تراجع الرئيس السوداني عمر البشير، أمس، عن رفضه لقاء الموفدة الرئاسية الاميركية مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الأفريقية جينداي فريزر، واستقبلها في مقر اقامته بعد نصائح من مستشاريه بعدم الدخول في أزمة ديبلوماسية مع واشنطن لن تستفيد منها الخرطوم. وتسلّم البشير رسالة من الرئيس جورج بوش ووعد بالرد عليها عقب درسها، كما وعد بالرد على عرض الموفدة ترتيب محادثات بينه وبين الرئيس الاميركي في نيويورك. لكنه تمسك بموقفه الرافض لنشر قوات دولية في دارفور وقال إنه يفضل المواجهة على الاستسلام أمام «تحالف صهيوني - صليبي يهدف الى إعادة استعمار السودان». ورأى بعض المصادر أن هذه المواقف تُطلق «إشارات متناقضة». وأفيد أن مستشاري البشير، خصوصاً الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، ساهموا في تليين موقفه واقناعه في وقت متقدم ليل الاثنين - الثلثاء بلقاء المبعوثة الاميركية التي مددت زيارتها يوماً في الخرطوم بعدما تلقت تأكيداً من إسماعيل عندما كانت في طريقها الى المغادرة. ورأى مستشارو الرئيس السوداني أن رفض لقاء المبعوثة سيخلق أزمة ديبلوماسية بين الخرطوموواشنطن في وقت حرج ولن تستفيد الخرطوم من ذلك. وقال مسؤول رئاسي للصحافيين إن فريزر ناقشت مع البشير العلاقات بين البلدين وإمكان نشر قوات دولية في دارفور، ووضع الصحافي الأميركي المعتقل في دارفور بول سالوبيك وهو كاتب في مجلة «ناشونال جيوغرافيك»، وأفاد ان البشير أشاد باهتمام الولاياتالمتحدة بشؤون السودان. وقال سكرتير الشؤون الصحافية في الرئاسة محجوب فضل إن المسؤولة الأميركية سلّمت البشير رسالة من بوش في شأن الأوضاع في دارفور وعد بالرد عليها عبر رسالة يحملها وزير الخارجية السوداني الدكتور لام اكول الى واشنطن قريباً، موضحاً ان فريزر عرضت على البشير أيضاً ترتيب محادثات مع بوش على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وطلبت منه التدخل للإفراج عن الصحافي الموقوف في الفاشر وأكدت له انه ليس جاسوساً، لكن البشير ذكر أن الأمر أمام القضاء، ووعد بالتدخل لأسباب انسانية، مشيراً إلى أن الجانبين اتفقا على استمرار الحوار لمعالجة القضايا الخلافية. ورفضت فريزر في حديث مقتضب إلى الصحافيين الافصاح عن مضمون رسالة بوش الى البشير واكتفت بأنها تتعلق بتحسين العلاقات. وكان البشير حمل امام ممثلين للنقابات أمس على المشروع البريطاني - الأميركي لنشر قوات أممية في دارفور واعتبره «مشروع احتلال كامل للسودان»، مؤكداً ان حكومته لن تسمح بتحويل مهمات القوات الافريقية في الاقليم الى المنظمة الدولية أو أي جهة أخرى. وتابع: «أقولها لكم اليوم وسأقولها غداً وبعد غد» ان بلاده لن تسمح بقوات أممية في دارفور. وحرص البشير قبل وقت وجيز من لقائه مبعوثة بوش على تأكيد انه لا يرغب في - ولا يسعى الى - مواجهة مع المجتمع الدولي لكنه لن يسمح بانتهاك سيادة بلاده، موضحاً انه بات أمام خياري المواجهة أو الاستسلام أمام «حلف صهيوني - صليبي» يريد اعادة استعمار السودان، لافتا الى انه يفضل المواجهة على الاستسلام. الى ذلك، اتهمت الحكومة لجنة الإنقاذ الدولية، وهي وكالة إغاثة أميركية، بالقيام بنشاط استخباراتي، واستغلال نشاطها في جمع المعلومات وكتابة التقارير السياسية والأمنية التي لا تمت بصلة الى العمل الإنساني. واجتمع ممثلون للجنة أمس الى فريزر. في غضون ذلك، أفاد موقع إعلامي رسمي في الخرطوم ان الإدارة الأميركية تدرس تعيين المدير العام السابق لوكالة التنمية الدولية الأميركية اندرو ناتسيوس مبعوثاً خاصاً الى السودان. وفي نيويورك، ينعقد مجلس الأمن اليوم في جولة مشاورات في شأن مشروع القرار البريطاني - الأميركي في خصوص دارفور تمهيداً لطرحه على التصويت قبل انتهاء رئاسة غانا للمجلس غداً الخميس. وقال السفير البريطاني أمير جونز بيري ان الانتقال من قوات افريقية في دارفور إلى قوات الأممالمتحدة «يجب أن يتم بدعم حكومة السودان وما زلنا نعمل جاهدين على هذه المسألة. لكن هدفنا واضح وهو تعزيز قوات الاتحاد الافريقي ثم الانتقال إلى قوات الأممالمتحدة بأسرع وقت ممكن». أما السفير الأميركي جون بولتون فقال: «نتابع العمل على مشروع قرار للانتقال من قوات الاتحاد الافريقي في دارفور إلى عملية الأممالمتحدة لحفظ السلام. وما زلنا نحاول أن نطرحه (مشروع القرار) على التصويت يوم الخميس وأعتقد أن ذلك ممكن ... فإننا قريبون من التوصل إلى اتفاق». وتابع: «اعتقد اننا توصلنا إلى صياغة تحصل على قبول المجلس وتحقق الهدف الذي نسعى إليه وهو انتقال مبكر للمسؤولية في دارفور إلى الأممالمتحدة».