وسط جدل ساخن في الغرب حول الحجاب والنقاب، قالت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي": إنها لا تمنع عمل مقدمات نشرات ومذيعات محجبات، غير أنها اعتبرت الموقف مختلفًا بالنسبة للاتي يرتدين النقاب. وقال نائب المدير التنفيذي ل"بي بي سي" مارك بايفورد في تصريحات لصحيفة دايلي تليجراف الأحد 29-10-2006: "طالما أن ارتداء الحجاب لن يؤثر على التزامنا الأساسي بتقديم الأخبار والمعلومات لمشاهدينا ومستمعينا فإننا نحترم ذلك الوضع.. وهذا هو معيارنا". وأضاف بايفورد المسئول عن قطاع الأخبار في "بي بي سي" أن وظيفة الهيئة الأساسية هي "نقل المعلومات وتوصيل الرسالة الإعلامية للجمهور المستهدف، وطالما أن ذلك الهدف سيتحقق، فلن نرفض عمل المحجبات في وظيفة التقديم". وتابع قائلاً: "لا يجب أن يقف الزي أو الملبس حائلاً أمام تلقي المشاهدين المعلومات بأسلوب واضح وفعّال". أما فيما يتعلق بالنقاب فقد شدّد بايفورد على أن الوضع سيختلف تمامًا بالنسبة له. وقال: "لو تمت تغطية الوجه تمامًا كما في النقاب، فهذه قضية أخرى ومختلفة"، دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل. ويري مراقبون أن "بي بي سي" أرادت بهذه الخطوة أن تنفي عن نفسها اتهامات بالتفرقة والتمييز بين العاملين بها، خاصة أن لجنة تكافؤ الفرص البريطانية "إي أو سي" ذكرت أن الكثيرات من المسلمات البريطانيات يواجهن تمييزًا عنصريًّا في الوظائف وعقوبات عنصرية لمجرد أنهن يرتدين الزي الإسلامي. وأظهرت دراسة أجرتها اللجنة حول تلك النظرة العنصرية أن 90% من النساء، خاصة ذوات الأصول الباكستانية أو المهاجرات من بنجلاديش يحصلن على أجور متدنية ويعانين من معدلات بطالة مرتفعة. وفيما يتعلق بالاتهامات التي ترددت حول تحامل "بي بى سي" وتحيزها ضد الإسلام قال بايفورد: "لا أعتقد أننا نفضل المسيحية على الإسلام.. فنحن نعكس رسالة إعلامية تخاطب كل المعتقدات الموجودة بالمملكة المتحدة". وقبل أسبوع اتهمت بعض دوائر الرأي العام مسئولي "بي بي سي" بالانحراف عن شعار التعددية الثقافية الذي ترفعه. ودافع بايفورد عن "بي بي سي" بقوله: إنهم أجروا حديثًا مع متحدث باسم حركة طالبان، مشيرًا إلى أن "المعايير المهنية هي التي تحكم العمل الإعلامي". واستطرد قائلاً: "أعتقد أن إجراء هذا الحوار يُعَدّ عملاً بارزًا أؤيده 100%، وتم التعامل معه بمهنية ومسئولية". جدل حول النقاب يأتي موقف "بي بي سي" في وقت تصاعدت فيه حدة الجدل على الساحة الأوروبية بشأن النقاب والحجاب بعد التصريحات المثيرة للجدل التي أطلقها رئيس مجلس العموم البريطاني جاك سترو. وكان سترو قد قال في مقاله الأسبوعي بصحيفة لانكاشاير إيفنينج تيليجراف (وهي صحيفة محلية بدائرة سترو الانتخابية) الخميس 5-10-2006: إنه طلب من عدد من النساء المسلمات خلع نقابهن حينما كُنّ يزرنه بموقع عمله، وأوضح أن النقاب يمكن النظر إليه على أنه "تعبير واضح عن الانفصال والاختلاف، كما أن بعض المسلمين يقولون بعدم فرضيته على المرأة". غير أسقف كانتربري (الكنيسة الإنجليكانية البريطانية) روان وليامز انتقد تدخل الحكومة البريطانية فيما يتعلق بارتداء المواطنين لرموزهم الدينية، معتبرًا أن من حق المسلمة ارتداء النقاب ومن حق المسيحي ارتداء الصليب. وأشار إلى خطورة أن تحدَّ الحكومة من الحريات الدينية لمواطنيها، محذرًا من أن تتحول إلى "سلطة ترخيص" تقرر أي من الرموز الدينية يعتبر مقبولاً. وعقب تصريحات سترو التي أيدها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ومسئولون آخرون، خرج رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي ليهاجم النقاب داعيًا المسلمات المهاجرات إلى عدم إخفاء وجوههن إذا ما أردن الاندماج في المجتمع. ويقدر عدد المسلمين في بريطانيا بنحو 1.8 مليون نسمة، أي ما يعادل نحو 2.7% من إجمالي عدد السكان البالغ حوالي 60.6 مليون نسمة.