فاطمة المسدي ترجّح فرضية عدم ختم رئيس الجمهورية لمشروع قانون المالية وارجاعه لتلاوة ثانية    عاجل/ التفاصيل الكاملة للزيادة في الأجور والنسب..    تسمية جديدة بوزارة الداخلية..#خبر_عاجل    ال Google Mapsتدخّل ميزة نستناو فيها: كرهبتك في الباركينغ بلا تعب!    جوائز جولدن جلوب تحتفي بالتونسية هند صبري    الدورة الخامسة لمعرض الكتاب العلمي والرقمي يومي 27 و28 ديسمبر 2025 بمدينة العلوم    حذاري: 5 أدوية تستعملها يوميًا وتضر بالقلب    عاجل: توقف حركة القطارات على خط أحواز الساحل    وزير التجهيز يطلع على تقدم الأشغال في القسطين 3 و4 من مشروع الطريق السيارة تونس- جلمة    عاقب سائقه.. محمد صبحي يُثير جدلاً واسعاً بعد واقعة بالأوبرا    واشنطن تطلق تأشيرة "بطاقة ترامب الذهبية" للأثرياء الأجانب    رابطة ابطال اوروبا : كوبنهاغن يحقق فوزا مثيرا علي فياريال 3-2    رابطة أبطال أوروبا : فوز بنفيكا على نابولي 2-صفر    النجم الرياضي الساحلي يعلن الطاقم الفني: التفاصيل الكاملة    عاجل:تونس على موعد مع أمطار قوية..التفاصيل الكاملة..وين ووقتاش؟!    الضباب في الصباح: شنوّا هو وشنوّا أسبابه؟    اليوم الوطني للأسرة: تونس تجدد دعمها لمكانة الأسرة في المجتمع    عودة اللود للعمل بين صفاقس وقرقنة بعد توقف بسبب الضباب    عاجل: تسجيل الكحل العربي على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية    عاجل: شوف مواعيد السفر الصيفي على جنوة ومرسيليا 2026    هام/ طريقة مبتكرة بالذكاء الاصطناعي تكشف المحفزات الخفية للسرطان..    إليك 7 أطعمة تساعدك في تقليل دهون الكرش طبيعياً..    طقس اليوم: ضباب كثيف صباحا والحرارة بين 14 و20 درجة    ضباب كثيف يحجب الرؤية: مرصد المرور يحذر مستعملي الطريق ويقدم هذه النصائح    مقتل 9 جنود تايلانديين جراء الاشتباكات الحدودية مع كمبوديا    كأس العرب 2025.. المغرب أمام سوريا وفلسطين تواجه السعودية هذا المساء    رسالة ردع".. موسكو وبكين تحولان سماء اليابان إلى ساحة استعراض للقوة    فتح الحسابات بالعملة الأجنبية: من له الحق؟.. توضيح رئيس لجنة المالية بمجلس النوّاب    عاجل/ الرصد الجوي يحذر: ضباب كثيف يحجب الرؤية..    سلالة شديدة العدوى".. أكثر من 100 وفاة بالإنفلونزا في إيران    مانشستر سيتي يسقط ريال مدريد في عقر داره بدوري الأبطال    أستراليا تحظر مواقع التواصل الاجتماعي لمن هم دون 16 عاماً: قرار تاريخي يدخل حيّز التنفيذ    هيئة أسطول الصمود التونسية لكسر الحصار عن القطاع تقدم تقريرها المالي حول حجم التبرعات وكيفية صرفها    عاجل/ اعتقال رئيس هذه الدولة السابق في قضية فساد..    مادورو.. مستعدون لكسر أنياب الإمبراطورية الأمريكية إذا لزم الأمر    بنزرت.. تدابير للتصدي لتهريب الأغنام    تونس تتسلم الجرار البحري الثالث من جملة 6 جرارات لتعزيز خدمات الموانئ التجارية    محمد بوحوش يكتب ... سوسيولوجيا المسافات    أخبار النجم الساحلي .. سلسلة من الوديات والمكشر يضبط قائمة المغادرين    دوري ابطال اوروبا.. العاشوري يسجل ويساهم في فوز فريقه    بالمنطقة الشرقية لولاية بنزرت ... الحشرة القرمزية تفتك بغراسات التين الشوكي    يتواصل إلى نهاية الأسبوع...