ارتفعت وتيرة الاستعدادات في تونس لاستقبال شهر رمضان، وبدأت كأن حمي حقيقية تجتاح الشارع التونسي الذي يولي الكثير من الاهتمام بهذا الشهر الكريم الذي يتوقع أن يبدأ يوم السبت المقبل. وشملت الاستعدادات مختلف الأصعدة الرسمية والشعبية،حيث خصص مجلس الوزراء التونسي جلسة لبحث الاستعدادات لهذا الشهر، فيما لم يتردد المدير العام لمؤسسة الاذاعة والتلفزيون التونسي في عقد مؤتمر صحافي لتسليط الضوء علي استعدادات مؤسسته لاستقبال هذا الشهر. ورغم تزامن هذا الشهر مع عودة التلاميذ الي المدارس وما تستدعيه من مصاريف اضافية،فان حالة من التأهب القصوي بدأت تجتاح الأسواق والبيوت التونسية،فيما بدا المواطن أكثر لهفة علي شراء كل ما يحتاجه خلال هذا الشهر،حيث انتعشت حركة التجارة،لاسيما علي مستوي المحلات التجارية الكبيرة التي سيطر عليها الاكتظاظ بشكل لم تشهده من قبل. وتشير الاحصاءات الرسمية الي أن حوالي 60 بالمئة من مرتب الموظف التونسي توزع علي مصاريف السكن والأكل،بينما توزع البقية علي مصاريف التعليم والصحة والملبس والنقل. كما يتضاعف الاستهلاك التونسي خلال شهر رمضان مرتين علي الأقل، حيث تشير أرقام المعهد الوطني للاحصاء الي أن مصاريف الأكل بالنسبة للمواطن التي تستنزف أكثر من 38 بالمئة من اجمالي مرتبه الشهري خلال الأيام العادية، عادة ما ترتفع خلال شهر رمضان لتصل الي 51 بالمئة. وقال مبروك الفالحي الذي التقته يونايتدبرس أنترناشونال امس الثلاثاء بينما كان يقف في طابور طويل أمام محل لبيع المعجنات لشراء ما يكفيه طيلة شهر رمضان من هذه المادة الغذائية الرئيسية،انه بصدد شراء ما يكفيه منها طيلة شهر رمضان. وأضاف بلهجة فيها الكثير من التذمر للأسف الشديد، لقد تحول شهر رمضان من شهر للصوم والعبادة والعمل الي شهر للأكل والكسل والاسترخاء، مما يعني ارتفاع الفاتورة الاستهلاكية للتونسي بشكل لافت . وتستهلك العائلة التونسية ما معدله 8.9 كغ شهريا من المعجنات، بينما يرتفع هذا الاستهلاك خلال شهر رمضان ،ليصل الي 12.2 كغ. ولا يخفي الفالحي قلقه الشديد من ارتفاع الأسعار خلال هذه الفترة وطيلة شهر رمضان،ويقول ان أكبر ما يواجهه المستهلك التونسي خلال هذه الفترة هو الاحتكار، وبالتالي ارتفاع الأسعار . وكانت وزارة التجارة التونسية قررت مضاعفة فرق المراقبة الاقتصادية، قد أعلنت في وقت سابق أنها قامت بتخزين 49.8 مليون ليتر من الحليب، وأكثر من 1870 طنا من الدجاج، و380 مليون طن من لحم الديك الرومي، و1500 طن من الزبد، و33 ألف طن من البطاطا،بالاضافة الي استعدادها للاستيراد أسبوعيا وطيلة شهر رمضان 80 طن من اللحوم الحمراء. وبالمقابل، شرعت المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك التي عادة ما يتزايد نشاطها خلال هذه الفترة من السنة،في بث اعلانات تدعو فيها المواطنين الي توخي سياسة استهلاكية حذرة، والي تفادي اللهفة علي شراء ما يحتاجه خلال هذا الشهر، لكسر الاحتكار، وعدم تمكين التجار من رفع الأسعار. ومن جهة أخري، لا يخفي التونسي قلقه من اندثار بعض العادات المصاحبة للاستعدادات لاستقبال شهر رمضان،حيث تقول الحاجة فاطمة التي التقتها يو بي آي داخل احدي المحلات التجارية الكبيرة،انها أتت لشراء بعض التوابل والبقول، وانها تعودت علي الاستعداد لشهر رمضان قبل قدومه بعشرة أيام علي الأقل. وبدت الحاجة فاطمة مرتاحة لتوفر كل ما تحتاجه،ولكنها لم تخف حسرتها بمجرد سؤالها عن الفرق بين الاستعداد لرمضان أيام زمان والآن، وقالت يا حسرة أجواء أيام زمان لشهر رمضان لن تعود . وأضافت كنا في الماضي نجتمع نحن نساء الحومة لتحضير العولة (التموين الغذائي) أما الجيل الحالي فهو بات يعتمد علي ما تعرضه المحلات التجارية الكبيرة من مواد غذائية عديدة ومتنوعة ،ولكنها تفتقد الي النكهة . ويشاطر صالح بن علي صاحب محل لبيع التوابل والبقول الجافة ما ذهبت اليه الحاجة فاطمة، قائلا الفرق شاسع بين الأمس واليوم، فأجواء رمضان بدأت تفقد نكهتها حيث كنا نشتم نسائم هذا الشهر قبل قدومه بأسابيع، وكانت رائحة البخور تفوح من المنازل ،أما الآن فقد تغير الوضع و باتت النسوة يفضلن المعطرات المنزلية علي البخور . ولكنه استدرك قائلا هناك عوامل عديدة ساهمت في اندثار عادات استقبال شهر رمضان،ومع ذلك مازالت بعض العائلات التونسية تحافظ عليها،وكما تري فان تجارتي عادة ما تزدهر في هذه الفترة،حيث يكثر الاقبال علي شراء التوابل والبقول الجافة .