تونس – الطقس: ليل شديد الحرارة مع ارتفاع درجات الحرارة إلى 35 درجة مئوية    توجيه جامعي 2025: الدليل الرسمي متاح ابتداءً من يوم الإثنين 21 جويلية 2025    قبلي: المركز الفني للزراعات الجيوحرارية يعتزم إحداث وحدة تابعة له بالجهة (رئيس مجلس ادارة المركز)    هام/ بالأرقام نسبة امتلاء السدود الى غاية 18 جويلية الجاري…    سيدي بوزيد: الاتحاد الجهوي للشغل يطالب بتحسين وضع قطاع النقل بالجهة    الوحدة المختصة للحرس الوطني تفوز بالمرتبة الثانية في مسابقة عالمية للرماية بالسلاح الناري في الصين    السفارة اليابانية تقلّد تونسيين وسام الشمس المشرقة    صور تجمع ميسي مع ميا خليفة تثير جدلا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي    عاجل/ حركة "أوفياء للوطن" توجه هذه الرسالة الى رئيس الجمهورية…    عاجل/ زبير بية يترشح لرئاسة النجم الساحلي..    هام/ وزارة التعليم العالي تكشف عن روزنامة السنة الجامعية 2025 /2026    جملة من الإجراءات للتوقي من مرض الجلد العقدي لدى الأبقار    عاجل: صفقة جديدة لتعزيز وسط ميدان النادي الإفريقي    عاجل/ عملية دهس في مدينة أمريكية..وهذه حصيلة الضحايا..    ترامب يحذر: بريكس "ستنهار سريعا" إذا شكلت يوما ما أي كيان فاعل    عاجل: البرلمان يصادق بالإجماع على قانون استثنائي لتوظيف هؤلاء    دليل التوجيه الجامعي يُتاح النهار هذا.. حضّر روحك    مسرحية "لاموضى" تحصد ثلاث جوائز ضمن مهرجان "ليالي المسرح الحرّ" بالأردن    بعد فضيحة ظهوره وهو يحتضن احدى الموظفات خلال حفل: شركة "Astronomer" تتخذ هذا الاجراء ضد رئيسها التنفيذي..#خبر_عاجل    هاو شنوّة يفسد التليفون في الصيف وكيفاش تحميه؟    كيفاش تحمي البيسي متاعك من السخانة؟    بدّل الجافيل بحاجات طبيعية تنظف وتفوح!    رغم مرور 10 سنوات من البطالة.. عاملات مصنع نسيج يناشدون الهياكل المعنية للحصول على مستحقاتهن المادية    افتتاح المقر الجديد لمركز علوم وتقنيات التراث بالحلفاوين    اتصالات تونس والنادي الصفاقسي يعززان شراكتهما الاستراتيجية لثلاث سنوات إضافية    2.7 مليون قنطار من الحبوب: باجة تُنعش الأمن الغذائي الوطني    السجن 8 سنوات لمسؤول سابق في قضية فساد بالصناديق الاجتماعية    بعد النزول بمعدل القبول ل 14... التعليم النموذجي وحتمية إعادة الهيكلة    تونس: كميات الحبوب المجمّعة تتجاوز 11 مليون قنطار حتى 17 جويلية 2025    صفاقس: تزويد المركز الصحي الأساسي الوسيط بتجهيزات طبية متطورة    الصادق المورالي يشرف على جلسة عمل لمتابعة إعداد ميزانية وزارة الشباب والرياضة لسنة 2026    من الأكشن إلى الكوميديا: أحدث الأفلام الجديدة على "نتفليكس"..    تنبيه هام لمستعملي الطريق الجهوية 36: غلق جزئي وأشغال توسعة بمفترق ميامي    عاجل/ استشهاد 29 فلسطينيا من طالبي المساعدات في غزة بنيران إسرائيلية..    20 سنة سجن وغرامة مالية لمهاجر تورّط في تهريب الكوكايين عبر ميناء حلق الوادي    كيف تبني علاقة صحية مع طفلك؟ إليك 6 نصائح بسيطة وفعّالة    شراكة تونسية – عراقية لفتح أسواق دوائية جديدة وتعزيز السيادة الصحية    الرئاسة السورية تعلن "وقفا شاملا لإطلاق النار" وتحذر من خرقه    ترامب: الإفراج عن 10 رهائن إضافيين من غزة قريبا    واشنطن: اتفاق بين إسرائيل وسوريا على وقف إطلاق النار    جلسة عمل بولاية تونس لمتابعة تنفيذ 3 مشاريع معطلة    الرابطة الأولى: اليوم سحب رزنامة الموسم الجديد    النادي الافريقي ينفي انهاء التعاقد مع المدرب محمد الساحلي    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات - منتخب المغرب يبلغ المربع الذهبي بفوزه على نظيره المالي 3-1    اليوم: الحرارة تصل إلى 44 درجة    في يوم شديد الحرارة...الحماية المدنية تُحذّر    تاريخ الخيانات السياسية (19) الرّاوندية يتخذون المنصور إلاها    الشيخ العلامة يونس بن عبد الرحيم التليلي (فريانة) .. موسوعة علوم ومعارف عصره    استراحة صيفية    صابر الرباعي يختتم فعاليات الدورة 44 لمهرجان العبادلة الدولي بسبيطلة    عاجل: للقادمين من تونس نحو المروج: تغييرات في المسالك المرورية نهاية الأسبوع    الستاغ تضع حزمة اجراءات جديدة لتسريع دراسة وربط محطات الطاقة الشمسية الفولطاضوئية    وزارة الفلاحة تعلن عن فتح موسم جني الحلفاء في هذا الموعد    لطيفة العرفاوي حول حفلها في عيد الجمهورية: "هذا شرف لي"..    الموسيقار محمد القرفي يفتتح مهرجان قرطاج الدولي بعرض "من قاع الخابية"    مهرجان قرطاج 2025: انتقادات قبل الانطلاق وسجالات حول البرمجة وسط تطلع لتدارك العثرات    في سهرة مشتركة على ركح الحمامات: "سوداني" و"جذب" يحلّقان بالجمهور بين البوب والإنشاد الصوفي    أستاذ تونسي يُفسّر ''ناقصات عقل ودين''    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار الانقلاب الفاشل في تونس
نشر في الوسط التونسية يوم 12 - 02 - 2013

أكثر الانقلابات العسكريّة والسياسيّة تحاك في الخفاء وتُنفّذ بغتة، أمّا اليوم فالانقلابات تجري أمامنا وفق خطط مكشوفة. والمفاجأة أنّ هذا النوع يحقّق رغم علنيّته بعض المكاسب ولعلّه يقترب في تونس من النجاح النهائيّ في حالة الإطاحة بشرعيّة الصندوق وتقديم الحكم للانتهازيّين الذين يتحيّنون الفرص للانقضاض على السلطة بمشروعيّة مزيّفة تسمّى التوافقيّة... وبعد الاغتيال، اخترعوا 'شرعيّة الدم' متسلّحين بالصندوق الذي نقل بلعيد إلى مثواه الأخير. صندوق أو نعش سارت خلفه حشود كبيرة تمّ استثمارها في مختلف الحوارات التي أقيمت على هامش الجنازة وكأنّها بيعة شعبيّة للمعارضة التي تنادي بانتهاء شرعيّة صناديق الانتخاب. وهم بذلك دعاة فراغ بخطّة فاشلة رغم الدعم الأجنبيّ الذي ساندها.
عبد الرزاق قيراط-صحف-الوسط التونسية:
يشمل النقل المباشر اليوم كلّ الأحداث الخطيرة التي يمكن أن تغيّر مصير الشعوب. وكما شاهدنا على شاشاتنا تفاصيل الحرب على العراق وعلى غزّة ...، نقلت لنا الفضائيّات المقتدرة على الهواء أطوار الثورات السلميّة من تونس إلى البحرين ومازالت تقذفنا بحوادث الثورة الدمويّة في سوريا كما فعلت مع أختها في ليبيا.
والجديد في هذا النوع من المواكبة الإعلاميّة الآنيّة يأتي من تونس وهي تعيش على وقع المؤامرات الانقلابيّة في انسجام عجيب مع مؤامرات من جنسها تعمل على إدخال مصر في الفوضى.