ملتقى تونس للرواية العربية    رواية "مدينة النساء" للأمين السعيدي في وصف الواقع المأساوي    تعزيز البنية التحتية لدعم القدرة التنافسية والايكولوجية والرقمية لقطاع النسيج والملابس للمركز الفني للنسيج ببن عروس    ظهور ضباب محلي الليلة وصباح الخميس    المهرجان الدولي للصحراء بدوز يعلن تفاصيل دورته السابعة والخمسين    في بالك الزيت الزيتونة التونسي : فيه سرّ يحميك من هذا المرض الخطير    إستعدادا للمونديال: منتخب إنقلترا يواجه منافس المنتخب التونسي وديا    عاجل: دولة عربية تعلن تقديم موعد صلاة الجمعة بداية من جانفي 2026    قفصة: حجز بضائع بقيمة 56.5 مليون دينار    الكاف: وفاة 4 أشخاص وإصابة آخر بجروح متفاوتة الخطورة في حادث مرور بالطريق الوطنية عدد 17    القفطان المغربي يُدرج رسميًا ضمن قائمة اليونيسكو للتراث غير المادي    هذا ما قالته أريج السحيري الفائزة بالنجمة الذهبية    رقم صادم/ هذه نسبة التونسيين فوق 15 سنة المصابين بالسكري    طقس اليوم: ضباب صباحي وامطار في هذه المناطق..    اكتشف معنى أسماء كواكب المجموعة الشمسية    هل سُحر موسى... أم سُحِر المشاهد؟    التسامح وبلوى التفسّخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة الرهينة

فى تونس انتخبوا مجلسا تأسيسيا لصياغة الدستور لكنه تسلم السلطة التشريعية والتنفيذية. فى مصر سننتخب مجلس الشعب، إحدى هيئات السلطة التشريعية. وعلينا أن نفعل مثل تونس ولا ننتظر انتخابات الشورى والرئاسة وأن نعود لميادين
الثورة حتى يطلق سراح الدولة وتسلم السلطات كاملة لمجلس الشعب فور انتخابه.
أثناء زيارة أردوغان لمصر دارت على الإنترنت نكتة تقول إن الإسلاميين والعلمانيين والعسكر يعجبهم النموذج التركى، متصورين فيه غاية طموحاتهم، وأن هذا دليل على أن الأطراف الثلاثة لا تفهم أصلا تركيا وتاريخها، وواقعها السياسى.
اليوم يُعَبِّر الكثير منا عن غيرتهم من تونس، خصوصا بعد نجاح انتخابات المجلس التأسيسى، وأخشى أن تكون هذه الحفاوة أيضا مبنية على صورة غير واقعية للنموذج التونسى.
المؤكد أن العسكر ومريديهم لا يحبون النموذج التونسى، ليس لأنه سينتج عنه دستور أولا، ولا لأنه انتهى بفوز كبير للإسلاميين. فهذه تفاصيل غير مهمة، المهم فى تونس هو أن سلطة منتخبة ستتسلم جميع السلطات لتبدأ المرحلة الانتقالية الحقيقية.
فى البدايات دار جدل فى تونس حول صلاحيات المجلس التأسيسى، وتمكن الشعب والقوى السياسية من فرض إرادتهم بحيث يكون المجلس هيئة تشريعية وليس فقط هيئة لصياغة الدستور. ثم احتدم الجدل حول السلطة التنفيذية، وحُسِم قبل الانتخابات مباشرة سينتخب المجلس التأسيسى رئيسا مؤقتا يشكل الحكومة.
وبهذا لن يكتب التوانسة دستورهم إلا بعد تسلم ممثلى الشعب جميع السلطات.
ورغم أن الدور الرئيسى للمجلس التأسيسى هو صياغة الدستور، ركزت الدعاية الانتخابية لأغلب القوائم على البرامج التشريعية والتنفيذية للأحزاب والمرشحين. وبهذا حلت تونس معضلة الثورة التى لم تنتزع السلطة. أما نحن فما زلنا غارقين فيها، وما وثيقة السلمى إلا دليل على عمق أزمة تسليم السلطة.
كثر الكلام على المادتين 9 و10 لما تكشفان من نوايا العسكر. لكن الأخطر هى المادة الملحقة بالوثيقة التى تنص على أحقية المجلس العسكرى فى الاعتراض على مشروع الدستور، والمادة التى تنص على قيام المجلس العسكرى بتشكيل لجنة بديلة على مزاجه فى حال فشل اللجنة البرلمانية فى الاتفاق على دستور فى سته أشهر.
