عاجل/ بعد صدور بطاقة جلب في حقها: سنية الدهماني 'تحتمي' بدار المحامي (فيديو)    الرابطة الثانية: برنامج مواجهات اليوم من الجولة التاسعة إيابا    عاجل/ جندوبة: العثور على جثة طفل مشنوقا بمنزل أهله    اليوم: فتح باب التسجيل عن بعد بالسنة الأولى من التعليم الأساسي    من اجل تدليس شهادة حضور: الإحتفاظ ب3 أشخاص واحالة طفلين بحالة تقديم    رادس: إيقاف شخصين يروجان المخدرات بالوسط المدرسي    مفتي الجمهورية: أضحية العيد سُنّة مؤكّدة لكنها مرتبطة بشرط    السفارة الألمانية بتونس تفتتح 5 مقاهي ثقافية    رئيس منظمة إرشاد المستهلك: أسعار لحوم الضأن لدى القصابين خيالية    عاجل/ غلاء أسعار الأضاحي: مفتي الجمهورية يحسمها    بقيمة 7 ملايين دينار: شركة النقل بصفاقس تتسلم 10 حافلات جديدة    كاس تونس (الدور ثمن النهائي) : تقديم مباراة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى الى يوم الجمعة 17 ماي    التضخم يواصل التباطؤ وسط تحديات السياسة النقدية    الادارة العامة للغابات ضبطت عشرات النقاط السوداء للحرائق    241 حاجا وحاجة ينطلقون من مطار قفصة الدولي يوم 28 ماي    وزير التشغيل والتكوين المهني: الوزارة بصدد إعداد مشروع يهدف إلى التصدي للمكاتب العشوائية للتوظيف بالخارج    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    الرابطة الأولى: تشكيلة الملعب التونسي في مواجهة النادي الصفاقسي    مقتل 10 أشخاص وإصابة 396 آخرين خلال ال24 ساعة الماضية    عاجل/حادثة اعتداء أم على طفليها وإحالتهما على الانعاش: معطيات جديدة وصادمة..    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    دائرة الاتهام ترفض الإفراج عن محمد بوغلاب    61 حالة وفاة بسبب الحرارة الشديدة في تايلاند    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    طقس الجمعة: امطار متفرقة بهذه المناطق    أنس جابر في دورة روما الدولية للتنس : من هي منافستها ...متى و أين ؟    نادي ليفربول ينظم حفل وداع للمدرب الألماني يورغن كلوب    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    بسبب خلاف مع زوجته.. فرنسي يصيب شرطيين بجروح خطيرة    مدنين.. مشاريع لانتاج الطاقة    قوات الاحتلال تمنع دخول 400 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة..#خبر_عاجل    اليوم «السي .آس .آس» «البقلاوة» والمنستير الإفريقي...معركة مفتوحة على المركز الثاني    المهدية .. تم نقلهم إلى المستشفى لتلقّي العلاج.. إصابة 5 تلاميذ في حادثة رشق حافلة بالحجارة    بلاغ هام للنادي الافريقي..#خبر_عاجل    بلا كهرباء ولا ماء، ديون متراكمة وتشريعات مفقودة .. مراكز الفنون الدرامية والركحية تستغيث    أحمد العوضي عن عودته لياسمين عبدالعزيز: "رجوعنا أمر خاص جداً"    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين على سفينة في خليج عدن عبر زورق مسلحين    شركات تونسية وأجنبية حاضرة بقوة وروسيا في الموعد...صالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس يصنع الحدث    دراسة تكشف...الفوضى ... ثقافة مرورية في تونس !    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    ولي يتهجم على أعضاء مجلس التأديب بإعدادية سهلول...القضاء يتدخل    ممثلة الافلام الاباحية ستورمي دانيلز تتحدث عن علاقتها بترامب    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    اليوم: تصويت مرتقب في الأمم المتحدة بشأن عضوية فلسطين    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    نبات الخزامى فوائده وأضراره    أولا وأخيرا...شباك خالية    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    كاس تونس لكرة القدم - تعيين مقابلات الدور ثمن النهائي    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس: المعلم من"كاد أن يكون رسولا" إلى مستغيث من بطش تلاميذه

ترصد هيئات متخصصة في تونس بقلق تناميا ملحوظا لظاهرة اعتداء التلاميذ على أساتذتهم. وآراء الخبراء تتباين حول خلفيات عنف التلاميذ ضد أساتذتهم الذين كان أمير الشعراء شوقي يتغنى بمكانتهم قائلا"كاد المعلم أن يكون رسولا".