لقد كانت أكثر الانقلابات العسكريّة والسياسيّة تحاك في الخفاء وتُنفّذ بغتة، أمّا اليوم فالانقلابات تجري أمامنا وفق خطط مكشوفة. والمفاجأة أنّ هذا النوع يحقّق رغم علنيّته بعض المكاسب ولعلّه يقترب في تونس من النجاح النهائيّ في حالة الإطاحة بشرعيّة الصندوق وتقديم الحكم للانتهازيّين الذين يتحيّنون الفرص للانقضاض على السلطة بمشروعيّة مزيّفة تسمّى التوافقيّة... وبعد الاغتيال، اخترعوا 'شرعيّة الدم' متسلّحين بالصندوق الذي نقل بلعيد إلى مثواه الأخير. صندوق أو نعش سارت خلفه حشود كبيرة تمّ استثمارها في مختلف الحوارات التي أقيمت على هامش الجنازة وكأنّها بيعة شعبيّة للمعارضة التي تنادي بانتهاء شرعيّة صناديق الانتخاب. وهم بذلك دعاة فراغ بخطّة فاشلة رغم الدعم الأجنبيّ الذي ساندها.
وبعيدا عن العواطف الحزينة والمشاعر الغاضبة التي رافقت الساعات الأولى من حدث الاغتيال والتي أخمدت صوت العقل وأزاحت العقلاء من المشهد الإعلاميّ، يتوجّب على النخبة السياسيّة الاعتراف بفشلها فشلا ذريعا في التعامل مع ذلك المصاب بالمستوى المطلوب من التعقّل والحكمة. فقد وقعت مرّة أخرى في فخّ حب الظهور والبروز للاستفادة من جريمة سياسيّة سرعان ما وُظّفت لتحقيق المكاسب الحزبيّة ودم الفقيد لم يجفّ بعد. كنت أتمنّى شخصيّا أن يعتذر كلّ السياسيّين عن الذهاب إلى ساحات الوغى والغوغاء التي دأبت قنواتنا التونسيّة على فتحها. كان عليهم أن ينتظروا يوما أو يومين احتراما لتلك الروح التي أزهقت بيد غادرة لا تحبّ الخير لهذا الوطن، فيكتفوا بتصريحات مقتضبة وينأوا بأنفسهم عن التراشق بالتهم وتصفية الحسابات كما حدث على التونسيّة ونسمة وحنبعل والوطنيّة، بالإضافة إلى فرانس 24. ولكنّ ما حدث في تلك القنوات كان على الأرجح حلقة مخطّطا لها تابعة للحلقات التي سبقتها والتي ستعقبها في مسار المؤامرة التي تستهدف ثورة الشعب التونسيّ المسالم. والخطّة قيد التنفيذ على الهواء مباشرة في شكل صراع بين فرقاء تجمعهم أحزاب تتنافر حينا وتجتمع حينا آخر في جبهات وتحالفات، وتنقسم اليوم إلى قوى ديمقراطيّة تقدّميّة، وأخرى رجعيّة ظلاميّة حسب المعايير الفرنسيّة التي دخلت على الخطّ بعد مقدّمات ذكرناها منذ شهر في هذه الزاوية تحت عنوان: حرب في مالي وتونس على القائمة.
