الشباب هو أمل الأمة وعدتها في الحاضر والمستقبل و هو من سيعيش المستقبل، وهو من سيواجه تحدياته التي غالبا ما تكون نتائجها غير مسؤول عنها و لم يساهم في إحداثها، و لضمان مستقبل مستقر و آمن لهؤلاء بادرت الندوة العالمية للشباب الإسلامي ضمن مؤتمرها العاشر في القاهرة بالتركيز على الشباب والمستقبل، حضره أكثر من 700 شخصية إسلامية وعالمية من99 دولة قدمت خلاله أكثر من أربعين بحثاً ودراسة تغطي اغلب مشاكل الشباب والحلول العملية الكفيلة لحلها خاصة البطالة والمخدرات والجريمة والإيدز والغزو الثقافي والفكري. لقد افتتح الدكتور صالح بن سلمان الوهيبي الأمين العالمية للشباب الإسلامي المؤتمر بالشكر والتقدير لشيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي ولوزير الأوقاف المصري محمود حمدي زقزوق والأمين العام لجامعة الدول العربية ووزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ لرعايتهم لهذا المؤتمر ورحب بجميع المشاركين والحاضرين ، وشخص المعوقات والتحديات والمشاكل التي تواجه الشباب وترك لفعاليات المؤتمر تلمس الحلول الفعالة والملائمة لتفعيل دورهم في المستقبل من خلال البحوث والدراسات المقدمة. و بين المشير عبد الرحمن سوار الذهب رئيس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية أن الندوة العالمية للشباب الإسلامي تتحمل عبئًا ثقيلاً لأنها تحتضن وتتوجه لأهم شرائح المجتمع المسلم وهم الشباب الذي يواجه غزوًا ثقافيا فكريًا و وسياسيا تسخر له إمكانيات إعلامية ضخمة شرسة لا تقل في خطورتها عن الأسلحة الفتاكة ذات التدمير الشامل والتي دخلت إلى مجتمعاتنا عبر الفضائيات والانترنت وغيرها دون استئذان، وقال:" إن التحدي يقتضي علينا مواجهته بتنفيذ عديد من السياسات لوقف هذا الغزو بتزويد الشباب بثقافة واعية محصنة بأفكار وآراء علمائنا ترسخ العقيدة الإيمانية في أذهان أبنائنا بصورة غير قابلة للاهتزاز..." وفي كلمة عمرو موسى- أمين عام الجامعة العربية- التي ألقتها السيدة "ننسي بكير" نيابة عنه أكد أن الجامعة أيقنت منذ وقتٍ مبكر أن الشباب هو رأس المال البشري الذي يملكه وطننا العربي، وأن مجابهة أي تحدّ ٍ تواجهنا في سبيل بناء المستقبل المنشود لا يكمن أن يتم دون بناء إنسان عربي متوازن فكريًا وجسديًا..وشدد موسى على أن الإنسان العربي هو وسيلة التنمية وغايتها في المفاهيم المعاصرة، فقوة الأمم لا تُقاس بما تملكه من إمكانيات مادية أو موارد طبيعية فحسب، بل إن القوة البشرية هي أهم العوامل المؤثرة في تقدم أي أمة وتطورها. وأضاف موسى أن الشباب يمثل نصف الحاضر وكل المستقبل، وبقدر ما نرعاه الرعاية السليمة وما نوفره له من إمكانيات، وبقدر ما نشركه في التخطيط،، بقدر ما يكون قادرا على التفاعل بإيجابية مع قضايا أمته و قضايا عالمه. وأشار الشيخ القرضاوي إلى أن الشباب هو عماد الصحوة المعاصرة التي يشهدها العالم في الشرق والغرب، حيث يعد الآن من عمَّار المساجد بعد ما كان الشيوخ مُعمِّروها في الماضي، وهو غالبية حجاج بيت الله الحرام ومعتمروه بعد ما كان قصرًا في القديم على الشيوخ، وأضاف الشيخ أن الشباب هو عُدة الجهاد في فلسطين، ويضحي بنفسه في سبيل دينه وقضايا أمته، ودعا العلماءَ والشيوخ إلى البحث عن السُّبل وتوفير الحلول لإخراج الشباب من الاحباطات المفروضة عليه سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا. وبين أن زيادة السكان هو إضافة قوة للأمة المسلمة منحها الله إياها وليس عالةً أو نقمةً من الله، ولكنها منحة تتطلب حسن التوظيف والاستثمار، مشيرًا إلى أن الصين التي وصل عدد سكانها إلى ما يزيد عن المليار نسمة، أصبحت أمةً منتجة تصدر منتجاتها إلى جميع أنحاء العالم. وأكد الشيخ القرضاوي أن الاستفادة من الشباب وتفجير طاقاته لن يكون إلا بالإيمان الذي لو قمنا بتأصيله ما استوردنا شيئًا من الخارج، ولاستطعنا أن نثبت أن هؤلاء الشباب هم عماد الأمة وليس على هامشها، وذلك لن يكون إلا بالائتلاف وليس بالاختلاف. وطالب السيد