوروبي حتى آخر السنة، وطلبتا من الملك خوان كارلوس إقناع التونسيين بالعدول عما اعتبروه "تصعيدا ضد الإتحاد الأوروبي بأسره". وأضافوا أن خلافات في شأن برنامج الزيارة وجدول أعمال المحادثات الرسمية كان السبب وراء قرار الإلغاء. وتُعتبر اسبانيا من الشركاء الإقتصاديين الرئيسيين لتونس ويرتبط البلدان بمعاهدة صداقة وحسن جوار تتجسد في لقاءات سنوية بين رئيسي الوزراء في البلدين. وكان وزراء تونسيون زاروا اسبانيا في الأشهر الأخيرة للإعداد لزيارة الملك خوان كارلوس ودرس ملفات تطوير الإستثمار الإقتصادي والتعاون الثقافي بين البلدين.