فَقَدَ ح. ب (42 عاما) حماسة التّدريس المتّقدة التي بدأ بها مشواره المهني قبل سنوات منذ أن اعتدى عليه أحد تلاميذه بالضرب في ساحة المدرسة الثانوية التي يعمل فيها انتقاما لرفته إياه لمدة ثلاثة أيام بسبب الغش في الامتحان. ويقول هذا المدرّس، متحدثا ل"دويتشه فيله"، بحرقة:"لا أستطيع أن أنسى ذلك اليوم، كنت متّجها إلى الفصل عندما اعترضني تلميذي في ساحة المدرسة، ودون مقدمات شرع في الاعتداء علي بالسب وبالضرب حتى سقطت أرضا" مضيفا أنه لم يعد له بعد ما حصل "أي طموح في هذه المهنة" وأنه يتمنى لو يحال على التقاعد المبكّر ليستريح منها نهائيا.
حالات الاعتداء على المدرسين في تونس وخاصة في المعاهد الثانوية تعددت في السنوات الأخيرة ما دفع نقابات إلى قرع جرس الإنذار للتحذير من خطورة هذه "الظاهرة" الجديدة في البلاد. وقد تعددت أشكال الاحتجاج على اعتداءات التلاميذ على أساتذتهم، ووصل صداها إلى شبكة التواصل الاجتماعي "الفيسبوك".
ظاهرة أم حالات معزولة؟
وتؤكد هيئات غير حكومية أن الاعتداءات ضد المدرّسين في تونس أصبحت "ظاهرة مستفحلة" إلا أن وزارة التعليم التّونسية تنفي ذلك وتقول إن الأمر لا يتعدى مجرّد حالات "عرضية ومعزولة". وقد حذر "المرصد التّونسي للحقوق والحريات النقابية" (هيئة غير حكومية) مؤخرا من "النسق التصاعدي منذ السنة الدراسية الحالية (2009/2010) لحالات الاعتداء على المدرسين في التعليم الأساسي والإعدادي والثانوي وحتى العالي'. وذكرت جريدة "الشروق" اليومية في عددها الصادر يوم (9 نوفمبر/تشرين الثاني 2010) أنه تم تسجيل أكثرمن 50 حالة عنف في المدارس والمعاهد التونسية خلال شهر واحد معظمها ضد مدرّسين.
وأطلق المرصد منذ سنة 2009 "حملة وطنية" إلكترونية لوقف العنف ضد المدرسين قال إنها تهدف إلى "التعريف بمخاطر هذه الظاهرة على الأسرة التربوية وعلى الوسط التربوي عموما وإلى تشريك الجميع في وقفة حازمة للتصدي لها". حيث أحدث المرصد صفحة خاصة بالحملة على شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك، يرصد من خلالها وبشكل شبه يومي الاعتداءات التي تطال المدرسين، وتحركاتهم الاحتجاجية ضد هذه الاعتداءات والتي عادة ما تتمثل في الإضراب عن العمل. وقال المرصد إن هذه الحملة المتواصلة "كسرت حاجز الصمت حول هذا العنف المسكوت عنه سابقا...والتشهير به والتصدي له". وقد دفع تعدّد الاعتداءات على المدرسين نقابة أساتذة التعليم الثانوي إلى بعث لجنة خاصة لدراسة هذه "الظاهرة" والبحث عن حلول لحماية المدرسين من شتى أنواع العنف الموجه ضدهم.
عنف لفظي ومادي وافتراضي
وأظهرت عمليات الرصد التي أنجزت ضمن "الحملة الوطنية" لوقف العنف ضد المدرسين أن هؤلاء يتعرّضون لثلاثة أنواع من الاعتداءات: لفظية ومادية وافتراضية، ويكون مسرحها حرم المدرسة أو فضاءلت عامة أخرى (الطريق،المقاهي...) أو شبكة الانترنت. وبحسب عمليات الرصد، تصدر الاعتداءات عادة عن تلاميذ أو أولياء أمورهم (الأب أو الأم) وأحيانا عن "بلطجية" يستأجرهم التلاميذ للانتقام من المدرسين. وقد سجلت حالات اقتحام آباء وأمهات لحرم المدارس وقاعات التدريس واعتدائهم بالضرب أو بالعنف اللفظي أو بكليهما على المدرّسين. كما طالت بعض الاعتداءات ممتلكات مديري مدارس أو مدرسين تعرّضت سياراتهم للتهشيم ومنازلهم للرشق بالحجارة.
