كان الوزير الأول للحكومة المؤقتة الباجي قائد السبسي طلب مؤخرا من جمعية القضاة التونسيين ونقابة القضاة، تقديم قوائم بأسماء القضاة الفاسدين إلى وزارة العدل للنظر فيها خميس بن بريك-الجزيرة نت-الوسط التونسية: يتواصل الجدل داخل الأوساط القضائية في تونس حول تطهير القضاء، فبينما يسعى شقّ إلى ضبط قوائم بأسماء القضاة الفاسدين، يرفض آخر هذه الآلية. وكان الوزير الأول للحكومة المؤقتة الباجي قائد السبسي طلب مؤخرا من جمعية القضاة التونسيين ونقابة القضاة، تقديم قوائم بأسماء القضاة الفاسدين إلى وزارة العدل كي تنظر فيها، وذلك إثر احتجاجات شعبية تطالب باستقلالية القضاء. وفيما قبلت جمعية القضاة التونسيين الطلب، واعتبرت أنه "آلية من آليات التطهير"، رفضت نقابة القضاة هذا التصور، معتبرة أنه مدخل إلى "تصفية حسابات شخصية". رفض القوائم : وتبرر رئيسة نقابة القضاة التونسيين روضة العبيدي رفضها إعداد قوائم بأسماء القضاة الفاسدين بأنه لا يوجد أي نص قانوني خاص يشرّع ضبط مثل هذه القوائم. وقالت للجزيرة نت إنّ "التعاطي مع ملف المحاسبة بهذا التصوّر دون أي موجب قانوني سيفتح الباب أمام العدالة الانتقامية والمزايدات السياسية". وحذرت القاضية العبيدي من أنّ إعداد قوائم بأسماء القضاة الفاسدين دون مؤيدات سيعرّض بعض الأطراف إلى ملاحقات قضائية بتهمة الثلب والتشهير. وتسرّبت، مؤخرا، على الإنترنت قائمة تضمّ 183 قاضيا متهمين بالفساد، لكن تبين أن تلك القائمة أعدت عام 2005 بأسماء قضاة سحبوا الثقة من المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، التي كان النظام السابق يحاصرها. وقد قام هؤلاء القضاة برفع 60 قضية إلى المحاكم لملاحقة مواقع إلكترونية قامت بنشر أسمائهم في قائمة تمّ توظيفها على أساس أنهم قضاة فاسدون. وتشكك رئيسة نقابة القضاة في مصداقية الأطراف التي ستأخذ على عاتقها ضبط قوائم متعلقة بالقضاة الفاسدين، بقولها "أنا لا أثق في أي طرف"، في إشارة إلى جمعية القضاة التونسيين. آلية تطهير : بالمقابل، ترى جمعية القضاة التونسيين أنّ إعداد قوائم بأسماء القضاة الفاسدين آلية من آليات دراسة الظاهرة الفردية للفساد القضائي، وليس المقصود منها التشهير بالناس. ويقول رئيس جمعية القضاة أحمد الرحموني "هذه القوائم آلية من آليات التطهير، وليس الغرض منها التشهير بالقضاة، باعتبار ذلك مناقضا لمقتضيات العدالة الانتقالية". ويضيف للجزيرة نت إن "القوائم مسألة داخلية تخص القضاة، ومن واجبنا كهيكل ممثل لهم أن نتبنى تصوّرا لتطهير القضاء في غياب أي مبادرة من الحكومة". وشكلت جمعية القضاة التونسيين لجنة بدأت القيام بتحقيقات داخلية للكشف عن القضاة الذين تورطوا في فساد مالي أو إداري، وتجميع الإثباتات والأدلة عليه. واستبعد الرحموني إصلاح القضاء ما لم تتخذ إجراءات لاستبعاد القضاة غير الأكفاء، والملتبسين بمحاكمات جائرة أو فساد مالي، أو المرتبطين بالحزب الحاكم المنحل، من دائرة القرار. وقال إن "العديد من القضاة الفارين من المحاسبة تحصنوا بانضمامهم إلى النقابة"، حديثة الولادة، مضيفا: "النقابة تحاول تعويم ملف تطهير القضاء للتشويش على إجراء التطهير نفسه". الحكومة تتنصل : ولئن تباينت المواقف بشأن آليات تطهير القضاء، إلا أن نقابة القضاة وجمعية القضاة لا تختلفان في أن هناك "تنصلا" من قبل الحكومة الحالية من فتح ملف المحاسبة. واتهمت روضة العبيدي التفقدية العامة بوزارة العدل بالتستر على ملفات الفساد، فيما أكد الرحموني أن التفقدية، التي شبهها بالبوليس السياسي، "تحتاج إلى تطهير". لكن وزارة العدل نفت في بيان لها تقصير التفقدية العامة، مشيرة إلى أنها تولت النظر هذا العام في 1095 شكاية، منها 327 شكاية تتعلق بقضاة، مقابل 820 شكاية العام الماضي. المصدر: الجزيرة نت الاثنين 30/9/1432 ه - الموافق 29/8/2011 م