يلاحظ في موقف موسكو الرسمي إزاء الوضع النووي الإيراني في الآونة الأخيرة ميل واضح إلى الغرب. فعلى روسيا أن تفكر مليا فيما يمثل خطرا أكبر بالنسبة لها: هل إيران موالية للغرب أم إيران حائزة على أسلحة نووية مفترضة؟ وبوسع موسكو - نظرا لعلاقات حسن الجوار التي تربطها بإيران - أن تعمل شيئا كثيرا لكي يصبح البرنامج النووي الإيراني شفافا في عين المجتمع الدولي. ولكن ذلك يقتضي مراعاة مصالح طهران وحرصها على تطوير الطاقة النووية السلمية. فلنتذكر هنا أن في عهد الشاهنشاه شهدت إيران تطورا سريعا لقطاع الطاقة النووية علما بمساعدات الأمريكان. وربما يسعى الغرب حاليا لتحقيق أهداف مختلفة تماما، وهي: استنزاف الاقتصاد الإيراني أولا، ثم استبدال نظام الحكم الثيوقراطي بآخر موال للغرب، على غرار باكستان أو العراق. من قال إن إيران الحائزة على القنبلة الذرية ستمثل بالنسبة لروسيا خطرا أكبر من الدول النووية فعلا مثل الهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية؟ أما التعاون مع إيران الموالية للغرب فسيكون بالتأكيد أمرا صعبا بالنسبة لروسيا. وتدل ردود أفعال طهران منذ الآن على أن اتجاه موسكو الموالي للغرب لن يساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين. فيستاء الإيرانيون اليوم من تأخر روسيا في توريد نظام الدفاع الجوي "س-300" إلى درجة قد تتخلى معها القيادة الإيرانية عن شرائه على الإطلاق متذرعة بفشل الصفقة بجريرة موسكو. وقد حل الإيرانيون فوجا تم تشكيله منذ عامين من خيرة الخبراء العسكريين خصيصا لتشغيل هذه الأنظمة. وهناك رأي يسود في الدوائر العسكرية الإيرانية مؤداه أن "المهلة" التي منحت لتوريد أنظمة "س-300" توشك على الانتهاء، في حين لا يسمح الوضع الذي يكتنف إيران بالتمهل. فتقوم إيران بدراسة عروض بديلة لتجهيز الأنظمة الدفاعية، ملمحةً بأنها قاب قوسين أو أدنى من تحقيق نقلة تكنولوجية في مجال صناعة أنظمة مماثلة وطنيا. ويؤدي فشل موسكو في تنفيذ التزامات العقد الذي قد تم إبرامه لا إلى ضياع أرباح محتملة قدرها مليار دولار تقريبا فحسب، بل وإلى الإساءة بسمعة روسيا كمورد الأسلحة في منطقة الشرق الأوسط.