في الوقت الذي اندفع فيه الغرب للتنديد بالتجربة النووية الأولى لكوريا الشمالية، قلل خبراء وعسكريون من شأن هذه التجربة باعتبارها انفجارا نوويا "صغيرا" مقارنة بتجارب نووية أخرى مثل تلك التي أجرتها باكستان عام 1998. وتعليقا على تقارير من الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية أفادت برصد هزة أرضية بقوة 4.2 درجات في كوريا الشمالية إثر إجراء التجربة النووية، قال جاري جيبسون، كبير الخبراء بمركز أبحاث الزلازل بأستراليا: إن زلزالا بهذه القوة سيكون نتيجة لانفجار بحجم كيلوطن واحد. وأضاف جيبسون: "هذا يتوقف على كيفية التفجير.. ليست هناك علاقة متبادلة مثالية بين القوة والنتيجة، وهذا يعتمد إلى حد ما على نوعية الصخور التي يفجرونها فيها". وخلص في النهاية إلى أنها: "تجربة نووية صغيرة نسبيا". من جهته قال مصدر مخابرات أمريكي: إن الفحص الأولي للبيانات لا يشير إلى انفجار كبير أو سلسلة تفجيرات، لكنه أكد أن المحللين ما زالوا يعملون على التوصل إلى تقييم قاطع. وأضاف: "هذا من السابق لأوانه لأنهم ما زالوا يقيمون البيانات". كما ذكر وزير الدفاع الروسي، سيرجي إيفانوف، أن العبوة النووية التي جربتها كوريا الشمالية تراوحت بين 5 و15 كيلوطنا وهو ما يعني أنه انفجار صغير. محلل الشئون النووية، أندرو ديفيز، من معهد السياسة الإستراتيجية بأستراليا قال إنه إذا كانت نتيجة التجربة الكورية الشمالية كيلوطنا واحدا فربما يخيب أمل بيونج يانج. وأوضح ديفيز أن "كيلو طن نتيجة منخفضة للغاية، وربما تشير إلى أن هذه العبوة لم تكن كل ما حلموا به". وأضاف: "إذا فشلت قنبلة نووية من البلوتونيوم يظل بوسعنا الحصول على كيلوطن أو اثنين بسهولة شديدة.. يكون هناك إطلاق ملحوظ للطاقة، لكن العبوة الفعالة ستعطينا مثلا 20 كيلوطنا". وتقاس طاقة الأسلحة النووية أو قوتها بما يعادلها من طاقة تفجيرية للمواد شديدة الانفجار مثل مادة "تي إن تي"، ويعرف هذا المعادل بالمعيار، ويقاس بالكيلوطن أي (1000) طن. وتتراوح تصنيفات الأسلحة النووية حسب طاقتها التفجيرية ما بين صغيرة جدا إذا كان عيارها لا يزيد عن كيلوطن واحد، وكبيرة عندما يزيد العيار عن مائة كيلوطن. وللتدليل على ضآلة التجربة النووية لكوريا الشمالية قارنها خبراء بالتجارب النووية الست التي أجرتها باكستان في عام 1998، والتي شكك علماء هنود وأمريكيون فيما تم إعلانه بشأن عدد وقوة ونتاج تفجيرات التجارب. وحينها قالت إسلام آباد: إن اثنتين من التجارب النووية أنتجتا ما تراوح بين 34 و48 كيلوطنا فيما أنتجت 3 تجارب أخرى أقل من كيلوطن واحد، وإن التجربة السادسة أنتجت ما بين 10 و15 كيلوطنا. لكن مركز مراقبة الزلازل بجنوب ولاية أريزونا الأمريكية قال حينها: إن التجربتين الكبيرتين أسفرتا عما يتراوح بين 9 و12 كيلوطنا فيما لم تنتج التجربة السادسة إلا ما بين 4 و6. تجربة جديدة من ناحية أخرى، أفادت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء، نقلا عن نائب في برلمان كوريا الجنوبية، أن رئيس المخابرات أبلغ النواب اليوم الإثنين أن من المحتمل أن تجري كوريا الشمالية تجربة نووية ثانية. وأوضحت يونهاب أن النائب نقل عن كيم سيونج جيو، رئيس جهاز المخابرات الوطنية، قوله خلال اجتماع مغلق للجنة برلمانية، إنه تم رصد مظاهر غير معتادة في بلدة بكوريا الشمالية عصر اليوم. وتزامنت الأنباء عن احتمال إجراء كوريا الشمالية تجربة نووية جديدة مع تنديد مجلس الأمن الدولي بالتجربة التي جرت اليوم، ودعوته بيونج يانج لعدم تكرارها. وقال سفير اليابان لدى الأممالمتحدة، كينزو أوشيما، للصحفيين: إن أعضاء مجلس الأمن أدانوا بشدة تجربة كوريا الشمالية وسيبدءون العمل في مشروع قرار صاغته الولاياتالمتحدة لفرض عقوبات على بيونج يانج بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذي يعطي شرعية لاستخدام القوة العسكرية لتنفيذ قرارات المجلس. وبعد أولى جلسات المشاورات قال أوشيما، الذي ترأس بلاده مجلس الأمن هذا الشهر: "إن رغبة مجلس الأمن هي الرد على هذا التهديد للسلام والأمن في المنطقة وفي المناطق الأخرى". وأشار إلى أن السفراء "يدينون بشدة ويدعون من جديد كوريا الشمالية للامتناع عن إجراء مزيد من التجارب والعودة إلى المحادثات السداسية والتخلي عن برامجها النووية". وانضم الرئيس الصيني، هو جين تاو، إلى موجة الإدانة الدولية للتجربة النووية التي أجرتها كوريا الشمالية، ولكنه قال للرئيس الأمريكي جورج بوش: إن المأزق النووي يجب أن يحل من خلال التفاوض. وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا": إن "هو" ناقش مع بوش الأزمة عبر الهاتف بعد موجه انتقادات وجهها زعماء حول العالم ضد إعلان كوريا الشمالية إجراء تجربة نووية تحت الأرض. وقال "هو": إن وزارة الخارجية الصينية أعربت عن موقف الحكومة الرسمي، وحذر كوريا الشمالية "بألا تتخذ أي إجراءات أخرى قد تفاقم الموقف".