أجمع الزعماء السياسيون في تونس على التحذير من «وقوع البلاد في قبضة التطرف الديني»، مشيرين إلى ان بعض القوى المعادية للثورة لا تزال تحاول عرقلة الإصلاحات، فيما طلبوا من من المجلس التأسيسي المرتقب وضع دستور جديد، وسريعاً ، يضمن إصلاح هياكل الدولة واحترام حقوق الإنسان، مشددين على ان تشكيل حكومة وحدة وطنية أصبح أكثر من ضرورة حيث سيكون من مهامها تحقيق الأمن والاستقرار الاجتماعي. وركّز المدير التنفيذي للتآلف الجمهوري عياض اللومي على أهمية المحافظة على الهوية التونسية، واستقلالية القرار الوطني في صياغة الدستور الجديد، قائلًا إنه «يجب أن نقطع الطريق أمام كل من يريد أن يجعل من تونس مقاطعة تركية أو أميركية أو إيرانية أو فرنسية».. وحذر اللومي، خلال اجتماع للتآلف الجمهوري بقصر الرياضة بالمنزه، من «وقوع تونس في قبضة التطرف الديني»، مشدداً على أن تاريخ تونس لم يبدأ يوم 14 يناير 2011 وإنما هو تاريخ يمتد إلى آلاف السنين، توجت بمكاسب مهمة «لا يمكن التنازل أو الحياد عنها». ولاحظ أن المرحلة الحالية تفرض التركيز على إرساء التوازن بين الجهات و«محاكمة المجرمين من رموز النظام السابق» الذين أساءوا للشعب التونسي، مشيراً إلى أن «التآلف» يؤمن بمساهمة قيم الوسطية والاعتدال في بناء تونس. تحذير من قوى الردة: وحذر الأمين العام لحزب العمال الشيوعي التونسي حمة الهمامي ممن سماها «القوى المعادية للثورة التي لا تزال تحاول عرقلة مسارها. وأضاف ان حزبه يسعى إلى تأسيس دولة مدنية تحمي حرية المعتقد ويدعو إلى اعتماد النظام البرلماني وإلى أحداث محكمة دستورية لحماية الحقوق من أي انتهاك. وأكد الهمامي ضرورة ان ينص الدستور على الحق في العمل والتعليم والصحة والسكن والبيئة السليمة وان تتكفل الدولة بذوي الاحتياجات الخاصة. من جهته، دعا زعيم حزب التكتل من أجل العمل والحريات مصطفى بن جعفر الأطراف السياسية المتنافسة إلى احترام الأخلاقيات السياسية والالتزام بقوانينها. ووسائل الإعلام إلى ملازمة الحياد والابتعاد عن الاستفزازات وكل ما من شأنه إثارة الخلافات والفت، مشيراً إلى ما أثاره بث فيلم «برسيبوليس» على قناة «نسمة» من احتجاجات. وأضاف بن جعفر ان هناك قوى سياسية تركز على الهوية وتتعمد تقسيم الشعب إلى "مسلم وكافر" وهو ما اعتبره «أمراً خطيراً» إلى جانب قوى أخرى ترفض الانتقال الديمقراطي خوفاً من المحاسبة. وقال ان من أولى مهام المجلس الوطني التأسيسي، التي سينتخب من أجلها الأحد القادم، وضع دستور جديد للبلاد، مؤكداً حرص الحزب على الدفاع عن مشروعه الحداثي الضامن للحريات الأساسية وحماية المكتسبات ووضع نظام مدني والتأكيد على الهوية العربية الإسلامية مع الانفتاح على العالم. وأكد بن جعفر تشبث حزبه بتحديد مدة عمل المجلس لعام واحد يتولى خلاله، إضافة إلى صياغة الدستور، انتخاب رئيس للدولة وتشكيل حكومة مصلحة وطنية تتولى تسيير شؤون البلاد على ان يكون تحقيق الأمن والاستقرار الاجتماعي من أولوياتها، موضحاً ان «التكتل» لا يؤيد فكرة تشكيل حكومة تكنوقراط خلال فترة عمل المجلس. إلى ذلك، أشار ياسين إبراهيم الأمين العام لحزب «آفاق تونس» إلى أن حزبه يدافع عن مشروع دستور جديد يكرس حقاً سيادة الشعب من خلال مؤسسات منتخبة ديمقراطياً ومستقلة وقوانين تؤمن الحريات السياسية والفردية وتضمن المساواة بين جميع التونسيين. وأكد خلال اجتماع عام انعقد في إطار الحملة الانتخابية لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي أن حزب «آفاق تونس» سيعمل من أجل إرساء نظام برلماني معقلن استجابة لتطلعات أغلب فئات الشعب التونسي. وشدد على ضرورة تكريس اللامركزية وتقسيم البلاد إلى ثمانية أقاليم تفتح جميعها على البحر، وهو ما سيتيح تحقيق توازن بين الجهات وفتح المجال أمام أبناء كل تونس للمساهمة في تنميتها. مرشحة الإسلاميين غير محجبة: وأوضح زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي ان حزب النهضة كان ولا يزال يدافع عن حرية التعبير والسلوك وانه لا يتدخل في الحريات الشخصية وان الفرق الوحيد بين إنسان وآخر هو التقوى والصدق والنضال من أجل واقع أفضل. وحول مكاسب المرأة ومكانتها في فكر النهضة، قال الغنوشي، في كلمة له خلال الاجتماع العام بضاحية سيدي بوسعيد، ان حزبه يسعى إلى تأكيد جميع الحقوق التي ناضلت من أجلها أجيال متتالية في تونس من النساء والرجال على حد السواء وانه لا مجال اليوم للتراجع عن تلك المكاسب على غرار الحق في الدراسة والعمل والمشاركة في الحياة السياسية. وشدد على المساواة بين المرأة والرجل واحترام حزبه لسلوك الأفراد وقناعتهم الفكرية والدينية، مبيناً ان رئيسة قائمة حزب حركة النهضة الإسلامي بدائرة تونس الثانية ليست محجبة إلا أنها امرأة مناضلة وشريفة. -صحيفة البيان الاماراتية - 17 أكتوبر 2011