تيار الغد.. ليس حزبا سياسيا، ولا جمعية خيرية، ولا هيئة اعتبارية ذات أغراض خاصة، لأنه ليس تكتل عضوي حركي، ولا هو أيضا بالمشاعر الجهوية، ولكنه روح تسري في جسد هذا الشعب، لتبعث فيه: · من أجل ارساء معادلة للتعايش والسلم الإجتماعي، فالثقافة الليبية التى ترتكز على قواعد صلبة للموروث الحضاري للمجتمع الليبي ثقافة تعايش وتسامح، حتى لما تصل بنا الحزازات في الماضى إلى حد الإحتراب كنا دائما وفي كل مرة نخرج من الأزمة ونتصالح ونتوافق ونتصافح وتمضى الحياة من جديد، وهذا يحدث في طول البلاد وعرضها، ومن هنا فتيار الغد مكون الرفض الوطني الحقيقي للعداوة والتدابر تحت أي ذريعة كانت، لأن في هذا اهدار للطاقة الروحية الإجتماعية ومناهضة للهوية الليبية القائمة على موروث حضاري أساسه كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة. · ، فالإعتذار وانصاف المظلوم أساس التعايش الإجتماعي، كي نسل فتيل التوتر والإنفجار، ونخلص الصدور مما أوغرها من سخائم وحزازات الأيام وعدم تكافؤ الفرص مما اوجد تنافسا غير مشروع، أما التجاهل فيوشك أن ينفخ في جذوة الكراهية والتدابر والقطيعة والتباغض، فلا تلبت حتى يشب حريقا من تحت الرماد يأتي على الأخضر واليابس. · ، فتنتعش الأسرة والمجتمع والدولة بكل مؤسساتها، كمحاضن للتنشئة النفسية والوجدانية والعقلية والثقافية والتربوية والسياسية الأساسية، فيتعارف أبناء المجتمع ويتعاونوا ويتكافلوا ويتنافسوا بشرف ومساواة بينهم في الفرص، وتفتح قنوات التواصل والحوار الليبي- الليبي ويحتوى المجتمع بذلك العنف والغلو والتطرف، ويحاصر أسبابها، ومن ثمة يعزلها فلا تجد لها مكان لتترعرع فيه وتنتشر فتأكل زهرة أعمار شبابنا، وتستدرجهم إلى معارك ليست معاركهم، ثم تحطمهم في نهاية المطاف، وعندها تكون الفاعلية و نشطة وفعالة فيشعر الفرد بالأمن الإجتماعي، ولا يشعر أنه وسط غابة تتخطفه فيها جوارح طير ذات مخلب، وتتربص به وحوش كاسرة ذات ناب. · ، فتنتشر المعرفة والعلم، وتدحض الخرافة وينمحى الجهل، ونسخر الكون من حولنا بافضل اسلوب، وفي أقل وقت وبأقل كلفة، فلا نهدر الحياة بتضييع الأوقات واستفراغ الجهود فيما لا طائل من ورائه، وتبذيرالمال فيما لا ينفع دنيا ولا آخرة، في ظل توجيهات الموروث الحضاري للمجتمع الذي يرشد بنهيه عن القيل والقال واضاعة المال، فنخرج من دائرة العجز إلى دائرة القدرة والفعل. · ، فلا وطنية بدون صيانة كرامة الإنسان، فهما وجهان لعملة واحدة، فليس بوطني من يهين المواطن، وليس بوطني من يضر المواطن سواء بظلمه أو بالتغرير به أو باستغلال حاجته، ومن هنا فيعتبر تيار الغد أن التروج للعادات السيئة ونشر وسائل الإنحراف الأخلاقي خيانة عظمي، وإلا فماذا سيبقى من الوطن إن تحطم المواطن بتحطم إرادته وابتذال كرامته وضياع حقوقه؟ · وفق ما ينص عليه الموروث الحضاري للمجتمع، ثم تخص الدائرة الوطنية فينتسب للمجتمع الليبي فهم أهله وأحق بصحبته قبل الدائرة الواسعة، ثم دائرة الإنسانية فيحرص على الإنسان كإنسان وقد كرمه الله عزوجل، فلا يظلم ولا يجور ولا يعتدي على أي نفس بشرية. · فهذا الكون مسرح للحياة الدنيا، وحرث للآخرة، ظهر فيه الجنس البشري كي يستمتع به وفق منهج خالقه ومالكه الذي سخره له وفق قوانين ونوامس كونية إلهية، فلا يسرف في استمتاعه به، ويستشعر مسؤوليته المباشرة على المحافظة عليه، كي ندفعه صالحا سليما لمن بعدنا!