عن ممارسات السلفيين في الشارع التونسي واطمئنان السائح الاوروبي، أجاب الجبالي: "بعد الثورات هناك ما يسمى بظاهرة المخاض وهي تشبه الزلزال، ولكن هناك ظاهرة من التخويف المبالغ فيه سياسياً واجتماعياً منها التخويف من الجماعات المتطرفة. هؤلاء لم يأتوا من المريخ، وعلينا أن نسأل لمَ هم متطرفون ... عقد رئيس وزراء تونس حمادي الجبالي عصر اليوم، مؤتمرًا صحافيًا في فندق "فينيسيا" بيروت، على هامش "منتدى الاقتصاد العربي"، حضره عدد كبير من المشاركين في المنتدى. وبعد تقديم من الرئيس التنفيذي لمجموعة "الاقتصاد والاعمال" رؤوف ابو زكي، تحدث الجبالي شاكراً لبنان والرؤساء والشعب اللبناني، وتوجّه للحضور بالقول: "أهلا بكم رجال بناء وليس رجال أعمال"، ثم قدّم موجزاً عن أوضاع تونس التي "أعادت الثورة صورتها"، مشيرًا الى ان "هناك ورشة للبناء وإرساء دولة القانون والمؤسسات". ورداً على سؤال، أجاب الجبالي: "شعار الأنظمة الاستبدادية كان الأمن والاستقرار بحجة أن التنمية لا تكون إلا بهما، لكن الشعب التونسي اكتشف أنه لم يحصل على الامن ولا التنمية ولا الاستقرار"، وأضاف: "منذ ان أتيت إلى السلطة وأنا أقول إنني أحبّذ نار الحرية على جنة الاستبداد، ولا بد من الاستثمار في الديمقراطية، فالتنمية والحرية متلازمتان، وأنتم تعرفون أن المنظومة العالمية الاقتصادية قائمة على الحرية، فكيف إذاً نوفّق بين الاستبداد والاستثمار؟ إن الاستبداد عنوان للفساد وأول ضحية له في تونس كانوا رجال الأعمال الذين لم يكن لهم حرية العمل الا بالرشوة، وهذا يفسد قانون اللعبة. كما أن السياحة تحتاج الى شفافية، صحيح أن هناك اليوم في تونس اعتصامات ومسيرات وهذا دليل حرية، وهو يحصل في الغرب ايضا، لكننا نحرص على تطبيق القانون، الآن الدولة دولة قانون ومؤسسات، وهذا يطمئن رجل الاعمال والسائح، وعنواننا هو عدم تدخل الدولة كلاعب اقتصادي الا في حدود التعديل الاجتماعي". ودعا الجبالي المستثمرين ورجال الأعمال اللبنانيين إلى "عدم التردد في الاستثمار في تونس"، وأكد أن هناك "حرية النقل والعمل"، مشيراً الى "قرار تطبيق الغاء تأشيرات الدخول على الاشقاء العرب بدءا من دول الخليج"، وتابع: "نطالب بمراعاة وضعنا الأمني والظروف المحيطة بنا، ونحن سنبدأ تدريجيا برفع التأشيرة وبالتزامن سنعمل على تسهيل اعطائها وصولاً إلى رفعها بالمطلق، لأن تونس بلد منفتح وهدفه بناء السلام والاستقرار". ورداً على سؤال عن وعود الاميركيين والاوروبيين بدفع مليارات الدولارات لدعم الديمقراطية، قال الجبالي: "هذه أسرار دولة عندنا، لكن لدينا شفافية ولا نحتاج الى كواليس، فنسبة المعاملات بيننا وبين اوروبا تبلغ 80 في المئة، لكننا واقعيون، لقد سمعنا وعوداً بمليارات كما قيل عنها لأفغانستان، إنما نعول على امكاناتنا الذاتية، ولهذا قررنا استعادة ما نهب من اموال الشعب التونسي فوجدنا أموالاً في أحد مصارف بيروت تعود الى زوجة واقارب الرئيس السابق (زين العابدين بن علي)، وقد وعدت الدولة اللبنانية بإرجاعها، نحن نعوّل على أنفسنا ولن نثقل الدولة بالديون كما على قروض الاستثمار في التنمية، ولهذا نتوجه الى اخواننا في الخليج للاستثمار في التنمية"، وأضاف: "قلت للاوروبيين انكم امام فرصة لإرساء الديمقراطية في العالم العربي وهذا لصالحكم في ما تسمونه بالأمن، فالأمن الحقيقي ليس لتجنب تفجير محطات القطارات إنما يجب ان نتجنب التفجير في البلدان التي تعيش الديمقراطية. ان حدود امن اوروبا يمر في تونس وافريقيا". وعن تصريحه بإعادة النظر في أنظمة المؤسسات العالمية، قال الجبالي: "هذه المؤسسات تحقير للشعوب ولا تواكب التطور التاريخي، إنها من غنائم الحرب العالمية الثانية، ولا بد من عودة موازين العدل بين الدول العظمى والشعوب. لا يجوز لدولة عظمى ان ترفع الفيتو بوجه قضية تهم حرية الناس. حان الوقت لتغيير موازين القوى فالشعوب لم تعد ترضى بالإجحاف، اذا كنا نؤمن بالحرية والديمقراطية فكيف نرفع ورقة في وجه حرية شعب هنا او هناك كما يحصل مع الشعب الفلسطيني"، وأضاف: "سوف يمر العالم في مرحلة ثورة اجتماعية وسيتقدم وينفتح، ومستوى الفرد يتطور والثورة المقبلة هي الثورة التشاركية وتوزيع الخيرات والثروات، وإذا لم نفهم ذلك فسنكون على أبواب ثورات مدمرة. ان الشعوب ذاهبة الى مزيد من العدالة الاجتماعية ويجب أن نحقق أكبر مشاركة لكي نجنب العالم الويلات والهزات. نحن نعتمد على البعد الثالث في الاقتصاد وهو البعد التضامني، وهذا هو التفاعل الايجابي". وعن ممارسات السلفيين في الشارع التونسي واطمئنان السائح الاوروبي، أجاب الجبالي: "بعد الثورات هناك ما يسمى بظاهرة المخاض وهي تشبه الزلزال، ولكن هناك ظاهرة من التخويف المبالغ فيه سياسياً واجتماعياً منها التخويف من الجماعات المتطرفة. هؤلاء لم يأتوا من المريخ، وعلينا أن نسأل لمَ هم متطرفون وأن لا يكون الحل كما فعل بن علي في أن نضعهم في السجون، فهذا ليس حلاً. نحن نمر بتجربة ديمقراطية ونستعرض كل الأفكار. هؤلاء يعيشون في حالة أنهم ضحايا، وعلينا ألا نجعلهم أبطالاً مزيّفين، فلنحاورهم ولا نفرض عليهم آراءنا. ودون ذلك هؤلاء ظاهرة اجتماعية ضاربة لها أسبابها الاجتماعية والمعيشية والسياسية، وهي لا تعالج بالأمن بل بالرفق وتطبيق القانون، وهذا يكون التطبيق العادل للقانون، ونحن لا نخاف السلفية ولا نتحفظ عليها وأجدادنا من السلف الصالح، وكل ما علينا فعله هو منع الاكراه". المصدر : الوطنية اللبنانية للإعلام الخميس 10 أيار 2012