أعلن بالعاصمة الموريتانية نواكشوط عن تشكيل تجمع جديد للمستقلين يضم التشكيلات والتكتلات المستقلة التى ظهرت بالساحة السياسية المحلية، منذ أن بدأ الحديث قبل أكثر من شهر عن دعم السلطات الانتقالية للمرشحين المستقلين. وقد أعلن عن اندماج تلك المبادرات المستقلة في إطار واحد خلال تجمع حاشد أمس بقصر المؤتمرات في العاصمة حضره العديد من الرموز التقليدية والوزراء والمسؤولين السابقين، بعد سلسلة مشاورات بين أصحاب المبادرات المستقلة أثمرت نهاية المطاف ميلاد مكتب جديد يضم رموزا تقليدية موريتانية. الاجتماع التأسيسي للاتحاد الجديد جرى بجو مشحون تميز بخلافات حادة على أحقية أعضاء المكتب بالصدارة، واتسم بهبوب رياح من الرفض من داخل المبادرات التي اجتمع أصحابها تحت سقف واحد لاتخاذ موقف موحد في وجه الأحزاب السياسية، ولضمان موقع قوى داخل الساحة السياسية والانتخابية التي تنتظر أولى محطات المسلسل الانتخابي في غضون أسابيع معدودة . المكتب الجديد لاتحاد المستقلين قوبل لحظة الإعلان عن أسمائه برفض من قبل أصحاب مبادرات مماثلة، رأت فيه غبنا وتحييدا لعناصرها التي كان ينبغي أن تكون في الصدارة. وحسب ممثل إحدى المبادرات فإن القرارات التى اتخذت لم تكن صائبة، مضيفا في تصريح للجزيرة نت أن ما حصل كان بمثابة طبخة أعدتها شخصيات نافذة من داخل المنسقيات وتم فيها إقصاء شخصيات يجب أن تكون لها مكانة مرموقة بالاتحاد الجديد. الاندماج الذي أقدم عليه المستقلون فاجأ الكثيرين بحكم المنافسة التي ظهرت خلال أيام الإعلان الأولى عن اتحادات المستقلين، وهي المنافسة التي تعززت بعدما بات من شبه المؤكد بالأوساط السياسية أن السلطات الانتقالية منحازة لصف المستقلين، وأنها باشرت اتصالات في هذا السياق، الأمر الذي دفع بالكثير من شيوخ القبائل والزعامات التقليدية إلى الانسحاب من أحزابهم والالتحاق بركب المستقلين بحثا عن "خيار السلطة" وطمعا في الحصول على دعمها. وفي تصريح للجزيرة نت اعتبر رئيس مبادرة المستقلين سيد ولد الداهي -وهو نائب سابق وابن عم الرئيس الحالي- أن ما حصل من اندماج بين الروابط المستقلة يمثل فضلت فيه المصلحة على الحب، مؤكدا أن الاتحاد الجديد ماض في طريق المشاركة السياسية القوية دون أن يسمح للعراقيل والعقبات أن تقف في طريقه. الخطوات التي بدأ المستقلون يقدمون عليها قرأ فيها مراقبون عديدون نية في إنشاء حزب سياسي يكون نواة لحزب السلطة القادمة، خصوصا بعد أن تداعت أغلب وأهم مبادرات المستقلين إلى التشكل في إطار واحد يتمتع بقيادة موحدة وبرنامج سياسي يسعي إلى تحقيقه رغم الخلافات العميقة بين مكوناته، وكلها خطوات تتناقض ضمنا مع معنى ومدلول الاستقلالية. البيان السياسي الذي أصدره اتحاد المستقلين الجدد تعرض للتحولات التى عرفتها موريتانيا خلال العقود الاخيرة بالميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية، واصفا إياها ب "العميقة" مستعرضا إيجابيات هذه التحولات وسلبياتها، ومبرزا أن "التطبيق الفجائي لسياسات إعادة الهيكلة أدت إلى اختلالات كبيرة". كما تعرض البيان بالنقد اللاذع للبرامج الاقتصادية والاجتماعية المطبقة في ظل النظام السابق، مؤكدا أنها فشلت فشلا ذريعا في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المرجوة. وأثني المستقلون على أوضاع البلاد الحالية، مؤكدين أن تجمعهم الجديد يهدف للمشاركة الفاعلة فى الاستحقاقات المقررة خلال الفترة الانتقالية، والعمل على توحيد كافة الجهود من أجل الوصول لحل مشاكل الموريتانيين بعدالة تامة. جدل متصاعد ويأتى الاتحاد الجديد في خضم جدل سياسي محتدم بين الأحزاب السياسية والمجلس العسكري الحاكم، على خلفية اتهامات متبادلة بين الطرفين. فالأحزاب السياسية اتهمت مرارا المجلس العسكري بالسعي إلى تقليص دور المؤسسات الحزبية والإيعاز لشخصيات قبلية قوية بالانسحاب من الأحزاب والترشح ضمن لوائح مستقلة. ومع كون المجلس العسكري لم ينف حصول اتصالات بين قيادته وشخصيات مستقلة، فإنه برر ذلك باستجابته لطلب تقدمت به تلك الرموز للقاء رئيس المجلس العسكري إعلي ولد محمد فال ولم يكن برغبة من هذا الأخير. ولم تتقبل الأحزاب الموريتانية هذه التبريرات، وطالبت بلقاء رئيس المجلس العسكري لبحث الأزمة. ومن المنتظر أن يثير الإعلان عن ميلاد الاتحاد الجديد للمستقلين زوبعة سياسية، خصوصا بعد ما ظهر أن أغلب مؤسسيه وقادته هم من رموز وأعضاء النظام السابق، الأمر الذي قرأ فيه مراقبون بداية صياغة مشهد مماثل للمشهد السياسي بالحقبة السابقة، وهو ما أثار حفيظة أحد الحاضرين حيث خرج عن صمته وطفق يكيل الانتقادات للمكتب الجديد محذرا مما أسماه عودة النظام السابق في حلة جديدة.