قررت جماعة الاخوان المسلمين، قوة المعارضة الرئيسية في مصر، وحزب الوفد الليبرالي، اكبر احزاب المعارضة المعترف بها رسميا، الانسحاب من انتخابات مجلس الشعب منددين بتزوير واسع خلال الدور الاول الذي كرس فيه الحزب الحاكم هيمنته على المجلس. وقالت الجماعة في بيان وزعته على الصحفيين مساء الاربعاء ان "ما حدث في يوم الانتخابات من تزوير وارهاب وعنف على ايدي بلطجية الحزب الوطني بل وصول الامر الى حد التعدي على بعض القضاة والمستشارين (..) كل ذلك جعلنا نعيد النظر في المشاركة في جولة الاعادة رغم ان لنا 27 مرشحا ومرشحة". واضاف البيان ان "مجلس شورى الجماعة قرر باغلبية اعضائه (72%) عدم المشاركة في جولة الاعادة". وتابع البيان ان "عدم مشاركتنا لا تعني تغييرا في استراتيجيتنا الثابثة بالمشاركة في جميع الانتخابات ولكنه موقف فرضته الظروف الحالية". واكد البيان ان الجماعة "تعتزم الاستمرار في كل الاجراءات القانونية لملاحقة المزورين والمفدسدين لابطال هذا المجلس (مجلس الشعب) المزور". وكان مسؤول رفيع في جماعة الاخوان طلب عدم كشف هويته قال لوكالة فرانس برس ان "الجماعة قررت الانسحاب" احتجاجا على التزوير. ولم تفز جماعة الاخوان، التي كانت تشغل 20% من مقاعد مجلس الشعب المنتهية ولايته، باي مقعد في الدور الاول للانتخابات الاحد بينما كان يفترض ان يخوض 27 من مرشحيها جولة الاعادة الاحد المقبل. واعلن حزب الوفد كذلك انسحابه من الانتخابات. واكد السكرتير العام للحزب منير فخري عبد النور، الذي لم يفز في دائرته بمركز جرجا في الصعيد، لوكالة فرانس برس ان الحزب "سوف ينسحب من الانتخابات". وحصل الوفد على مقعدين في الدور الاول من الانتخابات التي اعلنت نتائجها ليل الثلاثاء/الاربعاء. وكان يفترض ان يدخل دور الاعادة الاحد المقبل بتسعة مرشحين. كما اعلن عضو الهيئة العليا للحزب بهاء الدين ابو شقة للصحفيين انه قرر الاستقالة من مجلس الشوري الذي تم تعيينه فيه قبل بضعة اشهر اتساقا مع قرار الحزب بمقاطعة الانتخابات. واعتبر الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية عمرو الشبكي ان "النظام المصري بات يواجه بعد هذا الانسحاب ازمة سياسية". وقال لفرانس برس ان "القوى المؤثرة سواء التي تتمتع بوضع قانوني مثل الوفد او تلك التي لا تحظى به مثل الاخوان قررت الخروج عن الاطر القانونية وهو ما يعني ان النظام ازاء ازمة شرعية". وفاز الحزب الوطني الحاكم باغلبية كاسحة في الدور الاول بعد عمليات اقتراع شابتها انتهاكات واسعة النطاق واعمال عنف، بحسب منظمات حقوقية مصرية ودولية. وكانت قوى المعارضة المصرية رفضت الاستجابة لدعوة الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الدولية محمد البرادعي بمقاطعة الانتخابات معتبرة ان المقاطعة ستؤدي الى "عزلها" سياسيا وشعبيا. ووفقا للنتائج النهائية للدور الاول التي اعلنت ليل الثلاثاء الاربعاء فمن بين المقاعد ال221 التي حسمت في الدور الاول (من اجمالي 508) نال الحزب الحاكم 209 اي ما نسبته 94,5 بالمئة. يذكر ان الحزب الوطني شارك في الانتخابات باكثر من 800 مرشح لشغل 508 مقاعد ما ادى الى تنافس مرشحين او ثلاثة واحيانا اربعة من اعضاء الحزب على مقعد واحد. وواصلت الصحف المصرية المستقلة التعليق الاربعاء على الانتخابات. ورات صحيفة الشروق المستقلة في نتائج الانتخابات "زلزال +انتخابي+ في صفوف المعارضة". وقال حسن نافعة في "المصري اليوم" انه "حين يكتسح حزب (..) جميع الانتخابات التي خاضها على مدى ثلث قرن" فان ذلك يعني "ان التزوير بات جزءا من بنية النظام نفسه". ولم يكن من شأن الدور الثاني من الانتخابات الا ان يكرس هزيمة الاخوان اذا ما خاض 27 من مرشحيه منافسة الاعادة في حين كان عدد نوابهم في المجلس المنبثق عن انتخابات 2005 السابقة 88 نائبا. في المقابل اكد رئيس حزب التجمع (يساري) رفعت السعيد لوكالة فرانس برس انه لن ينسحب من السباق الانتخابي. وقال ردا على سؤال "لماذا ننسحب؟ لا سنبقى حجرا ثقيلا على قلبهم". لكن احد مؤسسي الحزب وهو النائب السابق البدري فرغلي استقال امس من الحزب ومعه 75 عضوا اخر احتجاجا على سياسات السعيد الذي اتهمه بعقد صفقات مع الحزب الحاكم. من جانبه اعتبر الحزب الوطني انه "ليس مسؤولا" عن فشل المعارضة التي اتهمها بالضعف. وقال في بيان ان افة التيارات السياسية الضعيفة في مصر، هي دائما تعليق الاخطاء على شماعات الآخرين" مؤكدا ان "هدفه لم يكن التخلص من المعارضة او القضاء عليها كما يفترض البعض، وانما ممارسة حقه كحزب سياسي يسعى إلى الحصول على الأغلبية في الانتخابات من خلال المنافسة". وندد مراقبون مصريون مستقلون وقسم من الصحف بتجاوزات في مختلف مناطق البلاد لفائدة الحزب الحاكم من بينها عمليات تسويد (تعبئة) صناديق وشراء اصوات واستخدام "بلطجية" لترهيب الناخبين. ولم يتمكن مراقبو المجتمع المدني ووكلاء مرشحي المعارضة في اماكن عديدة، من الدخول الى مكاتب الاقتراع ومراكز الفرز، بحسب شهادات عديدة. واعربت الولاياتالمتحدة الحليف التقليدي لمصر على الساحة الدولية واحد ابرز مانحيها للمساعدات، عن "خيبة املها" ازاء سير العملية الانتخابية وعن "القلق" ازاء معلومات عديدة اشارت الى حدوث تزوير. ورفضت الخارجية المصرية الموقف الاميركي وقالت انه "تدخل غير مقبول في شؤون مصر الداخلية". كما رفضت الحكومة جميع الانتقادات مؤكدة ان التجاوزات شملت فقط 1053 صندوقا من اجمالي 89588 مقعدا اي ما نسبته 1,2 بالمئة من الصناديق الامر الذي لا يؤثر على نتائج الانتخابات. بواسطة منى سالم (AFP)