ويلجأ آخرون إلى توظّيف التكنولوجيا من أجل "تعنيف" مدرّسيهم "افتراضيا". وقد أضرب خلال الفترة من 14 إلى 19 أبريل/نيسان هذا العام مدرسو عدة معاهد بمدينة "حمّام الأنف" (جنوب العاصمة) احتجاجا على نشر تلميذ صورا إباحية مفبركة لأستاذته على حساب فيسبوك أنشأه باسمها انتقاما من معاقبتها إياه ب"إنذار" (عقوبة مدرسية).
وخلال ندوة بعنوان "ترسيخ ثقافة اللاعنف بالوسط الأسري والمدرسي والاجتماعي والافتراضي" نظمتها المنظمة التونسية للتربية والأسرة عبّر مدرسون ومرشدون تربويون عن قلقهم الكبير من انتشار ظاهرة "تعنيف" التلاميذ لأساتذتهم "افتراضيا" من خلال شتمهم وسبهم والمس من كرامتهم على الانترنت وخاصة على شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك. ودعا بعض هؤلاء إلى مراجعة نظام التأديب في المدارس التونسية وسدّ ثغراته لأنه لم ينصّ على العقوبات التي يجب اتخاذها ضد التلاميذ الذين يرتكبون مثل هذه المخالفات والجرائم "الافتراضية" ضد مدرسيهم.
الشباب والتمرد على النظام التربوي
ويقول خبراء تربويون إن تعنيف المدرّس عادة ما يكون ردا على عقوبة اتخذها ضد التلميذ بهدف "قمع رغباته في التحرر من القيم السائدة" لكن أسباب الظاهرة متنوعة،ويشيرون في نفس الوقت إلى ظاهرة ضرب التلاميذ من قبل المدرسين والتي شهدت في السنوات الأخيرة تراجعا لكنها ما تزال موجودة في بعض المدارس. وتربط النقابة العامة للتعليم الثانوي بين هذا التعنيف وتنامي ظاهرة الفشل المدرسي وتدني المستوى التعليمي للتلاميذ و"حالة التسيب" داخل المؤسسات التربوية.
وبرأي طارق بن الحاج محمد الباحث في علم الاجتماع التربوي فإن استفحال ظاهرة عنف التلاميذ ضد أساتذتهم مرده تغيّر القيم التربوية لدى شباب اليوم و"قلة انضباطهم للتشريعات وتقاليد المؤسسات التربوية" بل و"استخفافهم بالعقوبات داخل المدرسة إلى حدّ التباهي بالتعرض لها واعتبارها نوعا من المغامرة والبطولة".
وقال الباحث الاجتماعي في حوار مع "دويتشه فيله" إن شريحة كبرى من الشباب يعتقدون أنّ المدرسة "لم تعد تمثل السبيل لتحقيق الحراك الاجتماعي وضمان المستقبل الآمن ولم تعد تستجيب لطموحاتهم وتطلعاتهم ذات السقف العالي" وان علاقتهم بالمعرفة وبالمواد الدراسية أصبحت "علاقة منفعية تقتصر على اعتماد المعلومات للنجاح في الامتحان" لافتا إلى أن "هذا التصور يسيء إلى المربي وصورته ومكانته ويجعله محل استخفاف قد يصل إلى حد التعنيف".
ولمعالجة هذا المشكل دعت "الحملة الوطنية" لوقف العنف ضد المدرسين الحكومة إلى"التعجيل بوضع خطة عملية تهدف إلى توفير أقصى درجات الحماية للمدرسين والإطار التربوي عموما وفق ما يضبطه القانون" ، ومن جهتها اقترحت النقابة العامة للتعليم الثانوي "مراجعة جذرية" للمنظومة التربوية وللنظام التأديبي ودعم التأطيرالتربوي للتلاميذ من خلال انتداب مرشدين اجتماعيين ونفسانيين.
وقد أعلن حاتم بن سالم وزير التربية التونسي في أكتوبر 2010 أن الوزارة ستقاضي كل من يعتدي على حرمة المدرسين والمدارس كاشفا عن الشروع في تنفيذ "آلية مبكرة" تحسبا لحوادث العنف في المدارس تقوم على "الإحاطة بالجوانب النفسية" والتركيز على المواقع التي تسجل فيها حوادث أكثر من غيرها.
23.11.2010
منير السويسي - تونس
مراجعة: منصف السليمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.