اكتسب المهرجان الذي يقام حول أطلال قرطاج القديمة قرب العاصمة تونس شهرة بوصفه واحدا من أهم الاحداث الثقافية في البلاد وبات مصدرا رئيسيا لجذب السائحين الذين يزورون البلاد. في ضاحية كانت تخضع ذات يوم للسيطرة المحكمة لعائلة الرئيس السابق زين العابدين بن علي يغني شبان تونسيون ويرقصون في استراحة من التوترات والمخاوف الممتدة منذ اشهر والتي أعقبت اندلاع الثورة في بلادهم. دوت موسيقى الراب والريجي بين جنبات ميناء حلق الوادي القديم مع افتتاح مهرجان قرطاج الدولي للمرة الاولى منذ اسقاط الرئيس السابق قبل ستة اشهر. واكتسب المهرجان الذي يقام حول أطلال قرطاج القديمة قرب العاصمة تونس شهرة بوصفه واحدا من أهم الاحداث الثقافية في البلاد وبات مصدرا رئيسيا لجذب السائحين الذين يزورون البلاد. وفي حين أشعلت "ثورة الياسمين" نارا امتدت الى أنحاء عدة في العالم العربي مازال التونسيون منذ ذلك الحين يواجهون ارتباكا سياسيا ومظاهرات لا تبدو أن لها نهاية وخوفا من الجريمة. ويحرز الاصلاح السياسي في ظل الحكومة المؤقتة الجديدة تقدما بطيئا وقد أرجئت انتخابات الجمعية التأسيسية التي ستتولى وضع دستور جديد الى 23 اكتوبر تشرين الاول. وفي حين أطلقت مجموعات من الموسيقيين الشبان أحدث نسخة من مهرجان قرطاج ببداية حماسية في وقت سابق هذا الشهر قال وزير الثقافة عز الدين بالشاوش انه يأمل أن يبث المهرجان البهجة والسعادة في قلوب التونسيين الذين لم يتمكنوا من الابتهاج بعد قيام ثورتهم. وفر بن علي الى السعودية في 14 يناير كانون الثاني بعد احتجاجات عنيفة في الشوارع قتلت خلالها الشرطة بالرصاص اكثر من 300 شخص. ومنذ ذلك الحين شعر كثير من التونسيين بالخوف على الرغم من افتخارهم بأنهم أسقطوا الدكتاتور الذي هيمن على حياتهم 23 عاما. ويحجم الناس عن الخروج في الليل مثلما كانوا يفعلون وتغلق المتاجر في وسط العاصمة تونس ابوابها مبكرا. وتزايدت المخاوف من الجريمة بعد حوادث هروب من السجن في حين أن وجود الشرطة في بعض الاحياء ضعيف. وفي محاولة لادخال السعادة على نفوس الناس أعدت وزارة الثقافة برنامجا متنوعا للمهرجان في مجالات الموسيقى والرقص والمسرح من تونس والاراضي الفلسطينية وصربيا وايطاليا واسبانيا وسوريا. في حلق الوادي قدم مغني الراب الشاب حمادة بن عمر المعروف ايضا باسم الجنرال اغنياته عن الحرية والثورة امام مئات الشبان. وأصبح الجنرال صوت الاف الشبان التونسيين المحرومين قبل الثورة حين كان يستغل أغانيه لانتقاد بن علي الذي ألقاه في السجن. وفي ديسمبر كانون الاول قبل قيام الثورة بقليل أصدر أغنية على الانترنت بعنوان "ريس البلاد شعبك مات" التي تتناول مشكلة البطالة بين الشبان والتي كانت عاملا رئيسيا وراء قيام الثورة. وقالت فتاة ترقص وتغني بين الجمهور لرويترز "هذه لحظات رائعة... نسينا كل خوفنا وخرجنا لنحتفل. سئمنا البقاء بالمنزل بسبب الخوف الذي نعيش فيه منذ شهور." وفي ظل تواجد أمني مكثف كانت الليلة هادئة ولم ترد تقارير عن وقوع حوادث. وقال المغني سفيان صفطة للصحفيين ان من الممتع الغناء للناس في الشارع وادخال بعض الفرحة على قلوبهم وعبر عن سعادته لانه رأى الفرحة والبهجة في عيونهم وتابع أنه يغني مجانا لمن لا يملكون المال لشراء التذاكر. وغنت شابات وشبان ورقص الجميع على أنغام أغنية لتونس وهم يلوحون بالعلم في تعبير عن الفخر بأن ثورات الربيع العربي بدأت من تونس. وقال شاب يدعى ايمن ناصري لرويترز "الاحتفال بالنصر شيء جيد. ذكرى انتصارنا على طاغية لن تمحى من التاريخ." وأضاف "لا نشعر بالخوف اليوم. نسينا الخوف حين أسقطنا بن علي...وبينما ننتظر تطهير البلاد من افكاره فلنسترح قليلا ونحتفل بانتصار عظيم أبهر العالم كله." وفي عهد النظام السابق ما كان يمكن اقامة مناسبة كتلك التي أقيمت في حلق الوادي. فخلال فترة حكم بن علي كان المغنون الذين يمارسون نشاطا سياسيا من تونس او خارجها لا يلقون تشجيعا. وكانت المناسبات الفنية تقام في أماكن مغلقة تحيطها أعلام تونس وصور الرئيس السابق وزوجته بينما كان يطلب من المغنين ادراج فقرات ضمن برامجهم الفنية تشيد بالتنمية الحديثة في تونس. والان تقول وزارة الثقافة ان المهرجانات بعد الثورة ستعطي فرصا للفنانين الذين كانوا مهمشين في السابق. ويواجه التونسيون مستقبلا غير واضح. ومن المتوقع أن تشهد الانتخابات التي تجري في 23 اكتوبر منافسة حامية بين الاحزاب العلمانية وحركة النهضة الاسلامية. ويخشى الكثير من ابناء تونس من أن يؤدي هذا الى اندلاع المزيد من اعمال العنف التي قد تعيد البلاد الى ما كانت عليه منذ ستة اشهر. تقرير محمد عمارة Thu Jul 28, 2011 10:35am GMT