اثارت هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة التي نفذها 19 انتحاريا بينهم 15 سعوديا انتقادات اميركية للمناهج التعليمية في السعودية التي اتهمت بتغذية التطرف الاسلامي. وما زال الجدل محتدما بعد خمس سنوات من الهجمات. لكن المتخصصين بشؤون التربية في السعودية يرون ان المشكلة تكمن في التفسيرات الخاطئة للنصوص الدينية او "استغلالها" لتبرير عدم التسامح. وقال حمد الماجد استاذ التربية في جامعة الامام محمد بن سعود الذي كان شارك في حوارات مع اميركيين حول الحريات الدينية ان "المشكلة ليست في نصوص المناهج الدينية المستندة بقوة الى الكتاب والسنة". واضاف ان المشكلة تكمن في تفسير بعض النصوص من قبل الذين عندهم اصلا فكر متطرف على انها تؤيد تصوراتهم وهناك نصوص تغذي التطرف اذا اخرجت من سياقها. وقال الماجد ان "هناك مثلا قول الله عز وجل 'يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة' السياق هنا ان النبي محمد (..) كان يتعرض لاعتداء من عدد من الاعداء والخصوم". واضاف ان هذا يعني ان هذا القول هو دعوة للدفاع عن النفس وليس لمحاربة الكفار في المطلق. ودعا الماجد المسؤولين السعوديين الذين بدأوا اعادة النظر في المناهج قبل اعتداءات 2001 في الولاياتالمتحدة الى "النظر الى هذه المسألة بدون حساسية وازالة ما يمكن اساءة فهمه" من المناهج. وقال الماجد ان هناك تغييرات ادخلت وما زالت تدخل على المناهج. من جانبه قال خالد العواد عضو مجلس الشورى السعودي المعين ووكيل وزارة التربية والتعليم سابقا، انه بعد 11 ايلول/سبتمبر تمت مراجعة المناهج السعودية من قبل لجان متخصصة وازيلت بعض العبارات التي قد تفهم بطريقة غير صحيحة او "تستغل" من البعض لتغذية التطرف . واضاف العواد انه لا يعتقد ان المناهج السعودية بشكل عام تشجع على عدم التسامح تجاه المعتقدات الاخرى او تغذي التطرف مشيرا الى ان هناك عوامل اخرى اكثر تأثيرا في تغذية التطرف مثل "الظلم الواقع على بعض الشعوب المسلمة" والانحياز الاميركي لاسرائيل الذي يولد شعورا بالكراهية تجاه الولاياتالمتحدة. وقالت عزيزة المانع استاذة التربية في جامعة الملك سعود وخريجة احدى الجامعات الاميركية ان "الخلل يكمن في تضمين الآراء الشخصية لواضع الكتاب في كتب العلوم الدينية ". واضافت "بعد وضع الآية او الحديث مثلا يضيف الكاتب من عنده (حواشي) ويضمنها آراءه الشخصية التي فيها تعصب". واضافت المانع عضو لجنة تحضير الجلسة السادسة "للحوار الوطني" التي ستركز على تطوير التعليم في السعودية ان هناك حاجة لتطوير التعليم برمته باضافة مواد علمية وتغيير اساليب التدريس وتعويد الطالب على الاستقلالية في الرأي. وتابعت "اذا استطعنا ان نخلق طالبا يفكر بحرية فهو لن يتأثر كثيرا بما تتضمنه بعض الكتب من آراء شخصية (...) طلابنا الآن لا يعرفون العقل النقدي". واكدت حسب ان محاولات تجري الآن على الصعيد الرسمي "للحد من تطرف" بعض المعلمين. واتهمت بعض الاوساط الاميركية الكتب المدرسية السعودية بتغذية عدم التسامح ليس فقط تجاه غير المسلمين بل حتى حيال المذاهب والطوائف الاسلامية التي تختلف عن المدرسة السنية السلفية التي ينحدر منها الفكر الوهابي المسيطر في السعودية. وقالت المانع في هذا الصدد ان الكتب التي تدرس في المدارس والجامعات وضعها كتاب سلفيون يعمد بعضهم الى اضافة تفسيراتهم "للتحريض ضد اي توجه يخالف الفكر السلفي". واضافت "لا القرآن ولا السنة يقولان اي شيء عن المذاهب بما ان الانقسامات (بين المسلمين) ظهرت في الجيل الثاني. اي شيء يذكر في الكتب عن المذاهب هو اجتهادات من قبل علماء". وتضم السعودية اقلية كبيرة (تشكل حوالى عشرة بالمئة) من الشيعة بالاضافة الى اعداد اقل من الاسماعيليين والصوفيين. وقال الماجد حول هذا الموضوع انه يجب عرض معتقدات الطوائف غير السنية في الكتب بشكل "العرض الاكاديمي فقط اي كوقائع وليس بنظرة الناقد". واوضحت هتون الفاسي المتخصصة في تاريخ المرأة القديم والناشطة في مجال حقوق المرأة ان السعوديين لم يبدأوا التحدث علنا عن "الطوائف الاخرى" غير السلفية الا قبل حوالى ثلاث سنوات بعد ان فجر عناصر من القاعدة موجة من العنف في داخل المملكة الغنية بالنفط بينما كانت هذه الطوائف مغيبة تماما في السابق. واندلعت موجة العنف في السعودية في ايار/مايو 2003 عندما فجر انتحاريون ثلاثة مجمعات سكنية في الرياض. وقالت الفاسي ان "هذه الاحداث كانت 11 ايلول/سبتمبر بالنسبة لنا. قبل ذلك لم يكن احد يصدق ان هناك تطرفا يتسم به سعوديون او حتى ان الذين قاموا بهجمات 11ايلول/سبتمبر هم سعوديون". *