ما يعنيه هذا الكلام أن الدولة المصرية مختطفة، كرهينة، لو لم يسمع البرلمان الكلام وينجز دستورا بسرعة أيا كانت الظروف والخلافات، وبغض النظر عن التدخلات التى سيقوم بها العسكر والفلول. ولو لم يسمع الشعب الكلام ويُصَوِّت ب«نعم» على هذا الدستور، متغاضيا عن أى نواقص فيه، لن يطلق العسكر سراح الدولة. بل أظن لو تجرأنا وصَوَّتنا ب«لا» على الدستور، ربما يعاقبنا المجلس العسكرى بحل البرلمان (بحجة أن رفض الدستور دليل على سحب الشرعية) ووقتها سنرى انقلابا عسكريا صريحا فللمجلس العسكرى تاريخ فى تأويل الاستفتاءات كأنها تصويت على الشرعية.
مشكلة الدولة الرهينة لا تتوقف عند وثيقة السلمى، فحتى لو سحبت الوثيقة بدون تسليم سلطة سنظل فى نفس المأزق. أثبتت التجربة سهولة دفع نخبنا وأحزابنا السياسة إلى استقطاب عنيف وصعوبة لم شملهم وموضوع الدستور موضوع الاستقطاب المفضل لديهم، والمجلس العسكرى، فى إعلانه الدستورى، أعطى لنفسه صلاحية تحديد متى يبدأ العمل على الدستور، رغم أن الاستفتاء أعطى البرلمان مهلة ستة أشهر. سيستغل المجلس العسكرى هذه الصلاحية فى تأخير تسليم السلطة التشريعية عن طريق التعجيل ببدء السجال والخلاف حول الدستور.
ولن يمكننا الاعتراض، فالدولة رهينة لو تأخرت صياغة الدستور سيتأخر انتخاب الرئيس ويمتد الحكم العسكرى. لكن ما أن يبدأ العمل على الدستور سيشتد الاستقطاب وسيتفرغ له البرلمان والأحزاب، ولننسى أى اصلاحات تشريعية أو أى رقابة حقيقية على أداء العسكر والحكومة.
مثل تونس لم تنتزع ثورتنا السلطة ومثل تونس أخذت الثورة المضادة وبقايا النظام الدولة رهينة.
حان الوقت لنعترف أن مصر مثل تونس، وأن الثورة التى بلا قيادة مركزية، وتحمل فى طياتها تيارات متعددة بينها خلافات عميقة، وبلا قواعد شعبية عريضة تسهل حل تلك الخلافات، لن تنتزع السلطة إلا بالانتخابات. لا التفاوض مع المجلس العسكرى سيغير من هذا الواقع ولا محاولات التوافق السابقة على الانتخابات ستنفع.
إذا تقبلنا أن مصر مثل تونس يكون لزاما علينا أن نفعل فى مصر مثل تونس.
نضغط ونتوحد بحيث تسلم السلطة كاملة لأول هيئة منتخبة، وتُسقِط شرعية ممثلى الشعب أى شرعية أخرى.
فى تونس انتخبوا مجلسا تأسيسيا لصياغة الدستور لكنه تسلم السلطة التشريعية والتنفيذية. فى مصر سننتخب مجلس الشعب، إحدى هيئات السلطة التشريعية. وعلينا أن نفعل مثل تونس ولا ننتظر انتخابات الشورى والرئاسة وأن نعود لميادين
الثورة حتى يطلق سراح الدولة وتسلم السلطات كاملة لمجلس الشعب فور انتخابه.
فكروا فيها مليا لا يمكن صياغة الدستور بحرية فى ظل هيمنة المجلس العسكرى حتى لو قاومنا محاولات التدخل، مثل وثيقة السلمى مجرد وجود المجلس العسكرى فى هذا الموقع يخل بالميزان، فمثلا النقاش حول نظام الدولة هل هو برلمانى أو رئاسى يختلف معناه جذريا فى ظل وجود مجلس عسكرى ذا سلطات واسعة أو فى غيابه. وساستنا أثبتوا فى فضيحة التوقيع على وثيقة عنان أنهم ليسوا بالحنكة المطلوبة للتفاوض على رهائن.
لنؤجل السجال على الدستور، ونُوَحِّد الصفوف، ونُشَكِّل حكومة إنقاذ وطنى بوزير دفاع جديد فور انتخاب مجلس الشعب. وهنا ينتهى دور المجلس العسكرى تماما، وتبدأ مرحلة انتقالية ثانية بقيادة نواب الشعب المنتخبين نختلف فيها على الدستور براحتنا.
صحيفة الشروق المصرية : السبت 19 نوفمبر 2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.