كامل الشريف- الأمين العام للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة- حكامَ العرب والمسلمين بضرورة إدراك حقيقة المخطط الغربي الذي تتزعمه الولاياتالمتحدةالأمريكية لملاحقة الإسلام والمسلمين وقال: إن بعض المنظمات الإسلامية و الإغاثية وقعت ضحية الهجمة التي تحركها بعض دول الغرب الماكرة، والتي تهدف إلى تعطيل وملاحقة كل عمل إسلامي، ولذلك علينا أن نلفت نظر حكامنا إلى هذه الحقيقة وأن يكون لنا أجندة لمواجهة الأجندة الغربية، وشدد على ضرورة أن يلعب الشباب المسلم دورًا فاعلاً في مواجهة هذه الهجمة التي حيكت بليل.كما شدد -الشريف- على ضرورة تبني مفهوم وسطية الإسلام ونشره بين الشباب حتى نجنِّب شبابنا الذي اختلطت عليه الصورة الانزلاق، ونعلمه أن دم المسلم على المسلم حرام، ولذلك علينا أن نعيده إلى هذه الحظيرة، وخاصةً وأننا بالفعل لدينا قناعة بالرغبة في التفاهم مع الآخر، وقال إن وسطيتنا لا تقف عند حدِّ الدين فقط وأنها في كل أمورنا الحياتية .. كما نبه وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد و رئيس الندوة العالية للشباب الإسلامي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ إلى الظروف الحالية التي تعيشها المجتمعات الإسلامية سواء على مستوى قضاياها الداخلية أو على مستوى علاقاتها بالمجتمع الدولي مشيرا إلى أن الشباب هو عماد الأمة ومصدر قوتها وعزتها وبناة نهضتها الدينية والثقافية والحضارية، وقال:" نتج خلل في تفكير كثير من الشباب وتحول غير حميد في السلوك والأخلاق والمنهج بين غلو وجفاء و إفراط وتفريط وهذا ما نراه اليوم ماثلا أمامنا في ظهور سلبيات كثيرة في تصرفات الشباب وعلاقاته واهتماماته وأفكاره ونفسيته مما يعظم المسؤولية على الجميع للاهتمام بالشباب والعمل على حفظ هويته الدينية والفكرية واحتوائه بالبرامج المتنوعة النافعة المدروسة التي تستثمر طاقاته على تنوعها وتملا فراغاته بالنافع المفيد وترتقي بتفكيره وتطور قدراته وتصقل مهاراته ليكون لبنة قوية في البناء الاجتماعي. وبين الدكتور محمد سيد طنطاوي- شيخ الأزهر- على أن المؤتمر فرصة ليتلاقى العلماء والشباب و ليتعاونوا على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان في ظل المحبة الصادقة، تعاون و تحاور في كل ما من شأنه أن يسعد أمتنا فالعقول الإنسانية كمثل الثريا التي نراها من حولنا كلما تضامنت وتلاصقت كلما زاد ضوءُها وعمَّ نورها، داعيًا الله تعالى أن يجعل هذه اللقاءات في ميزان حسنات المشاركين جميعًا، وقال: إننا لم نجتمع من أجل شهوة عابرة أو منفعة زائلة إنما التقينا من أجل خدمة ديننا وأمتنا، وهذه اللقاءات دعت إليها شريعة الإسلام لأن فيها التعاون والتساند والوحدة التي وصف الله سبحانه وتعالى بها الأمة الإسلامية بأنها أمة واحدة. وتناول المؤتمر عدة مواضيع حيث توزع المشاركون على عدة ورشات عمل سعوا من خلالها إلى تبادل وجهات النظر وأوجه الاستفادة من تجارب المؤسسات الشبابية المشاركة، وسبل وتوطيد التنسيق والتعاون بصياغة مشاريع ثقافية وإعلامية مرتكزة على الثقافة الإسلامية تسعى لتحصين الشباب والنشئ من الغزو الثقافي وملوثات الأفكار والقيم بحيث يكون الشاب محصنا بقيم أمته العربية والإسلامية. وأكدوا في توصيات المؤتمر على ضرورة إشراك الشباب في العمل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وفي العمل العلمي والتكنولوجي والفكري لمواجهة مظاهر التخلف وللتسلح بالعمل والمعرفة و دعم الشباب في مواجهة ما يقابله من تحديات ضخمة تطول ظروف حياته ووظيفته وأسرته. و حث المؤتمر الشباب على تعزيز روح العمل الجماعي وتبادل الخبرات فيما بينه بعمق ونشر روح التفاهم والحوار والانفتاح والتعايش في كنف احترام الحرية بما يخدم ويعزز مكانته في النفوس وينشر الدعوة الإسلامية ويبرز دور الحضارة الإسلامية في مختلف فروع العلم والمعرفة و أثراء الحضارة الإنسانية. * مدير المركز الثقافي الاجتماعي بهولندا 30-11-2006-10 ذو القعدة 1427 ه المصدر :