ما من شك أن كل المعطلين عن العمل من أصحاب الشهادات يعانون اليوم بعد عجز سلط الإشراف عن حل مشكلة البطالة نفس الظروف الحياتية واليومية خاصة مع غياب العمل الذي بإمكانه أن يقيهم شر الحاجة والسؤال.فجميعهم بلا سكن ،بلا أمل ،تائهون في أزقة الشوارع التي ملت مرورهم مستجدين ليلة نوم هادئة عند أحد الأصدقاء أو أحد أفراد العائلة الذي مل وجود قريبه المعطل مع زوجته في المنزل أو مع أحد شقيقاته وسماع "خليلي دينار غدوة عندي entretien ".و البحث عن أحد الأعراس التي لازال أهلها يقدمون الأكل للحضور أو مأتم من المآتم الكثيرة التي تعلن "نهاية البداية وزوال الرائحة النتنة التي لوثت الفضاء الخارجي بعد اغتيال العقل ،عقل الإنسان" كان يتساءل دوما عن نهاية البداية التي لطالما انتظرها؟ماذا لو مات أحد أفراد عائلته؟ماذا وماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.بالأمس وجد إجابات كثيرة عن تساؤلاته المتكررة،هاتف من شقيقه: مات الوالد مات الأمل، الذي كان يطهر الهواء من نتانة الإنسان من حقارته،من انتهازيته،ومن سوقيته وضعفه،ماتت الحقيقة معه ومات معه السؤال الأهم الذي طالما راود الزميل:لماذا أتى به للوجود؟. يقول زميلي،مات وهو ينتظر معي برقية التعيين من وزارة التربية والتكوين ليفرح ،مات متألما مثلما سهر الأيام علي متألما،البداية حزن ونهايته حزن،لا لحضور أجله فهو رجل مؤمن بالله لكن لأنه أب فرحه من فرح الأبناء وحزنه كذلك،كنت أتمنى وأنا أنتظر إنسانية الإنسان في برقية تعيين أن أرد الجميل ولو بكيس شاي أو غير ذلك من أبسط الأشياء،وكنت أرى حنينه لذلك في كل الزيارات القليلة إلى المنزل منذ 6 سنوات أي منذ أن سمع زغاريد أمي وشقيقتي لحصولي على الأستاذية في الرياضيات.ولكن الحلم كنت أراه يحتضر مع احتضاره.على فراش الموت كانت الابتسامة التي افتقدناها نحن أبناءه ومعها كان سؤال آخر ما معنى تلك الابتسامة لرجل يموت وأحلام وآمال تموت؟. يقول زميلي أنه الوحيد الذي فهم مغزى تلك الابتسامة كان يحدثنى عن الأمس المليء بالتأوهات وكان يعلمني أن الغد تنحته الأيادي والعقول التي لاتزال تصد وهن الأمس والغد المستحيل .كان يقول لي لا تؤمن بالمستحيل ومعركتك معهم لن تنتهي طالما أنا أرى التحدي في عينيك ومرارة اللحظة في تيبس ريق شفتيك. امضي كما شئت ولكن رسالتك "أمك" فلا تدعها تموت كما مت ولا تدع أحلامها وفرحها ينتهيان كما انتهيت.فهي الوحيدة التي تمتلك عنواني فخذه منها متى شئت زيارتي لنواصل فرحنا معا ،قد يغتالوا العقل والإنسان في الإنسان ولكنهم لن يغتالوا الخير فينا وحب الاباء للأبناء .وهن الماضي معركة خاضها الضعفاء وعنفوان المستقبل معركة تنتهي كلما سطر لها الإنسان ما يراه لأخيه الإنسان.كان يبتسم لأنه يعلم أني ضاعفت التحدي منذ عجزت عن شراء كيس الشاي وحذاء الجبل ولحاف الكفن وأجرة الكفان. فرحم الله أب خميس المقصودي أستاذ الرياضيات وأسكنه فسيح جنانه ورحم الله الإنسان عندما ينتهي كما سطر له الإنسان.