اعتبر أحمد زويل العالم المصري الحائز على جائزة نوبل أن الحروب على لبنان وفلسطين والعراق كشفت حقيقة الوحدة العربية، وحجم الورطة التي يعاني منها العالم العربي، ومدى حاجته إلى "الجهاد العصري" المتمثل في التغيير والإصلاح وأن يبني الشعب العربي نظاما جديدا لمستقبل جديد. وكتب زويل في مقال بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية الخميس 24-8-2006 تحت عنوان "على العرب خوض شكل جديد من الجهاد"، يقول: "من الواضح بشدة أن الشعب العربي يجب عليه بناء نظام جديد للمستقبل الجديد.. الوضع الحالي (للدول العربية) بما يتضمن من انخفاض في حجم الناتج المحلي وارتفاع في معدلات الأمية وتدهور أداء التعليم والعلوم لا يدفع بطموحات هذه الشعوب من الناحية السياسية والاقتصادية والتعليمية". وألمح زويل في هذا المقال إلى أن ما أسماه "الحروب الكارثية" في لبنان وفلسطيني والعراق قد كشفت حقيقة الوحدة العربية والورطة التي يواجهها العالم العربي، مشيراً إلى أهمية سعي العرب إلى بناء نظام جديد للمستقبل، ومذكراً بأن العرب قد "قادوا في وقت سابق الحضارات، وكانوا في مصاف الدول المتقدمة، وقدموا كثيرا من العلماء المعروفين، وهو أمر لم يعد موجوداً في الوقت الحالي". وعبر زويل عن قناعته بأن العرب مؤهلين لاستعادة مجدهم البائد، منوهاً أنهم لديهم نحو "ثلثي احتياطيات النفط، كما أنه متوفر لديهم ضوء الشمس كمصدر للطاقة البديلة". وتابع يعدد مزايا العرب قائلاً: "لديهم ثقافة فريدة من نوعها فيما يتعلق بالقيم الأسرية والمجتمعية"، كما لديهم الموهبة والقدرة حيث إن معظم سكان الدول العربية من الشباب. وأكد زويل على أن تلك العناصر هي وقود عملية التقدم إلا أنه بدون رعاية حقيقة للموهبة ودون وجود نظام مستقيم للحكم فإن الوضع الحالي سيظل سائداً. وأشار زويل إلى أن عملية التغيير والإصلاح في الدول العربية يجب أن تستند إلى أربعة محاور، موضحا أن الدعامة الأولي هي وضع نظام سياسي جديد مبني على أساس وجود دستور يحدد المبادئ الديمقراطية لحقوق الإنسان وحرية التعبير، والحكم من خلال انتخابات تنافسية. وفي هذا الصدد دعا إلى تشكيل مجلس من المفكرين البارزين والشخصيات السياسية المرموقة وعلماء الدين، لمناقشة وضع دستور جديد يطرح للاستفتاء الشعبي العام ليؤكد بوضوح أهمية التعايش بين القيم الدينية في حياة الأفراد والقواعد المدنية في حكم الدولة. وأضاف أنه لا حاجة للخوف من التنازع بين العقل والإيمان فهما القوى المحركة في المجتمعات الديمقراطية، مشيرا إلى تركيا وماليزيا. تطبيق القانون وعن المحور الثاني يقول زويل: هي أن يكون حكم القانون مطبقاً على جميع الأفراد بصرف النظر عن الطبقات والمعتقدات الدينية والخلفيات الثقافية. وبين زويل أنه في الوقت الحالي هناك بعض قواعد قانونية، إما أنها غير منفذة أو تنفذ بصورة انتقائية؛ مما يؤدي إلى ممارسات غير أخلاقية. وحذر زويل من أن الافتقار إلى الحكم بطريقة غير سلمية يعد سبباً رئيسياً لضعف النمو الاقتصادي، كما يتسبب في الفساد الذي يعيق الاستثمار ويهدر الموارد ويضعف الثقة، أما إذا طبقت القواعد بصورة عادلة فإن الناس سيكتسبون الأمن والثقة في نظامهم الحاكم. ونبه زويل إلى أن المحور الثالث يتمثل في ضرورة إعادة النظر في الطرق المستخدمة في الممارسات الثقافية والبحث العلمي وتصحيحها، مؤكداً علي أن الهدف يجب أن يكون هو دعم الفكر النقدي ووجود نظام قيمي يقوم على التفكير والانضباط والعمل الجماعي. وشدد زويل في هذا السياق على أهمية أن تظل الحكومة مسئولة عن مراحل التعليم الأساسي، مشيراً إلى أن مراحل التعليم المتقدمة يجب أن تقوم على الجودة لا الكم، وأن تلقى تمويلا جيدا وتحرر من البيروقراطية غير الضرورية. وسائل الإعلام "فحص وسائل الإعلام العربية" هو المحور الرابع والأخير الذي حدده زويل لحدوث تغير بالمنطقة العربية. ويقول زويل "حاليا هناك عدد ضخم من المحطات التلفزيونية الفضائية وعدد آخر مما يسمى بمدن إعلامية ممولة جيداً ربما بشكل أفضل من البحث العلمي. ومع ذلك فإن الناس حتى الآن غارقون في برامج دعائية ومغيبة للعقل". وأوصى بأن يكون لدينا ثقة في أنفسنا وعدم لوم الآخرين على الأوضاع الحالية، وعدم استخدام الدين في تحقيق مكاسب سياسية. وناشد زويل الشعوب العربية بالمشاركة فيما أسماه بالتغير التاريخي، وألا يظلوا مشوشين بأيدلوجيات الماضي ونظريات المؤامرة. فشل الإصلاحات التدريجية كما طالب الحكام في العالم العربي بتنفيذ ما اعتبره تغيرات تاريخية، مشيرا إلى أنهم في حالة تنفيذهم لتلك التغيرات سيشاركون في صنع التاريخ، منوها أن ما يسمى بالإصلاحات التدريجية لم يعد أمرا فاعلاً؛ حيث أثبت فشله خلال العقود الماضية. وقال في نهاية مقاله إنه "خلال وقت ليس بطويل سينفد النفط وستهاجر العقول الفذة، ولكن إذا ما نفذنا محاور التغيير مع الجهاد العصري والتنوير فإننا سوف نحتل مكاننا الحقيقي في المستقبل". ويعد زويل هو العربي الوحيد الذي حصل على جائزة نوبل في العلوم عام 1999.