، كما دفعه لنا من من قبلنا، فلا عدوان ولا فساد إنما عمارة واستخلاف وفق المنهج الإلهي السامي، فهو يبتغي فيما اوتي في هذا الكون الدار الآخرة لكنه لا ينسى نصيبه من الدنيا. · فالهوية الليبية لابد لها من أن ترتكز على وجدان المجتمع وقيمه وموروثه الحضاري، إذ ينبغي على تيار الغد أن يكون مكون رفض لمشاريع الإستلحاق والتبعية سواء أكانت ثقافية تهدم هويتنا وتزاحم ثقافتنا ونحن مجتمع بين يديه المصباح الذي يقوده، فنشارك في فضاءات العولمة مع المحافظة على تميزنا لأننا نملك تفوق نوعي في مصادر المعرفة، تفوق إستراتيجي وفق معايير التنافسية، فبينما مصادر المعرفة عند غيرنا محصورة في الحس والحدس، فنحن عندنا مصدر اضافي للمعرفة متمثلة في الوحي، ينبغي على تيار الغد أن يعكف عليه ليتعلمه ويفهمه على الوجه الصحيح، ومن ثم عليه أن يدرك كيف يستفيد منه في معتركات المشاركة في تلك الفضاءات وقد تخلص عقله من الخرافة، وتخلص وجدانه من أي عصبية لا تقوم على الحب في الله والبغض في الله ومن هنا فهو تيار متوازن داخليا مع نفسه، فلا يطغي فيه جانب على جانب آخر، ومتوازن مع الآخر فهو يعيش في الدائرة الإنسانية بإيجابية، وهو متوازن مع عالم الأشياء من حوله فلا يتولى في الأرض فسادا ليهلك الحرث والنسل، وهو فوق كل ذلك متطلع بقيمة الروحية الإيمانية إلى العالم العلوي وهو يوقن أن بعد هذه الدار هناك دار أخرى لا سبيل إلى السعادة فيها إلا أن يزرع في هذه الدار كي يحصد في تلك، وليس هذا بمانعه أن يستمتع بها ولكنه استمتاع عقلاني منظم فلا ينطلق بدون توجيه حكيم، فيتحطم على صخور نزواته ونزاعاته مع غيره. تيار الغد هو مجموع الأناسي التي تتألف من التقائها المجموعة الوطنية الكبيرة، بدون استثناء، بقبلوهم بمعادلة التعايش الإجتماعي الليبي من أجل ليبيا الغد للجميع وبدون استثناء، إلا من شط في أمره ونأى بجانبه، فالباب مؤرب لعله يعود في لحظة ما فنكون له خير عون وخير سند ونرجوا فيأته إلي الجماعة الوطنية في أي مرحلة كانت، ما لم يستظهر علينا بعدونا أو يخرج على المجتمع يضرب بره وفاجره. تيار الغد رؤية مستقبلية تيار الغد هو كل الحراك الإجتماعي والثقافي والسياسي الذي يعتمل في ضمائر أبناء المجتمع، كما هو السلوك العملي للأفراد والمؤسسات، كلهم يستشرفون النظر صوب محطة في المستقبل تستقر فيها البلاد، يوم أن نصل إلى توسيع قاعدة المشاركة الشعبية الحقيقة، بدل حالة الفوضى السائدة، والمتمثلة في العزوف عن المشاركة بسبب غياب الجدية والفاعلية في مؤسساتنا السياسية المخلتفة، وبسبب الإقصاء والتهميش الممنهج عن طريق الفرز وفق معايير لا تخص سوى فئة محدودة من أبناء المجتمع، فلا مشاركة إلا ساعتئذ تكون المواطنة والكفاءة والنزاهة المعيار الوحيد لا غيرها لوصول الرجل المناسب للموقع القيادي المناسب، ونتجاوز المعيار الإيديولوجي والجهوية والولاء الشخصي، وبهذا فقط نكون وضعنا أقدامنا فعلا على الجسر للعبور من الثورة إلى الدولة، ومن الشرعية الثورية إلى الشرعية الشعبية، ونرسى قواعد دولة الحق والدستور والقانون، ويتحقق الحكم الراشد المفقود. تيار الغد بين الحزبية السياسية والتعددية السياسية كما ذكرنا سالفا ووصفنا تيار الغد بأنه ليس حزبا سياسيا، كي لا نعطي التعددية الحزبية حجما غير حجمها في العملية السياسية، ومن ثم تشغب على التعددية السياسية التي ينبغي أن يكون تيار الغد عامل الحث الذاتي فيها، فيدفع بعجلة الفاعلية السياسية لمؤسساتنا ولمفكرينا فيزدهر الفكر السياسي، وتتطور الأفكار ومن ثم تتوافر الحلول وتتنوع، وتزداد الخصوبة السياسية للمجتمع فيولد جيل يحوز وعيا سياسيا معاصرا ومواكبا ومصرا على المشاركة والتأثير، فالتعددية السياسية تعني تعددية الفكر والراى السياسي والمشاريع السياسية والحلول السياسية داخل المؤسسة السياسية، وعلى المنابر العامة، وهذه التعددية يمكن ان تنتج عبر الجامعات ومراكز البحوث والدراسات والمنتديات كما سنتعرض لهذه الجاونب في الحلقة القادمة عند الحديث عن الملامح العامة للميثاق الوطني المنشود للعبور من الثورة إلى الدولة، وهذا يجعل تيار الغد روحا من الحريات العامة والخاصة