تونس المستعمرة
بعد أن شوّه برنامج 'المبعوث الخاص' على فضائيّة فرانس2، (قبل شهر) صورة تونس بمغالطات لا حصر لها، في بادرة استباقيّة أو تمهيديّة أو توليديّة للجريمة التي وقعت، كشفت عمليّة اغتيال بلعيد الموقف الفرنسيّ المعادي لثورة الشعب التونسيّ بشطب تونس من قائمة بلدان الربيع العربي، وكأنّ فرنسا حارسة لذلك الربيع او راعية له أو عاملة على إنجاحه، وهي التي ساندت بن علي إلى آخر رمق في نظامه. وفي سياق زلّة اللسان التي وقعت فيها قارئة الأخبار على فرانس 24 فوصفت تونس بالمستعمرة، تحدّث وزير الداخليّة الفرنسي إيمانيال فالس عن تونس وكأنّها مقاطعة تابعة لبلاده، فقال:'إنّها لم تعد مثالا للربيع العربيّ' وألحقها بقرار منه بالبلدان الظلاميّة التي تهدّد القيم الديمقراطيّة في تونس وفي حوض المتوسّط، وتجعل باريس في حالة انشغال وقلق. والأخطر من كلّ ذلك أنّه طمأن الصحفيّ من (إذاعة أوروبا الأولى) بأنّ 'فرنسا ستساعد القوى الديمقراطيّة' حتّى تعيد البلاد إلى الجادّة الصحيحة وتنقذ مسارها من الأخطار التي تهدّد استقرارها، فتونس سقطت في قبضة 'القوى الرجعيّة التي تشكّل خطرا على مكاسب النساء وتجبرهنّ على التحجّب' على حدّ قول هذا الوزير المتحامل، حمّال الحطب.
الصحفيّ الذي حاور الوزير حوّل تونس إلى بلد يعيش وضعا مشابها لمالي أو سوريا وتساءل عن مصير اللاجئين التونسيين الذين سيفرّون من الحرب أو الظلام أو الحجاب أو الخطر الداهم الذي قد يكون ديمقراطيّة وتحرّرا من كلّ أشكال الهيمنة السابقة التي كانت فرنسا حارسة لها، فقال الوزير مطمئنا للصحفيّ وللتونسيّين: 'فرنسا كانت ومازالت، أرض غوث وحماية'. كلام خطير كهذا، لم يغضب، وسائل إعلامنا الوطنيّة، فمرّ دون ضجيج يذكر، وأهملت ردّ وزير الخارجيّة الذي شاهدناه على الجزيرة فقط. وبنفس الإهمال، تجاهلت 'القوى الديمقراطية' ذلك التدخّل بصمت مطبق والسكوت من علامات الرضا. وكلّ ذلك يكشف مدى التنسيق بين فرنسا راعية الديمقراطية و'معارضتنا الوطنيّة التقدميّة الحداثيّة' التي تصلح دون غيرها لحكمنا وتطمع في الوصول إلى ذلك بواسطة النعوش الانتخابيّة والعروش الأجنبيّة.
مواهب من باريس
مواهب المعارضة وفرنسا وإعلامها في تونس وفرنسا لا تتوقّف عند ذلك الحدّ، لذلك نعرّفكم بالسيّدة مواهب مصباح، التي تكلّمت من فرانس 24 الناطقة بالفرنسيّة، القناة المناضلة مع بلدان الربيع العربي العاملة على خرابها عاجلا لا آجلا. تكلّمت هذه السيدة الموهوبة وهي ناشطة في حزب تقدميّ ديمقراطي بالمعيار الفرنسي، فعلّقت على حدث الاغتيال، ثمّ بثّت نداءها المستغيث قائلة بالحرف الواحد:' ندائي لفرنسا التي تساند الديمقراطية في مالي، فرنسا التي تقاتل الإسلاميّين في مالي، لقد حان الوقت لتنظر إلى ما يحدث في تونس: نفس الإسلاميين ونفس الجهاديين ونفس السلفيين الذين يتواجدون في مالي يعيشون في تونس أيضا'.
هكذا تتعالى أصوات تونسيّة مطالبة من فرنسا التدخّل المباشر في تونس على شاكلة تدخّلها في مالي بالطائرات والقنابل لمطاردة التونسيين على أرضهم.. فهل توجد هذه الفصيلة عندكم أيّها القرّاء من المحيط إلى الخليج. هل لديكم مواهب تحنّ إلى سطوة المستعمر الغاشم.؟! نرجو أن لا يكون في أرضنا العربيّة مواهب كثيرة على شاكلة 'المتردّية' مواهب مصباح التي تريد العودة بتونس الخضراء إلى ظلمة القهر والاستعمار بدعوى الخوف علينا من 'الظلاميين'، ونتمنّى لها السير على هدى مصباح عقلها، هي والقوى المعارضة الواقفة على أطلال فرنسا.
كاتب تونسي
-صحيفة القدس العربي - 11 فبراير 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.