لتنقية المناخ كي نوجد التكفير السياسي السليم من خلال مشاركة حقيقية ومتنوعة ومن خلال اصلاحات للمؤسسة القائمة حتى إن حافظنا على أصولها الكبرى والمتمثلة في الديمقراطية الشعبية المباشرة وهو نظام سبقنا إلى العمل به الإتحاد السويسري ، دون أن نشترط مستوى معين للوعي السياسي والشعور الوطني قد يكون ما يزال غائبا حتى اللحظة الراهنة، ولكن هذا لا يجعلنا نؤجل الديمقراطية لنلجأ إلى الإستبداد، أو الإحتراب على الوسائل، فالأحزاب مجرد وسائل سياسية، والمعول الحقيقي على التعددية السياسية التي لم ننجح كدولة ومجتمع على الوصول إليها حتى لحظتنا هذه، ومن ثم لا تربط التعددية السياسية بالتعددية الحزبية، وإن كنت لست ضد أي نوع من التعددية ينفع البلاد وتتوافق عليه الجماعة الوطنية الكبيرة بكامل إرادتها واختيارها سلمياً، وهذا موضوع في الفكر السياسي التطبيقي يمكن الكلام عليه بشكل أوسع ولكن في إطار آخر. تيار الغد ودوره في الدولة إذا كنا نريد أن نفعل الدولة فلابد من نجديد معني الدولة في الدولة، ونصلح ما تطرق إليه الخلل من وظائفها الأساسية على أساس من الموروث الحضاري الذي يمثل الركيزة الأساسية لأي محاولة نهوض بالدولة، والضمانة الساسية لنجاح أي مبادرة واستقرارها واستمرارها، وإلا تحولت المحاولة إلى مجرد حراك شاذ سينتهي بعد عقود بنا إلى مسخ لا قيمة له ولا أثر، ولابد من تفعيل الفكر والأدب والفنون لنصوغ من موروثنا الحضاري إطارا للإبداع الرائع الذي تميزت به حضارتنا يوم كنا نشتغل بصناعة الحضارة، فهضمنا الحضارات الإنسانية السابقة وصححنا إنحرافاتها وقومنا شذوذها، ثم اضفنا إليها قيمنا فصارت حضارة ربانية القيم إنسانية الصنع، وقدمنا نموذج لمنهجية الإستخلاف في الأرض، ومن هنا يجب أن يبرز جيل جديد وسط تيار الغد قادر على الإنتاج الثقافي فلا نعيش على سياسية الإستهلاك الثقافي للتراث الذي خلفه من سبقنا، إننا من الخلف فلا نكابر الحقيقة ونزعم أننا مازلنا نواجه نفس التحديات التي كان يواجهه السلف، لقد وجد السلف نصوص الوحي فأعملوا فيها فكرهم واستنبطوا منها الدليل المرشد إلى الرقى، ونحن مازلنا نمتلك نفس الفرصة التي اتيحت لهم فلا ينبغي آن نستنسخ اجتهاداتهم، ولكنا مع احترامنا لها لا نلزم انفسنا بظواهرها، فهم مهما كان بشر مثلنا، ولكننا نستلهم منهجيتهم في الموازنة بين العقل والوحى، إذ لا يتصور أن العقل الصحيح يتعارض مع الوحي الصريح. إن تيار الغد هو عامل الحث الذاتي في مؤسسات المجتمع الأهلى كي تأخذ المبادرة وتكمل دور الحكومة أو المؤسسة السياسية، وبغض النظر عن الحيرة التي قد يقع فيها الأكاديميون حول طبيعة المجتمع الأهلى المدني ومسماه، والحدود بينه وبين الحكومة أو السلطة، فالذي يعنيا هنا هو العمل التطوعي القائم على جهود العاملين فيه والمستهدف لتكميل دور الحكومة في الدولة، فالدولة تتكون من مجتمعات ثلاث هي المجتمع الأهلي أو المدني، والمجتمع السياسي أو المؤسسات الحكومية والسياسية، والمجتمع الإقتصادي أو السوق، ومعادلة الإستقرار الحقيقي تقوم يوم أن توجد حالة التوازن بين هذه المكونات الثلاثة، فلا عسف أو استبداد أو فساد في المؤسسة السياسية، ولا استغلال أو اسراف في استغلال البيئة واستنزاف الموارد الطبيعية في السوق، ولا خمول وعزوف وعالة في المجتمع الأهلي، ولكن يجب أن نعلم أن المجتمع الأهلي القوي لا يمكن أن يعوض عن المؤسسات السياسية الضعيفة وغير الفعالة والمستقطبة لكل القوى المجتمعية، وأيضا هناك مباحث كثيرة يضيق المقام عن الخوض فيها، ولكن بشكل عام حالة الإستقرار الحقيقي تكون عندما توجد حالة توازن بين الأضلاع الثلاثة وتتكامل أداورها بالتراضى و والتوافق. الحلقة القادمة: تيار الغد نحو ميثاق وطني تعقبنا عليكم العافية... السلام عليكم